صدمة ما بعد جائحة «كورونا».. كيف نعالجها؟

صدمة ما بعد كورونا
تسبّب انتشار فيروس كورونا بخلل في العالم اجمع، وتعرّض كثير من الناس لاضطرابات نفسية بفعل الحجر الصحي الذي ولّد كآبة عند البعض.

من الطبيعي جداً أن ينتاب المرء خلال أزمات الحجر الصحي التي فرضتها جائحة كورونا الشعور بالوحدة والإحباط، لكن هناك بعض الطرق التي تجعلك تتفادى اضطراب ما بعد الصدمة.

وبحسب “جنفير تيتز” الأستاذة ومساعدة الطب النفسي السريري في جامعة كاليفورنيا، إن الشعور بالقلق في فترة جائحة كورونا أمر طبيعي، إذ تعدّ الإصابة بالمرض او التهديد بفقدان الحياة من الأشياء التي تترك الشخص على حافة الإنهيار.

وأضافت “تيتز” أنه يمكن خلق عادات إيجابية والتقليل من أنماط الإستجابة التي تتنبأ بالإصابة بإضطراب ما بعد الصدمة، والذي يحدث أثناء التسبب بحدث مروع برؤية لمحات الذكريات والقلق الشديد.

لكن بطبيعة الإنسان لا يمكنه إنتزاع الحزن والخوف بالرغبة فقط، بل يتطلب ذلك إختبار تلك المشاعر ببعض المهارات.

وهناك عدة خطوات مؤكدة يمكنك التدريب عليها لتحسين صحتك النفسية خلال أزمة كورونا.

1- تقدير مناعتك الطبيعية

وتقول “دنيس سلون” أستاذة في علم النفس بجامعة بوسطن والمديرة المشاركة بالمركز الوطني لإضطراب ما بعد الصدمة، “إن الإستجابة الأكثر فعّالة في ظل هذه الأزمة هي الصمود”.

يتعافى أغلبية الأشخاص الذين مروا بحدث هدد حياتهم من تلقاء نفسهم، إذ لا يستوفي ذلك معايير اضطراب ما بعد الصدمة، فالثقة بتعافي الشخص تزيد من فرص الشفاء، لأن توقع الأسوأ يزيد من نسبة إرتفاع خطر الإصابة بإضطراب ما بعد الصدمة.

وتحفّز “سلون” مرضاها على توسيع وجهات نظرهم والتفكير بأنهم تعاملوا مع الأمرعلى أنه حدث ماضي، مع العودة الى الرسائل التذكيرية بقوتهم عند شعورهم بالضعف، لأن أقوى مشاكل اليأس تتلاشى في النهاية، لكنها بحاجة الى اتباع الاستراتيجيات.

2- احرص على رفع مستوى الرفاهية

تقول “إدنا فوا” أستاذة في علم النفس بجامعة بنسلفانيا ووحادة من أكبر الخبراء بالقلق والصدمة، “إذا كانت الجائحة قد أصابتك بالهوس فأنت بحاجة الى إيجاد طرق لتشتيت نفسك، فأنت في منتصف الصدمة وليس فيما بعدها”.

وشددت “فوا” أن أثناء الأزمات نحتاج الى راحة لتهدئة أنفسنا، وبحسب الدراسات تبين أن لعبة “Tetris” في غرفة الطوارئ بعد حادث سيارة لأحد الاشخاص قللت من اكتساب الذكريات الألمية، فمن الضروري إضافة الأنشطة الإيجابية الى روتينك وذلك لتعويض الألم.

كما يمكن فعل أشياء كثيرة تشعرك بالتفاؤل كتحويل الأشياء السلبية الى أشياء إيجابية ومنها، مشاهدة مسلسل جديد أو فقدان النوم، أو القيام بواجب منزلي آخر يحسن من مزاجك ويشعرك بالإمتنان والرفاهية ومقاومتك في تلك الأزمة، فقد تبدو هذه النصيحة غير مقبولة إذا كان أحد أحبّائك مريضاً، أو إذا كنت تعاني من أزمة مالية.

كما يمكن أن تقوم بمساعدة الآخرين والتبرع بالمال أو المجهود، في سبيل مكافحة الإكتئاب.

3- تواصَل وشارِك

ومن أهم الموارد الأخرى الموجودة حالياً هي الدعم الإجتماعي والمعنوي والشعور بأننا سنتخطى هذا الأمر معاً وأننا جميعاً جزء من هذا المجتمع وسنمر بالشيء نفسه وبالوقت نفسه وأنه حدث نادر.

