نصرالله في الناقورة

حسان دياب

لم يسبق ان أتت في تاريخ لبنان، حكومة كالتي يرأسها الان السيد حسان دياب لجهة الامتثال لجهة حزبية، من دون إغفال تاريخ حكومات أخرى عرفت حالات التماهي مع نفوذ جهات داخلية وخارجية، لكنها حافظت ولو بالشكل على مسافة تتيح لها التظاهر بالاستقلالية.

خلال شهر أيار الحالي ، قدمت حكومة دياب مثليّن عن إلتزامها الفوري بتوجيهات الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله في موضوعيّن بالغيّ الحساسية في علاقات لبنان الدولية.

في 26 الجاري، ولمناسبة ذكرى تحرير الجنوب، أطل نصرالله في مقابلة مطوّلة عبر وسائل اعلام الحزب يقول: “… يريدون إطلاق يد اليونيفيل من دون تنسيق مع الجيش اللبناني اولا .وثانيا، الاملاك الخاصة يحق لها ان تفوت وتفتش والاميركان يضغطون على طول على لبنان في هذا الموضوع”.

اقرأ أيضاً: تحالف حزب الله وداعمي الأسد تحت قبضة «قيصر»

في اليوم التالي، أي في 27 الجاري، أطل الرئيس دياب من مقرّ قوات “اليونيفيل” في الناقورة قائلاً: “…أؤكد على أهمية أن تستمر قوات اليونيفيل بالتنسيق والتعاون الوثيق مع الجيش اللبناني منعا لأي التباس وبما يسهل من مهمة قوات اليونيفيل ويعزز الثقة مع أبناء الجنوب”.

في 4 أيار الحالي، ظهر نصرالله مهاجما القرار الالماني في نهاية نيسان الماضي الذي صنّف الحزب “منظمة إرهابية” وحظّر أنشطته قائلاً: “الحكومة اللبنانية وفي مقدمها وزارة الخارجية اللبنانية، هم معنيون، والدولة هي التي عليها حماية مواطنيها، مش لازم أن يطلب من حزب الله أن يحمي المواطنين اللبنانيين في ألمانيا وغير ألمانيا. الدولة معنية أن تحمل هذه المسؤولية.”

في اليوم التالي، أي في الخامس من الجاري، استدعى وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي سفير ألمانيا جورج بيرغلن واستوضحه حول القرار الذي اتخذه البرلمان الألماني بشأن “حزب الله.” وأكد حتي “موقف لبنان المبدئي من أن حزب الله مكوّن سياسي اساسي في لبنان، وأنه يمثل شريحة واسعة من الشعب اللبناني وجزء من البرلمان اللبناني.”

في هاتيّن المناسبيتيّن ، تحرّك رئيس الحكومة وقبله وزير الخارجية في اليوم التالي بعد اطلالتيّن لامين عام “حزب الله”.في الشكل، أظهرت الحكومة إستعدادها للتجاوب من دون إبطاء مع ما يطلبه نصرالله. أما في المضمون، فبدا دياب ، وقبله حتي، ناقليّن لمواقف زعيم الحزب في صورة حرفية من دون أي تعديل فيها، ما أسقط المسافة ما بين السلطة التنفيذية التي من المفترض انها تمثل لبنان وليس “حزب الله”.

عندما كان دياب يلعب دور ناقل مواقف نصرالله ، قال له قائد “اليونيفيل” الجنرال ستيفانو ديل كول:”إنني أتطلع للعمل مع حكومة لبنان، ولا سيما القوات المسلحة اللبنانية، لتنفيذ القرار 1701 بشكل كامل ومعالجة أي قضايا عالقة”.

يجب ان يكون رئيس الحكومة قد فهم مغزى كلام ديل كول بشأن “تنفيذ القرار 1701 بشكل كامل”.لكنه تصرّف عمليا وكأن نصرالله هو الذي زار الناقورة!

السابق
«حزب الله» يهادن التيار الحرّ بـ «تخريجة» لسلعاتا.. ورئاسة الحكومة ترضخ!
التالي
محاولات لضبط سعر الصرف.. والرهان على وقف تهريب الدولار