«حزب الله» يهرب من أزمات الداخل بقرع طبول حروب الخارج!

طبول الحرب
وصلت أزمات البلد المالية والنقدية والاقتصادية إلى نفق شبه مسدود، بعد تخبط أهل الحل والعقد في البلاد في الاجتماع المالي الأخير الذي أنعقد في بعبدا، بهدف توحيد الأرقام والبيانات المالية لموجودات وخسائر الدولة وقطاعاتها الاقتصادية المختلفة، مما ينبغي أن يكون منطلقاً للتفاوض مع جهات دولية مالية مانحة ومُقرِضة ومنها صندوق النقد الدولي، ويبدو أن الخلافات لا تُبشِّر بحلول قريبة لمختلف الملفات النقدية العالقة مما أعاد الأزمات التي تعصف بالبلاد إلى المربع الأول في مرحلة ما قبل تشكيل الحكومة !

    وبذلك فشلت صيغة حزب الله السياسية في إخراج البلاد من النفق المظلم، ويكون الحزب قد تخلَّف عن تحقيق الوعود الانتخابية التي كان قد قطعها لقواعده الشعبية التي أوصلته إلى الندوة البرلمانية الحالية وبالتالي مكَّنته من المساهمة بتشكيل الحكومة الحالية.

ولذلك بدأت منصات التواصل الاجتماعي التابعة للحزب منذ أيام بالترويج لشعارات الحرب المقبلة مع العدو الإسرائيلي، ومنها دعوات من الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله لليهود المقيمين والوافدين إلى فلسطين المحتلة ينصحهم فيها بالعودة إلى بلادهم التي أتوا منها، لأنهم لن يتمكنوا من العودة إذا اندلعت الحرب المقبلة، علماً أن ما يقرب من خمسة وثلاثين ألف يهودي قدموا إلى فلسطين المحتلة في العام الماضي، وما زالت الدولة العبرية تتوسع في دعواتها ومساعيها لاستقطاب المزيد من يهود العالم إلى أرض فلسطين هذا العام..

اقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: نقاش قيادي «وجودي» داخل «حزب الله» لكسر مركزية القرار!

مأزق تسليم السلاح

ويتزامن قرع حزب الله لطبول الحرب مع الكيان الصهيوني هذه المرة مع تزايد دعوات الداخل اللبناني مطالبة إياه بتسليم سلاحه للدولة اللبنانية وتفويض قرار الحرب والسلم لها محملين السلاح وزر الانهيار الاقتصادي الحاصل بفعل حمايته للفساد.

و ما زال أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله يتوغل في خطاباته ومعالجاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما زال يتوغل مرة بعد أخرى في أخذ لبنان وجرِّه نحو المعسكر الشرقي، فهو في كل خطاب – سيما خطاب الأمس – يدعو إلى مزيد من المقاطعة والابتعاد عن الغرب المتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ، وهو إذ يرسم الخطوط الأولية التي تدعو لهذه السياسية يتجاهل الكثير من الأسباب التي وضعت لبنان في مواجهة مع المعسكر الغربي بدلاً من أن يستفيد لبنان من الدبلوماسية الحكيمة والذكية التي يمكن أن تخلق جماعات ضغط في داخل القرار الغربي لصالح لبنان واقتصاده وأمنه تماماً كما يفعل الصهاينة في أمريكا عبر جماعات الضغط وتماما كما تفعل روسيا والصين ودول أخرى تختلف مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب..

دبلوماسية رفيق الحريري

وقد تمكن الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العقود الماضية من فرض الرؤية السياسية للدولة اللبنانية في المحافل الدولية مما ساعد لبنان على تخطِّي الكثير من الأزمات في الماضي، وبقي لبنان رغم كل الصعوبات مركزاً لاستقطاب رؤوس الأموال العربية والأجنبية رغم كل الحروب التي مر بها، وما الفضل في ذلك إلا للدبلوماسية اللبنانية الحكيمة والذكية التي حرصت على عدم التصادم مع الغرب وذلك لمصلحة لبنان مع التمسك بكافة حقوق لبنان في المحافل الدولية.

