علي الأمين عن خطاب نصرالله حول القدس: يستغبي الشعوب.. ولا حرب مع إسرائيل!

علي الأمين

تعليقاً على خطاب السيد حسن نصر الله، الذي ألقاه في مناسبة “يوم القدس”، وعما ن كان لايزال يُشكّل مادة لشدّ العصب في ظل إدارة ترامب، والحديث عن “صفقة القرن”، قال رئيس تحرير موقع جنوبية علي الأمين: “لا شك في أن “القدس”، هي قضية حيوية وأساسية، وفي كل ما يتصل بها، وهي قضية ترمز إلى القضية الفلسطينية، وترمز، بطبيعة الحال، إلى الأديان السماوية، سواء المسيحية والإسلام، وإلى الاحتلال الإسرائيلي، وكل الخطوات التي جرت بعد ذلك، من الاحتلال إلى ضمّ القدس، إلى الاعتراف الأميركي بالقدس “عاصمة لإسرائيل”، وهذه أمور تستفز وتستنفر كل عربي وكل إنسان على هذه الكرة الأرضية، إذ هي ترمز إلى احتلال وطرد شعب، وفرض واقع بالقوة؛ إلا أن ذلك لا يعني، بطبيعة الحال، تحويل قضية القدس إلى “مشجب”، مثلما حصل للقضية الفلسطينية، تحولت “القدس” إلى “مشجب”.

أضاف الأمين خلال لقاء تلفزيوني: “إذا كنا نتحدث عن الخطاب أو الاحتفاء بـ”يوم القدس” هذا العنوان الذي تعتمده إيران، في كل سنة، من شهر رمضان، وكثير من القوى التابعة لإيران، تحتفي بهذا اليوم؛ لكن هذا يتناقض، بطبيعة الحال، مع كل السلوكيات التي نراها والتي رأيناها خلال العقود الماضية. وتحديداً، هذا التورط في القتال والصراع في العالم العربي، الذي بيّن، إلى درجة كبيرة أن القدس، ليست أولوية، بقدر ما كانت، المصالح الإيرانية، سواء في العراق أو في سوريا أو في لبنان، لأننا رأينا إيران بذلت دماء، وأموالاً، وقتالاً، في شؤون تتعلق بسوريا أو بالعراق أو باليمن، أو ما إلى ذلك؛ لكن لم تبذل واحد في المائة من هذه الدماء، في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي”.

إقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: اختلاف لون البشرة جوهر الخلق الإلهي

وعما إن بتنا “أقرب من أي وقت مضى لتحرير القدس” كما قال نصرالله، علّق الأمين قائلاً: “كما قلنا إن القدس تشكل شيئاً اساسيا في وعي الفلسطينيين؛ في وعي العرب؛ وفي وعي كل الأحرار في العالم، الذين هم ضد الاحتلال وضد الإسرائيليين، فليس كلام السيد نصر الله، هو الذي يوضح هذه المسألة، أو يؤكدها، فهو يحاول أن يتلطى -–برأيي – بموضوع القدس، لأن كل ما ارتُكبت، وكل ما يُرتكبُ اليوم، نُلصقه بقضية فلسطين، هذا يعني أن هناك محاولة استغباء، ودعيني، أستعمل – مع الأسف – عبارة “إستحمار الشعوب”. فكل هذا الذي يحصل، كل هذا الدمار، ماذا يعني وكيف تتحرر القدس؟ أي سلاح تتحرر القدس؟ فمجتمعاتنا دُمِّرت، اقتصادنا دُمِّر، خلقنا حروباً أهلية، ودخلنا في تقسيم المجتمعات”.

أضاف: “أي انتصارات هذه التي يجري الحديث عنها، وكلما نقترب من القدس، نرى إسرائيل تزداد قوة”. إسرائيل ضمّت الجولان، ضمّت القدس، وأميركا اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفي المقابل، يقول لنا السيد نصر الله – كل يوم– أن هناك انتصارات، فكيف يترافق ذلك مع هذه “الانتصارات”؟

العراق

وعما إن بات العراق، مع مصطفى الكاظمي، لا يزال كما كان قبل الكاظمي، قال الأمين: “لا شكّ أن النفوذ الإيراني موجود في العراق، وأيضاً إيران من الدول التي تُقِر، رغم كل شيء، إن التنسيق ضمنيّ، أو بطريقة غير مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية، هذا تم منذ احتلال العراق ومستمر حتى اليوم. ويتفاوت الأمر، بمعنى أنه – أحياناً – نرى تقدماً أميركياً بالنفوذ في العراق، أو بالعكس”.

