الفاتيكان يبارك المظلة الدولية فوق لبنان بقيادة فرنسا ورعاية أميركا.. وأول الغيث «عرس الإستشارات»!

ليس عابرا مشهد البابا فرنسيس وهو يحمل علم لبنان ويقبله أثناء صلاته اليوم في ساحة القديس بطرس على نية بلاد الارز طالبا عدم التخلي عنه، بل يحمل معاني مكثفة عن المظلة الدولية التي تُنسج فوق رؤوس اللبنانيين منعا من أن يُطبق عليهم تسويف  مسؤوليهم في إيجاد الحلول للأزمة المستفحلة ويحولهم إلى مشردين في بلاد الله الواسعة يطلبون العون واللجوء.

أضلاع هذه المظلة ليست فرنسا (أمنا الحنون) فقط أو الولايات المتحدة الاميركية الصديقة لفريق كبير من اللبنانيين والتي يحسب لها حساب في السياسة الداخلية والدولية، بل أيضا الفاتيكان بما يمثله من ثقل معنوي ومكانة عالمية وآذانا صاغية حين يقول كلمته في أي ملف ومنها الملف اللبناني، إذ تشير مصادر دبلوماسية لـ”جنوبية” أن البابا فرنسيس أوفد الرجل الثاني في الفاتيكان الكاردينال بياترو بارولين (أمين سر حاضرة الفاتيكان ) لزيارة لبنان خلال اليومين المقبلين للدفع من أجل أن يكون هناك حلولا سريعة للأزمة اللبنانية وعلى رأسها تشكيل الحكومة بشكل سريع.

الفاتيكان توفد رجلها الثاني إلى لبنان

 إذا لبنان ليس متروكا للموت بين براثن المسؤولين السياسيين الذين يحكمونه، بل هناك نشاطا دوليا لافتا تجاهه يصل إلى حد الوصاية (كما يحلو للبعض تسميته) والذي تجلى بنشاط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زياراته في التاسع من آب والاول من أيلول لإحداث نقلة نوعية في وحل الأزمة اللبنانية، من خلال الدفع بتكليف رئيس للحكومة ووضع خريطة طريق إقتصادية وإصلاحية تقنع المجتمع الدولي للمبادرة إلى مساعدته. في حين أن الجانب الاميركي لم يقف مكتوف الأيدي إذ أوفدت الادارة الاميركية عقب إنفجار المرفأ مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد هيل إلى لبنان، والذي أطلق جملة مواقف ومطالب ينتظرها المجتمع الدولي من المسؤولين اللبنانيين لمد يد العون لهم، وغدا يصل إلى لبنان مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد شنكر الذي أعلن منذ ساعات أن “الولايات المتحدة وفرنسا يهمهما لبنان لأنه شريك وصديق قديم جدا للولايات المتحدة”.

توزيع أدوار

 في المقابل يكثر الحديث عن أن هناك إفتراقا وإختلافا في وجهات النظر حول مقاربة الأزمة اللبنانية لجهة إشراك كافة الاطياف اللبنانية في  حكومة الرئيس مصطفى أديب المقبلة و منها حزب الله، في حين ترفض الولايات المتحدة مشاركة الحزب المصنف إرهابي والقابض على كل مفاصل الدولة اللبنانية.

اقرأ أيضاً: الثورة لا تثق لا بحكومة أديب 1 أو دياب 2!

ثمة قراءة أخرى للدورين الفرنسي والاميركي حيال الازمة اللبنانية و كيفية حلها، يلفت إليها مصدر دبلوماسي لـ”جنوبية” فيقول:”القراءة بين سطور مواقف كل من الرئيس ماكرون و السفير شنكر تشير إلى أن هناك تنسيقا وتوزيعا للأدوار بين واشنطن والاليزيه، بمعنى أن تتولى فرنسا ملف الاصلاحات وتنفيذها وتتولى الولايات المتحدة الشق السياسي  لجهة تقليص دور حزب الله وإنهاء ملف الحدود البحرية وأيضا التلويح بفرض عقوبات على المسؤولين الذين يماطلون في تنفيذ خريطة الطريق الفرنسية للخروج من الازمة”.