ولتجربة هذا الإحساس شاهد مقطعاً لأشخاص حول العالم وهم يحيّون العاملين في الرعاية الصحية، وقم بالتحدث الى الآخرين عما تمر به واطلب ان يشاركوا ما لديبهم معك، فالشعور بالتواصل يحمي من خطر الإصابة بإضطراب ما بعد الصدمة.

وإذا كنت شخصاً وحيداً فقد يساعدك ذلك أن تفكر في منظمومة الدعم لديك وبداية إنشاء علاقات مع العائلة والأصدقاء والجيران.

ويمكنك أيضاً أن تحسّن المشاركة في النشاطات الصحية الجماعية، كالدردشات الافتراضية عن الوعي أو صفوف اللياقة البدنية من شعورك بالتواصل وبالتالي تحسين مزاجك العام.

أما إذا كنت تحتاج إلى مساعدة متخصصة، فهناك خبراء يمكن استشارتهم، خاصةً إذا كنت تعتقد أنك تعاني اضطراباً نفسياً شديداً.

اقرأ أيضاً: هل «مناعة القطيع» تصلح لمجابهة فيروس كورونا؟

4- راقِب أفكارك

تؤثر الأفكار بقوة على المشاعر، حتى إن معتقداتك قد تتنبأ بخطر إصابتك باضطراب ما بعد الصدمة. 

احترس جداً من الأفكار التي تحمل اللوم، كانتقاد نفسك على عدم امتلاك مدخراتٍ أكثر في حسابك لتكون مستعداً للفصل من العمل، أو العاملين بالقطاع الطبي ولوم أنفسهم على عدم القدرة على تقديم الرعاية المثلى للجميع. 

إن لوم النفس كثيراً يؤدي إلى الشعور بالعذاب، لذا راقِب أيضاً الأحكام التي تشحن توترك بقوة، كـ”لا يمكنني التحمل”، وتحوَّل إلى عقليةٍ أكثر تشجيعاً.

تُوعد إحدى الطرق التي تُبعد عن الأفكار السلبية هي أن تسأل نفسك: “هل يساعك هذا؟”. 

كما الرأفة بالنفس طريقة فعّالة للتأقلم مع الألم، ومن المهم أن تتوقَّف عن الحكم على الآخرين.

5- توقَّف عن التفكير المفرط

لمعالجة الأفكار المتعلقة بالجائحة والتي قد تدور بخاطرك بشكل مفرط، يمكنك أن تكتب مخاوفك على ورقة، إذ تعتبر الكتابة التعبيرية من أهم الطرق للتفكير دون اجترار.

وعندما لا تكون أفكارك مفيدة، يجب أن تنخرط في أنشطة تشغل عقلك، كالاستماع إلى الموسيقى المفضلة لديك بينما تؤدي تمارين رياضية، أو تحلّ الكلمات المتقاطعة، أو ترسيخ نفسك من خلال مراقبة 3 مناظر و3 أصوات و3 أحاسيس مختلفة في بيئتك، مراراً وتكراراً. 

وعندما تبدأ في اجترار الذكريات، استبدل ذلك بالشعور بالامتنان.

6- كُن شجاعاً

من البديهي أن ترغب في تجنب المشاعر السلبية، لكنك لا تريد أن تقمعها أو تبعدها، لذا لاحِظ مشاعرك وحدِّد إحساسك واستجِب له بعطف وتحلّى بالشجاعة.

يساعد التدرب على الوعي ورؤية تجاربك من خلال منظور معين، على خلق علاقة صحية مع أفكارك. 

حاوِل أن تراقب الأحكام التي لا تفيد قبل أن تدعها تذهب بعطف، تماماً كما يُصنف مرشح الرسائل المزعجة رسائلك.

ففي النهاية من الضروري أن تحقق التوازن في قبول المشاعر الصعبة، دون أن تضاعفها، بينما تقوي من جهازك المناعي العاطفي.

ولاحقاً، إذا وجدتَ أنك صرت “متهرباً بارعاً” كما وصف الأستاذة فوا: “أي شخص يحاول الهروب من الأفكار والمواقف التي لم يعد لها ضرر فاليتذكَّر أنه من المهم أن يواجه مخاوفه”.

السابق
حسين الجسمي ونانسي عجرم بين نيران الإشاعات
التالي
رفضاً للفتنة.. خلف من امام قصر العدل: لن نسمح بزجّنا في أتون صراعات قبيحة!