أضاف: “لا شك في أن مجيء الكاظمي، عكس تعديلاً في ميزان القوى داخل العراق، وأنا لا أريد أن أقول إن الكاظمي ليس له علاقة مع إيران فله بالتأكيد علاقات معينة، لكن الكاظمي، قبل 5 أشهر ما كان ممكناً أن تقبل به إيران، كرئيس للحكومة، وبالتالي فإن وصول الكاظمي إلى رئاسة الحكومة، الكلّ يدرك، أنه كان يعكس ما يجري في العراق، والذي مال إلى الولايات المتحدة الأميركية أكثر مما مال إلى إيران، وخاصة إنه جاء الى الحكم بعد انتفاضة عراقية، الكل شاهدها، والعنوان الأبرز لها، كان موجهاً ضد النفوذ الإيراني في العراق، وفي ظل الأوضاع التي تعيشها إيران اليوم، بسبب العقوبات، والأزمات التي تعانيها، مالياً واقتصادياً، وأيضاً النفور العراقي، وجدت، بطبيعة الحال، أو فرضت الوقائع عليها، الإنكفاء، (ولا أقول الإنكفاء أي الإنسحاب)، إنما الإنكفاء، وهو الذي يمكن أن يُمهّد لهجوم في مرحلة لاحقة، ولا أقول إن الصراع انتهى”.

عودة داعش

أما عن إمكانية إعادة إحياء “داعش”، في المنطقة، لفت الأمين الى أنه “أحد العناوين التي يجري استخدامها، وطالما استُخدمت “داعش” من كل الأطراف، أي من أطراف مختلفة، سواء كانت إيران، أو حتى دول أخرى. لا أقول إن “داعش” لم تكن موجودة، هي موجودة بطيعة الحال، ولكن أحياناً – الظروف السياسية تسمح بإعادة حضورها بقوة، تساهم بذلك ظروف سياسية معينة، وأحياناً يكون هناك قرار بلجمها، ويتم ذلك. اللعبة السياسية قائمة، وأكيد أن “داعش” هي إحدى الوسائل. ولنتذكر إن مسألة داعش في العراق، (هي) نتيجة السياسات التي اعتُمدت في ظلّ “حكومة المالكي”، والمالكي معروف بعلاقته المتينة مع إيران إلى حد الولاء لها. وكان كل ذلك ناتج عن سياسات فئوية أدت، بطبيعة الحال، إلى نشوء هذا التنظيم”.

حرب بين حزب الله واسرائيل

وعن إمكانية نشوب حرب في الجنوب بين إسرائيل وحزب الله، قال الأمين: “إنني إذ أقرّ – وكلنا يعتقد – إن إسرائيل هي عدو خبيث، وبالرغم من ذلك، فإني أعتقد بأن إسرائيل، لن تشن حرباً على لبنان، لأن ما يحصل، اليوم، في لبنان، فإن نتائجه وتداعياته، هي أسوأ من أي حرب إسرائيلية، ممكن ان تحصل على لبنان. وإذا كان عدوّنا “عم يتفرّج” على حالتنا هذه من الخارج _من إسرائيل)، فكيف يفكر بهذه الحرب؟

أضاف: “لا، أنا أرى أن هناك حرباً. ثمة انهياراً لهذه المنظومة التي يحكمها حزب الله في لبنان. هي تنهار، وهي تتضعضع وليست قادرة على أن تُوجد حلولاً، فالعدو الإسرائيلي، لماذا يدخل هذه الحرب؟ ولنكن واقعيين، فإن كل الخطابات – ومع تقديرنا للنضالات والشهداء، وحتى لا يفسر أحد، أننا نقلّل من شأن الشهداء – وخاصة نحن في “عيد التحرير” – كل الذين سقطوا شهداء سواء من حزب الله أو من أحزاب أخرى، أو أناس عاديين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي؛ إلا أننا نحن، ومنذ العام 2006، وحتى أستطيع القول منذ العام 2000، – (- الـ2006 كانت – وعلى ما يقولون كانت مفاجأة، حرب وانتهت، -)، إننا لم نلاحظ، ولا مرة، أن هناك، فعلاً، تهديداً فعلياً وحقيقياً للكيان الإسرائيلي، من قبل حزب الله، ولا حظنا أن كل طاقة حزب الله، منذ الـ2006، وحتى اليوم، أصبحت في الداخل اللبناني”.

