نصرالله يحلُّ «حزب الله».. حتى إشعارٍ آخر!

علي الامين
لم يكن لنصرالله ما أراد هذه المرة، جل ما فعله هو القيام بما يشبه الإنقلاب على حزبه.. "حزب الله" وتحويله حتى إشعار آخر إلى حزب الدولار.. بكل طيبة خاطر.

لم تكن إطلالة الأمين العام ل “حزب الله” السيد حسن نصرالله عادية أو استثنائية بالمعنى السياسي، انما مفصلية تحولية بإمتياز، تصنع أصناما لأعداء جدد من “العدة القديمة” وتطلق تسميات جديدة على السلاح والدولار وما بينهما، وتستدرج العروض البائسة لبدائل يائسة، و تشق طريقاً معبّداً بالأهوال إلى الشرق وتسد المنافد إلى الغرب، تحت عناوين تهديدية، اراد من خلالها حشر اللبنانيين في زاوية واحدة لترهيبهم وتخويفهم و المزيد من المتاجرة بدمائهم ولقمة عيشهم، وتخييرهم بين السلاح والجوع، الشعار الذي استوحاه من الأميركيين ليهوّل على اللبنانيين.. ولم يكن له ما أراد هذه المرّة، جلّ ما فعله هو القيام بما يشبه الإنقلاب على حزبه.. “حزب الله” وتحويله حتى إشعار آخر إلى حزب الدولار.. بكل طيبة خاطر.

“حزب الله” وتحويله حتى إشعار آخر إلى حزب الدولار

ليس لدى السيد حسن نصرالله من يقارعه في لبنان، يبحث في الزوايا عن عدوّّ او عميل (طبعا غير عامر الفاخوري) لكي يسجل انتصاراً الهياً جديداً يضمه الى خزان الانتصارات الذي لا ينضب، رغم الهزائم التي تحيط بلبنان والعرب والايرانيين وتغرقهم بالفقر والذلّ.

إقرأ أيضاً: الشماتة بقانون قيصر عيْب… يا «حزب الله»

وحده يصارع طواحين الهواء، ويسجل في مفكرته حركة عداد الانتصارات حيث كان وحيث يجب ان يكون.
من دون ان نعكر صفوّ الانتصارات ووعودها المتجددة، وبلا مزيد من تعداد للمهازل والمآسي التي يعيشها لبنان في زمن الدولة المقاومة، والحكومة المقاومة، والرؤساء المقاومين، وتعداد كل ما يمتّ للمقاولات والصفقات والفساد، المستقوي على المواطنين، بقوة “الوفاء” و”السلاح” و”المحاصصة”، من دون تعداد وتكرار ما بات معروفاً، لم يعد لسيّد المقاومة من يقاومه في لبنان، فالانتفاضة او بعض المحتجّين لا يعوزهم اكثر من عشرات الدراجات النارية وشعار “شيعة شيعة…” كي يتفرقوا وتذهب ريحهم، واذا اقتضى الأمر، يمكن اخراج او السماح لمئات من المقرّبين او المتحمّسين، لحرق بعض المتاجر في وسط بيروت، او حرق بعض المصارف وتحطيمها، ثم تتويج ذلك بالمطالبة باقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

لم يعد للسيد من يقارعه في لبنان

لم يعد للسيد من يقارعه في لبنان، الحكومة حكومته والرؤساء حلفاؤه ورهن اشارته، واكثر..من كانوا خصوما او اعداء من رموز مرحلة قوى ١٤ اذار، يكاد الواحد منهم يرفع قبضته مطلقاً شعار “لبيك يا نصرالله”. ومن لم يصل منهم بعد الى هذا الشعور او الاستعداد، فهو ممن لا يستحق الانتباه له ولا الاستماع الى صراخه المحدود.

ليس لدى نصرالله من يقاتله في لبنان، ويوم ٧ ايار “المجيد” لا فرص لتكراره، طالما ان السلطة بقضها وقضيضها رهن اشارة السيّد، يأخذها شرقاً واذا شاء غرباً، الدولة كلها في عباءته، بفسادها ونقائها، بفقرائها واغنيائها، بثوارها وعملائها، بدولارها وليرتها، بحاكم المصرف والمصارف، فماذا بعد؟ 

الدولة اللبنانية هذا هو حالها، لذا المشكلة مع اميركا، التي اقرّت قانون قيصر لمحاصرة ومعاقبة نظام الأسد ومعاونيه، والحصار في سوريا ليس عملة اميركية، فقد كان نظام الأسد وحلفاؤه، وانتم منه، قد قدم للشعب السوري نماذج مشهودة للحصار، من مثال الغوطتين الشرقية والغربية، ومخيم اليرموك، وداريا، ومضايا والزبداني واحياء حمص وغيرها… فمهما بلغ الحصار الاميركي من الشراسة، فهو لن يصل الى ما ارتكبه النظام ضد شعبه من اعمال الحصار والتجويع والابادة.