يضيف المصدر:”هناك حظوظ كبيرة لنجاح الدور الفرنسي في لبنان ولاشك أن فرنسا هي بلد لها وزنها السياسي على الصعيد الدولي وإلا ما كانوا ليبادروا إلى القيام بهكذا مهمة  وبتشجيع من حلفائهم الاميركين و بمباركة من الفاتيكان التي تتابع تفاصيل ما يجري في لبنان أيضا، أما الموقف الاميركي من الحكومة و شكلها فسيعلنه شنكر و لعل تصريحه اليوم حين سئل عن رأيه تكليف الرئيس مصطفى أديب لرئاسة الحكومة بأن “الولايات المتحدة لا يهمها الشخصية بل يهمها المبادئ و الشفافية و المحاسبة” مؤشرا يمكن التوقف عنده.

وزيرالخارجية السابق عدنان منصور

 إرساء مبادرة فرنسية

يوافق وزيرالخارجية السابق عدنان منصور على أن هناك تكاملا في الدورين الفرنسي والاميركي حيال الملف اللبناني، ويلفت ل”جنوبية” إلى أن “الجانب الفرنسي يسعى لإرساء مبادرة من أجل مساعدة لبنان على الخروج من الازمة المستعصية التي يعاني منها، وذلك حكم العلاقة الوثيقة التي تربط لبنان وفرنسا والتي تعود جذورها إلى ما قبل الانتداب الفرنسي للبنان”.

منصور لـ”جنوبية”: فرنسا تعمل على عدم إبعاد لبنان عن محيطه وإنتمائه

ويضيف:”الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام الوضع الصعب في لبنان خصوصا بعد إنفجار المرفأ سرّع في تقديم المساعدة للبنان من أجل إنقاذه مما هو فيه، ولم يعد اللبنانيين بإعطائهم ما يريدون إلا بعد إجراء الاصلاحات المطلوبة وان يعتمد اللبنانيون على أنفسهم ويجدوا الحل للأزمة والفساد الذي يعانيه لبنان، كما أنه لم يضع فيتو على أي فريق لبناني وشدد على حكومة جامعة لكل الاطياف السياسية حتى حزب الله “.

يدعو منصور إلى “الانتظار قليلا لمعرفة مدى التوافق بين الموقفين الفرنسي والاميركي، خصوصا أن واشنطن لا ترفض بالمطلق مساعدة فرنسا للبنان، بالرغم من مواقفها المتشددة من حزب الله الذي تصنفه منظمة إرهابية ولا يريدونه أن يشارك في الحكومة”، لافتا إلى أن “هذا الموقف يظهر تباينا بين وجهة النظر الفرنسية والاميركية والايام المقبلة ستظهر مدى تأثير الجهد الفرنسي على موقف الاميركي تجاه مشاركة حزب الله في الحكومة الذي  تعتبره مسيطرا على كل مفاصل القرار في لبنان”.

الحدود البحرية والموقف من الحزب

والسؤال الذي يطرح هنا هل يمكن لإنهاء ملف ترسيم الحدود البحرية (التي يهتم به شنكر وأعلن الرئيس بري أنه سيصل قريبا إلى خواتيمه) يمكن أن يشكل حافزا لواشنطن لتكون أكثر لينا تجاه مشاركة حزب الله في الحكومة المقبلة؟يشرح منصور أن “التوجه الفرنسي يعمل على عدم إبعاد لبنان عن محيطه العربي وإنتمائه الجغرافي والتاريخي والامني، أما ترسيم الحدود البحرية فالدور الدور الاميركي مؤثر وفاعل لجهة ترسيم الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، ويؤثر في المرحلة القادمة لبحث مشاكل عديدة منها الحدود البرية و ملفات أخرى”.

ويختم:”المسألة لا ترتبط فقط بالملف اللبناني بل بمجمل القضايا في الشرق الاوسط على إعتبار ان لبنان جزء منها، ولكن إذا إستطاع الاميركيون حل مشكلة الحدود البحرية بين لبنان والعدو الاسرائيلي فهذا أمر إيجابي ونكون أنهينا مشكلة من المشاكل التي تتعلق بلبنان”.

السابق
بالفيديو: بسبب محمد رعد.. ماكرون يوبخ صحافيا فرنسيا!
التالي
ارقام اصابات «كورونا» لا تزال مرتفعة.. ماذا عن الوفيات؟