وعن موضوع الصواريخ الدقيقة، ومعامل الصواريخ، وعن إمكانية تفكير إسرائيل أنها تريد أن تسجل انتصاراً، قال الأمين: “إسرائيل حذرة، هذا صحيح، لكن إسرائيل تأمَّن لها اليوم الضامن الروسي، وتأمنّت لها العلاقة الاستراتيجية والأساسية مع الولايات المتحدة الأميركية وكل ظروف الحماية لإسرائيل، وبالأمس، أيضاً بدأنا نسمع كلاماً مختلفاً، حتى أنه صادر عن قائد الجمهورية الإسلامية خامنئي، عبر تغريدات صادرة له، وكل مراقب يرى أن ثمة رسائل إيرانية تطمينية لإسرائيل، حتى أن كلمة “انتهاء إسرائيل من الوجود” لم تعد تُلفظ، ويُلاحظ أن لها شرخاً جديداً، وبالتالي، فإني لا أرى أن هناك حرباً، وهذا الخطر الإسرائيلي، يجري استخدامه ضدّنا دائماً”.

وعن تطبيق القرار 1559 ونزع سلاح حزب الله قال الأمين: “أولاً القرار الـ1559 هو أساساً من مقدمات الـ1701، لذلك كانت الدعوة بالالتزام بهذا القرار، ثانياً، هناك مسألة الوصول إلى أن يكون في لبنان دولة، وجيش، ولا يكون هناك سلاحان في البلد، ولا يكون هناك سلطتان، (سلطة دولة) وسلطة “دويلة”، وليس معروفاً من منهما المسيطرة على الأخرى، مع أن المؤكد أن الدولة ليست هي المسيطرة، لكن هناك وضعية اللبنانيون يرفضونها، هذه الوضعية، التي نحن نعيش فيها، هي التي عملت على حماية أصحاب الفساد، وخلقت نوعاً من التقاطعات، ومن الفوضى، وأوصلت وجعلت الاقتصاد يصل لهذا المطرح (إلى الحضيض)، وأنه حتى السيد حسن نصر الله يتبين مما قاله في خطابه (أمس)، أن العدو الحقيقي له في لبنان –إذ هو لم يعد يتحدث عن متآمرين صهاينة، وما إلى ذلك – متمثّل بمن قاموا بثورة (17 تشرين) “هؤلاء الذين تُراهن عليهم إسرائيل”، بالتالي: كل الفساد وكل هذه الطبقة السياسية وكل هذه السلطة، التي كان يُلمِّح – أحياناً – إلى أنها هي تتحمل مسؤولية، اليوم لم يصدر عنه أي كلمة تجاهها، تدل على أي شعور بالخطر من قبلها؛ وفي العودة إلى الحديث عن القرار 1559، فهو ليس مطلباً دولياً، لأنه هو مطلب لبناني أساساً”.

الضغوط على حزب الله

وفي سياق الضغوطات على حزب الله، وأيضاً هناك خطوات أوروبية، من ألمانيا لبريطانيا مروراً، بالنمسا وبلجيكا، كذلك هناك ضغطا على حزب الله، بالتزامن مع كل الحصار المالي والعقوبات الأميركية، علق الأمين قائلاً: “إذا اعتبرنا أن هناك نشاطاً للألمان في هذا المجال، فإن الألمان هم أكثر طرف أوروبي له علاقة بحزب الله، ومعروف أنه كان يلعب دوراً في كثير من التواصل أو المفاوضات بين إسرائيل وحزب الله، في فترات التسعينيات، وفي الـ2000 وبعد الـ2006، الألمان هم دائماًفي علاقة جيدة مع حزب الله، وهناك حضور تاريخي لحزب الله في ألمانيا، والموقف الألماني، اليوم، يعني انقلب على حزب الله؟ أنا لا أعتقد ذلك”.

حزب الله والقطاع المصرفي

وعن ما يقال ان حزب الله يشعر أنه متآمر عليه، من الخارج ومن داخل لبنان، وأحد أوجه التآمر عليه من داخل لبنان، هو ما يعتبره الحزب، المعركة التي خاضها ضد القطاع المصرفي ومصرف لبنان، وموضوع الدولار اليوم، قال الأمين: “قصة المصارف” التي تتكلم عنها، هي “كذبة المصارف”، ففي فترة يطلع “حكم على المصرف” وبتهبّ المجموعات التي يبعثها الحزب على المصارف، ثم بعد ذلك، لم نعد نسمع ولا أي كلمة منه في هذا الشأن، الأمر ببساطة هو: رياض سلامة يأخذ اشتراكات معينة، فمثلاً: “قصة الأموال التي تأتي عبر الـomt، أو تحويلها، هذه أموال كان حزب الله يستفيد منها، وحزب الله يساهم، بطريقة أو بأخرى في عمليات التهريب، إذ يتم تهريب نفط عراقي وإيراني إلى تركيا، وهذا النفط، يتم استبداله ببضائع مختلفة من تركيا، وهذه البضائع التركية تأتي عبر سوريا وصولاً إلى لبنان، ويتم بيعها بالليرة اللبنانية، والآن هناك كتلة مالية بالليرة اللبنانية يريدون أن يستبدلوها بالدولار. ورياض سلامة حاول، في لحظة معينة، توقيف هذا الموضوع، واقترح فكرة “المنصات”. وبعد ذلك سكتوا عن الموضوع”.