ليس لدى “حزب الله” من يقارعه او يقاتله في لبنان، لأن القوى الحزبية والسلطوية على وجه العموم، حالهم ليس كحال اهل الكوفة مع الحسين، اي قلوبهم معه وسيوفهم عليه، حال جلّ المؤيدين من اللبنانيين لحزب الله اليوم كحال من اصطفوا مع يزيد بن معاوية.. سيوفهم معه وقلوبهم ضده.

ما يجري وان كان هو من آمال وأمنيات السيّد نصرالله، اي حصوله على فرصة قتال “الشيطان الأكبر”، باعتبار ان هذا القتال لم يتح له في السابق بوضوح كما اليوم، فهو قاتل في سوريا من دون ان ينال هذا الشرف، قواته كانت تحظى بغض نظر اميركي واسرائيلي ان لم يكن اكثر، وكذلك الحال في العراق واليمن وغيرهما..اليوم المواجهة مباشرة، طالما ان واشنطن تستهدف معاقبة نظام الأسد وحلفائه، ولبنان الذي يقوده حزب الله لن يرضى ولن يسمح بتمرير هذا القانون على الأرض، ولا سيما عبر لبنان.

التطلع الى الصين وايران

يتطلع الى الصين وايران- و ليس معلوما لماذا تحاشى ذكر روسيا سلبا او ايجابا في خطاب الأمس- لا بأس بهذه النظرة طالما انه يمنع اذى اميركا، ومنع اذى اميركا او الحدّ منه، يتفوق على مبررات خوض حزب الله عملية ٧ ايار الشهيرة، ويمكن لحكومة حسان دياب ان تتبنى هذا الموقف طالما هو لمصلحة لبنان، وان لم تقم بذلك فيمكن للحزب وحلفائه ان ياتوا بحكومة جديدة تتبنى هذا الخيار، وبالتأكيد فان السيد نصرالله حين طالب بالتوجه نحو الصين، يدرك بما لديه من معلومات ورؤى استراتيجية ان الصين ستهرول لتنفيذ مشاريعها في لبنان، لاسيما اذا ما قرر لبنان مواجهة قانون قيصر، علما ان الشركات الصينية فرّت من ايران بسبب العقوبات الاميركية، لكن ربما “حزب الله” مطمئن لحماسة الصين التي وثقت علاقاتها مع اسرائيل اسوة بسوريا، انها ستفتح لها البوابة اللبنانية ولو كانت عبر المعبر الاسرائيلي، البحري وربما البري ايضاً.

في عام ٢٠٠٦ احد ابرز اسباب قدرة “حزب الله” على استثمار الحرب لصالحه داخليا ..كان الدولار والاكوام التي تدفقت اليه …فتأمل ..

لبنان أعجز من مواجهة “قيصر”

الواقع يقول ان لبنان المتهالك ماليا واقتصاديا وسياسيا، كذلك سوريا المدمرة، اعجز من ان يواجها قانون قيصر، وهذه حقيقة لا يمكن التغطية عليها بالخطب والشعارات، طالما ان كل السوريين واللبنانيين او جلّهم وصلوا الى مرحلة من السوء الذي يجعلهم يقفون صفوفاً اما الصرّافين في السوقين الابيض والاسود، للتخلص كلٌّ من عملته الوطنية، ويا للمفارقة للحصول على الدولار ! لا بل اذا اراد “حزب الله” الاعتّداد بقوته يقول كما قال نصرالله في خطابه امس، “نحن من نأتي بالدولار الى لبنان”، الدولار هو البوصلة وقبلته واشنطن، الانتصار هنا والهزيمة ايضاً..

في عام ٢٠٠٦ احد ابرز اسباب قدرة “حزب الله” على استثمار الحرب لصالحه داخليا ..كان الدولار والاكوام التي تدفقت اليه تلك التي كانت كفيلة في حينه لأن يتمنى كثيرون عودة الحرب رغم مآسيها، هذه من مآثر الدولار، يعرف السيد نصرالله ماذا عليه أن يفعل ليصمد لبنان ويقارع “قيصر” ..انه الدولار الغائب الحاضر كما الشيطان الأكبر .. فتأمل ..

السابق
رد ناري من الجميل على نصرالله: «أنت بليتنا»!
التالي
ادارة ترامب تحذر المسؤولين اللبنانيين: لن نتساهل مع أي تهريب للوقود أو الدولار إلى سوريا!