فهذه الدبلوماسية هي التي تمكنت من أن تنتزع من المجتمع الدولي القرار 425 من مجلس الأمن الدولي، هذا القرار الذي كان بوابة النصر الأكبر لحزب الله في كل مسيرته الجهادية في لبنان وذلك عبر فرض اندحار الاحتلال الإسرائيلي من معظم الأراضي اللبنانية المحتلة..

الخوف ان يفتعل الحزب نزاعاً مسلحاً واسعاً مع إسرائيل على غرار ما حصل في حرب تموز 2006 لتكون المغامرة الجديدة التي تُعيد إلى الواجهة والصدارة الحديث عن الحاجة لسلاح حزب الله للدفاع عن لبنان واللبنانيين

إذا كان السيد نصر الله راغباً في خوض معركة دبلوماسية من طرفه،  فلماذا لا يترك هذه المهمة للحكومة اللبنانية عبر وزارة خارجيتها وسفرائها في دول العالم والغرب خاصة؟

فلبنان هذه المرة محاصر من كل الجهات ولا يستطيع السيد نصر الله أن يدفعه بمواقفه الشديدة اللهجة إلى المزيد من العُزلة الدولية على أمل أن يرتمي أكثر فأكثر في أحضان المعسكر الشرقي في حلبة صراع الأمم ..

المصالح الاميركية في لبنان

وليس صحيحاً ما قاله الأمين العام بالأمس من أن لبنان ليس له حساب في المصالح الأمريكية، فالجامعة الأمريكية في بيروت تُخرِّج آلآف المتخصصين اللبنانيين في كل عام في شتى مجالات العلوم والتكنولوجيا مما يعتبر ثروة لبنان الحقيقية ، كما تفعل ذلك سائر الجامعات اللبنانية المرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية في نظامها التعليمي ، كما هي – أيضاً – الجامعات الأمريكية داخل أمريكا، وهناك مئات الآلآف من اللبنانيين – ومن كل الطوائف – يقيمون ويعملون في الولايات المتحدة الأمريكية وفي شتى الاختصاصات ويرسلون مئات الملايين من الدولارات الأمريكية سنوياً لدعم الاقتصاد اللبناني ، وصادرات أمريكا الدوائية والعلاجية إلى لبنان تحتل صدارة الصادرات الدوائية والعلاجية ، كما أن الخدمات الطبية التي يقدمها مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت تعتبر الأولى من نوعها في لبنان وتستقطب المرضى من مختلف دول العالم العربي والإسلامي لا سيما العراق والخليج  مما يساهم في جعل لبنان مركزاً طبياً متقدماً في المنطقة العربية ويوافر له عائدات اقتصادية مهمة.. وهناك نواحٍ وأمورٍ أخرى يستفيدها لبنان من ارتباطه بدول الغرب عموماً وأمريكا بنحو الخصوص في هذه المجالات وفي غيرها يطول المقام بعرضها جميعاً..

اقرأ أيضاً: نصرالله «يستظلم» قيصر.. «ضرب وبكى وسبق واشتكى»!

وبالنهاية فان الخوف ان يفتعل الحزب نزاعاً مسلحاً واسعاً مع إسرائيل على غرار ما حصل في حرب تموز 2006 عند خطف الجنديين الصهيونيين على الحدود الجنوبية لتكون المغامرة الجديدة التي تُعيد إلى الواجهة والصدارة الحديث عن الحاجة لسلاح حزب الله للدفاع عن لبنان واللبنانيين في مقابل الاعتداءات الإسرائيلية، وذلك كي تتراجع الأصوات المتعالية من الداخل والمطالبة بنزع سلاحه!

السابق
ازمة الدولار تابع.. ماذا دار خلال اللقاء بين وفد من نقابة الصرافين وبري؟
التالي
منى ابو حمزة تتهم جنبلاط بإبتزازها: طلبت منّي 20 مليون دولار!