«مصارعة» حكومية بقفازات مخملية.. هل تطيح اللكمات بالمبادرة الفرنسية؟

يبدو لافتا الغموض الذي ينتهجه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة مصطفى أديب، لجهة أنه لم يعط القوى السياسية المعنية بالتشكيل “لا حق ولا باطل” لجهة عما إذا كان هو من سيسمي وزراء حكومته ويعرضها على هذه القوى لإبداء رأيها، أو أنه سيطلب منهم تسمية شخصيات ليختار منهم فريقه الوزاري، كما أن الغموض هو نفسه لناحية إذا كان سيقبل “بنصيحة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون” بتأليف حكومة موسعة من 24 وزيرا من التكنوقراط المسيسين.

ما يمكن التوقف عنده في هذا الاطار ما تم تسريبه من اللقاء الذي جمع الرئيس أديب مع “الخليلين” (المعاونان السياسيان لكل من الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله) اللذين لفتا بعد اللقاء إلى أنهم “لم يفهموا” أي أسلوب سيعتمد الرئيس المكلف لإنجاز التركيبة الحكومية، علما أن “عداد الوقت” الذي يحمله المراقبون الفرنسيون الموجودون في لبنان لرصد عملية التشكيل والعقبات التي تعترض مسارها، يظهر أن نصف المدة التي وضعها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإبصار الحكومة النور (إسبوعان ) قد إنقضى نصفها وأن العين على ما ستحمله نصف المدة الباقية من مؤشرات.

اقرأ أيضاً: متى يكتشف الفرنسيون ألاعيب السياسيين اللبنانيين؟!


هذه الحيرة التي يعيشها من يعنيهم أمر التأليف، لا يعفيهم من أنهم مسؤولون بشكل أو بآخر عن هذا الغموض، فهم يبرعون في التسويف والمماطلة إلى أن تصل الامور إلى الربع الساعة الاخيرة التي تمكنهم من نيل ما يريدون من مطالب وحصص، وهذا النهج إتبعوه سابقا ومستمر إلى الان لجهة تمسك الثنائي الشيعي بالتوقيع الثالث (عبر وزارة المالية) أو محاولات الانقلاب على جوهر الاتفاق (رغبة الرئيس عون بحكومة موسعة تكنوقراط – سياسية ) بالرغم من التناقص المستمر لمكانة دوره وتياره السياسي سواء خارجيا (إعتبار المجتمع الدولي بأنه مسؤول مع باقي الافرقاء عن الدرك الاسفل الذي وصل إليه لبنان وليس حكما بين اللبنانيين) وداخليا الفشل المدوي الذي حصده وتياره في كثير من الملفات والوزارات التي تصدى لها وأبرزها ملف الكهرباء وآخرها سد بسري.
كل ما سبق يعني أن هناك كباشا بقفازات مخملية بدأ يشتد بين الرئيس المكلف مستندا إلى المبادرة الفرنسية وبين القوى السياسية اللبنانية التي تريد تفريغ هذه المبادرة من مضمونها للحصول على حصصها الحكومية، فهل تصل إلى مبتغاها فيبدي الفرنسيون والاميركيون بعض المرونة أم أن الثمن سيكون باهظا وتتسبب لكمات القوى السياسية المتلاحقة للمبادرة الفرنسية بإعتذار أديب وإدارة المجتمع الدولي ظهره للبنان مجددا ؟

رياض طبارة
رياض طبارة

أنياب الحصص

يوافق المراقبون على أن الصراع على الشكل والنهج الحكومي القادم دخل في مرحلة الجد، وأن القوى السياسية خلعت دور الحمل الذي لبسته في مرحلة الاستشارات النيابية وكشّرت عن أنيابها لقضم أكبر حصة ممكنة من التركيبة الحكومية القادمة، إذ يرى سفير لبنان السابق رياض طبارة لـ”جنوبية” أن “هناك صراعا حاصلا بين طبقة سياسية لا تريد حصول تحقيقات ولا إصلاحات ولا خسارة لنفوذها ليس لأسباب سياسية فقط، بل لأن فتح ملفات الوزارات سيورطهم ذاتيا أيضا لهذا كانت ردة فعل القوى السياسية قوية جدا”، لافتا إلى أن “الاميركيين أعطوا الضوء الاخضر للرئيس إيمانويل ماكرون لمتابعة المبادرة إلى النهاية وهذا الامر يتم عبر وجود فريق عمل فرنسي في بيروت يراقبون مسارها ويكتبون تقاريرهم، والسؤال عما إذا كانت ستنجح أم لا هذا فأنا أقول أن الرئيس ماكرون مصر عليها ووضع ثقله السياسي في هذه المبادرة، والسياسيون يأملون أن يصبح أكثر مرونة معهم لجهة تطبيقها، ولكني أراهن على أن الاميركيين والفرنسيين مصرين هذه المرة على عدم إنهيار لبنان ولذلك من الصعب أن تسير الامور وفقا لما يشتهيه القوى اللبنانية”.

طبارة لـ«جنوبية»: أديب لن يعتذر .. إلا اذا 


ويختم:”صلابة الرئيس المكلف مستمدة من صلابة الجانبين الاميركي والفرنسي وهو لن يترك تكليفه دون التشاور معهم، وهناك فريقان يتفاوضان وأديب لن يترك قبل أن يأتي القرار الاميركي بأن المبادرة وصلت إلى حائط مسدود وأن الوقت حان لفرض عقوبات على السياسيين اللبنانيين”.