أضاف: “حزب الله يريد دولارات، وهذه وسيلة من الوسائل في الحصول عليها، إذ هو يشعر أنه مضغوط ومحاصر، ولديه مشاكل مالية، والآن حزب الله يدفع نتائج، ويُدرك أنه ذاهب إلى مزيد من الغرق، ويأخذ معه البلد إلى المزيد من الغرق، وهذه، برأيي، مسألة تختصر، إلى حد بعيد أزمة البلد، الذي يدفع ثمن خيارات إقليمية وخيارات استراتيجية، ليس له مصلحة فيها، لحسابات دول أخرى ولمصالح أخرى، وأيضاً فلقد تمت حماية الفساد في البلد، يعني كان هناك مقايضة، فلا شك في أن الطبقة السياسية التي حكمت لبنان، تواطأت مع حزب الله، إذا كانت تغطي الحزب في خياراته، وهو يغطيها في فسادها”.

وتعليقاً على كلام النائب وليد جنبلاط، ان العقوبات الأميركية لن تضيّق على حزب الله، إنما ستضيّق على كل اللبنانيين، قال الأمين: “فليسمح لنا وليد بك، فهذا الكلام يُشتمُّ منه، أن لديه المزيد من التهيّب، تجاه حزب الله، وفي آخر فترة أصبح جنبلاط، يوجه، بطريقة معينة رسائل، تُظهر أنه يتفادى المواجهة مع حزب الله، وأنا برأيي – ولنقلها بصريح العبارة، لماذا نجد كل المسؤولين اللبنانيين، لا يوجهون الانتقادات لخطاب السيد حسن نصر الله، فكلهم ساكت ولا يريدون مواجهته، هو الذي وجد أن عدوّه في لبنان هو “ثورة 17 تشرين”.

أضاف: “الكل في الداخل مستسلم والرهان على الخارج. وليس ضرورياً أن الخارج قد يفيد من هم في الداخل، فلا يفكرن أحد بأن الأميركيين، يريدون تغيير الوضع الحالي في لبنان. وأنا بتقديري هذا لن يحصل لأن الأميركان براغماتيين للآخر، ويقال إن الأميركان يريدون بقاء رياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان،لكن هذا الكلام ليس صحيحاً”.

وقال: “الأميركان لديهم حساباتهم، والبلد سوف ينهار، ويمكن أن لا أحد يسأل عنه. وفي نهاية الأمر نحن اللبنانيين أمام مسألة نضالية حقيقية لإنقاذ بلدنا، والذي حصل في 17 تشرين أعطى نقطة ضوء، وهذا يتطلب مزيداً من الحثّ والنضال والعمل والتغيير. والانتقال إلى المرحلة الجديدة الإيجابية، يتطلب، دفع أثمان في هذا السبيل. إن كل هذه التركيبة السياسية، وهذه السلطة التي تُدير البلد اليوم، قد وصلت إلى مأزق، وهي عاجزة عن أن تقدم حلولاً حقيقية للناس”.

ولفت الى أن “أهم إنجاز لحزب الله، يحاول أن يحققه، في هذه المرحلة، هو أن الحزب يعمل على محاولة إعادة تركيب اللعبة السياسية بالبلد، على قاعدة الانقسامات القديمة، التي كانت قبل (17 تشرين 2019)”.

وخُتم هذا الحوار بالحديث عن التهريب الحاصل عبر الحدود اللبنانية السورية، حيث قال الأمين: “إن أمر التهريب هو أمر سياسي، ذلك لأن قرار التهريب، هو قرار سياسي، وإن علينا أن نضبط حدودنا، وأشار في هذا الإطار إلى أن حزب الله الذي يمسك بالحدود يستطيع ضبطها، لذا عليه أن يقوم بدوره في هذا المجال، ويعمل على منع التهريب، أو على الأقل، أنه في مجال التنسيق بين الجيش اللبناني بشكل أساسي والقوى اللبنانية على حزب الله، في الظرف الحالي، أن يساعد، وتأخذ الدولة اللبنانية القرار بمنع التهريب”.

السابق
«الاختيار» يبحث عن نجم الجزء الثاني.. والترشيحات تميل إلى السقا!
التالي
لقاء تشرين يدعو لاستعادة خارطة الطريق.. والعمل على إسقاط الحكومة!