ادغار معلوف
ادغار معلوف

خارطة طريق مقبولة

على ضفة القوى السياسية المشاركة في مفاوضات التأليف، فخطاب ضمان الحصص الوزارية يترسخ يوما بعد يوم، و إن كان شعار “تسهيل ولادة الحكومة لا يزال مرفوعا ، إذ يلفت عضو تكتل “لبنان القوي “النائب إدغار معلوف لـ”جنوبية” إلى أنه “لايمكننا الحديث عن تباين حول شكل الحكومة، فهذا الامر لم نراه إلا على صفحات الجرائد، ليس هناك مواقف رسمية لا من الرئيس المكلف أو من الاطراف التي تساهم في ولادتها”.

معلوف لـ«جنوبية»: حكومة الـ 14 وزير يعني تقصير في أداء وزارات 

ويشرح أن “فخامة الرئيس قدم نصيحة للرئيس أديب بأن تجربة وزراء الاختصاصيين لم تكن ناجحة في حكومة الرئيس دياب، ففي الدولة اللبنانية هناك 23 وزارة وإذا تم تشكيل حكومة (مهما كان إسمها) بعدد 14 وزيرا، فهذا يعني أن هناك وزراء سيتولون حقيبتين”، مشددا على أن “نصيحة الرئيس عون بأن الحكومة المنتجة لا يمكن أن تكون عبر وزير يحمل حقيبتين ، والدليل ما رأيناه مثلا في وزارتي البيئة والتنمية الادارية مثلا فالنتائج لم تكن ناصعة بالرغم من أن الجميع يعترف بكفاءة الوزير دميانوس قطار، وهذا الامر ينطبق أيضا على الوزيرين عباس مرتضى ورمزي مشرفية. وهذه ليست من باب وضع العراقيل، في حكومة 14 هناك وزارات ستكون مقصرة في أداء واجبها تجاه الناس”.
يبدي معلوف تفاؤله بنجاح المبادرة الفرنسية ويقول:”لا بدائل أمام القوى السياسية اللبنانية، وهناك خارطة طريق موضوعة من قبل الفرنسيين وهي مقبولة من الجميع لأنها تطالب بإصلاحات والقوى اللبنانية التي تريد العرقلة عليها أن تقدم البدائل”.
ويختم: “نحن ننتظر ما سيبادر إليه رئيس الحكومة والتيار الوطني الحر لا يضع شروطا و لا نية لدينا بالعرقلة بل مسهلين إلى أقصى الحدود، وعلينا إنتظار موقف رئيس الحكومة الذي لا يزال غامضا و باقي الفرقاءالسياسين”.

الوليد سكرية
الوليد سكرية

حكومة موسعة

يسير عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب الوليد سكرية على نفس موجة معلوف لجهة تفضيل حكومة موسعة وتفاؤله بنجاح المبادرة الفرنسية لكن “بمعظم بنودها” وليس كلها على حد تعبيره إذ يقول ل”جنوبية” :”المبادرة الفرنسية يجب أن تمر وإن لم يكن كليا فعلى الأقل جزئيا، فقانون شراء أصول الدولة يبحث في مجلس النواب قبل المبادرة الفرنسية وإستقلالية القضاء ايضا ومكافحة الفساد، المشكلة هي في آلية تطبيق هذه القوانين وهذه نقطة أساسية تستلزم ضغطا على السياسيين لوضع تعهدات بتطبيق هذه القوانين بشفافية”.

سكرية لـ«جنوبية»:حكومة  تكنوقراط بخلفية سياسية تحتاج الى وقت

يشرح سكرية أن “المبادرة الفرنسية تسير بضوء أخضر أميركي أولا، وقد حيّدت كل المشاكل الاستراتيجية جانبا سواء الانتخابات النيابية المبكرة أو سلاح المقاومة إلى الحرب على العهد”، مشيرا إلى أن “المبادرة دخلت في عملية الاصلاح التي تهم كل المواطنين كمكافحة الفساد وتسوية موضوع مصرف لبنان والقطاع المصرفي والكهرباء، والسياسة المالية وكيفية معالجة الدين العام الذي يبلغ 100 مليار دولار، وبين أن نوزع الخسائر على المصارف والمصرف المركزي والدولة أو أن نحمل كل هذه الخسائر على للمواطن اللبناني وتضطر الدولة إلى بيع أصولها لتسديد هذا جزء من الدين وهذه النقطة هي التي أطاحت بحكومة الرئيس دياب”.

ويعتبر أن “التهديد الفرنسي بحجب المساعدات إذا لم تطبق الاصلاحات، يعني ذهاب لبنان إلى الانهيار، وأعتقد أنه سيتم السير بجزء من هذه المبادرة والنقطة الاساسية هي كيفية معالجة السياسة المالية لأن هذه النقطة ستكون محط خلاف بين القوى السياسية” .
ولفت إلى أن “هناك فرق بين حكومة مصغرة لأن يعني ذلك كل وزير عليه أن يحمل حقيبتين وهذا ما يؤثر على إنتاجية العمل وبالتالي من الافضل أن تكون 23 وزيرا ويكون كل وزير مسؤول عن وزارته”.

ويختم “أما القول بحكومة تكنوقراط فقط فما يجب التنبه إليه أن هناك قرارات سياسية ستؤخذ داخل مجلس الوزراء، فإما أن تكون حكومة تكنوقراط بخلفية سياسية يستطيعون أخذ قرارات تهم الشعب اللبناني، أو سياسيين مطعمين بتكنوقراط وبالتالي البت بهذا الامر يحتاج إلى مزيد من الوقت”.

السابق
عملياب بحث منذ السادسة.. العثور على شابين مفقودين مقابل شاطئ الجية بحالة خطرة
التالي
توقيع اعفاء بدري ضاهر من مهامه ينتظر توقيع عون ..وقرار قضائي مستهجن بنقل حجزه للجمارك!