اسرائيل تحارب الفلسطينيين برموزهم

فلسطين

 كما نبض المتوسط بموانئها يوما، فان كلمتها الحرة عبرت حدود المشرق العربي والعالم فكانت صحافتها سباقة بعد مصر في اصدار اولى الصحف “القدس الشريف” باللغتين العربية والتركية عام 1876 واطلاق “هنا القدس” أول اذاعة فلسطينية عام 1936.

ما يزيد عن الأربعين صحيفة فلسطينية وزعت في فلسطين وخارجها.. كان هذا قبل هجرة اليهود ومقولة “الأرض بلا شعب”.

الصحافة الفلسطينية التي فرض عليها ان تكون في خطوط المواجهة الاولى للدفاع عن الوطن وكشف خفايا المؤامرات التي حيكت ضد فلسطين وفضح الجرائم التي ارتكبت بحق شعبها، ورغم كل الضغوط التي مارسها الاستعمار البريطاني وبعده الصهيوني عليها ما زالت حتى يومنا تدفع ثمن رسالتها في كشف الحقائق المرة التي يفرضها واقع الاحتلال على المدن والبلدات الفلسطينية والذي لا يوفر العاملين في وسائلها من القتل المباشر والاحتجاز دون “تهم” لفترات غير محددة وقابلة للتجديد وإغلاق المؤسسة التي يتبعون لها تحت حجة “التحريض على العنف”، وليس آخرها تمديد إغلاق مكتب تلفزيون فلسطين بمدينة القدس المحتلة من قبل سلطات الاحتلال  ومنع طواقمه من العمل في المدينة وفي أراضي عام 1948 لمدة 6 أشهر أضافية .

اقرأ ايضاً: في الذكرى الـ 72 لـ«النكبة».. فصائل منظمة التحرير الفلسطينية: مستمرون في نضالنا حتى النصر!

عن هذا القرار تقول الكاتبة والأكاديمية د. منى فياض: يبدو واضحا إذا ما نظرنا الى التواريخ التي بدأت فيها سلطات الاحتلال اغلاق مكتب تلفزيون فلسطين في مدينة القدس المحتلة، ان الأمر مرتبط بـ “صفقة القرن” وهو من العلامات الرمزية التي تنوي اسرائيل محاربتها لأن الحروب ليست بالسلاح فقط والسياسة انما بالرموز ايضا.

وتضيف فياض: الحروب النفسية تقوم على بروباغندا معادية ومضادة، فالاسرائيليون يتعاملون مع تلفزيون فلسطين في القدس المحتلة اليوم وكأنه سفارة موجودة على أرض يعدونها ويهيئونها ان تكون أرضا لاسرائيل وعاصمة لها ويسعون للحصول على اعتراف العالم بها، وبالتالي فان الاعتداء على وجود وحق التلفزيون التاريخي بالعمل في القدس المحتلة هو جزء من الاعتداء على الشعب الفلسطيني وإبعاده عن ارضه التاريخية وحصره في الأماكن المحددة المخترقة كالغربال والموصولة بالجسور والأنفاق.

وأكدت فياض ان تلفزيون فلسطين ليس إلا جزءا من معركة رمزية لأن وجود الشعوب مرتبط بالرموز الأساسية، فلم يكن الارتباط التاريخي بالمسجد الأقصى المبارك والتأكيد على أحقية الصلاة فيه لدى الناس الا لأنه رمز اسلامي، وكذلك تلفزيون فلسطين هو “رمز فلسطيني”  يريدون القضاء عليه.

ويعلق رئيس تحرير موقع جنوبية الصحفي علي الأمين على قرار الاحتلال بالقول: “الصورة والكلمة ونبض الصوت الفلسطيني هو ما يعبر اليوم عن قضية الشعب الفلسطيني، تلفزيون فلسطين هو كل ذلك، وقيام الاحتلال بمحاولة طمس الحقيقة من خلال اغلاق مكاتب التلفزيون، هو إعلان لافلاس الاحتلال، الذي بات يضيق حتى بالصورة، تلك التي تحمل في طياتها حياة المقدسيين، الذين لم تتوقف محاولات انهاء وجودهم، بوهم أن ذلك سيغير من هوية الأرض والشعب، ثمة ما يستفز كل انسان على هذه الأرض، كل انسان مؤمن بالحق والحرية والعدالة، ان يمنع على تلفزيون فلسطين ان يمارس أبسط واجباته تجاه الفلسطينيين في القدس عبر نقل أفراحهم وهمومهم وتطلعاتهم، هو اعلان صارخ بأن الاحتلال بات أضعف مما كان، وهو ايذان بأن كل محاولات التهويد والضم، لن تجدي نفعا طالما ان الصوت والصورة والحقيقة تقض مضاجع الاحتلال.

واضاف: “هو وسام شرف على صدر العاملين في مؤسسة تلفزيون فلسطين، وتحد جديد وانتصار واضح، للكلمة وللصورة والصوت، وإثبات جديد ان الشعب الفلسطيني حي في قضيته وفي خيار التحرر وهنا النصر الحقيقي، والبقية ستأتي.. اغلاق مكاتب تلفزيون فلسطين اجراء قام به المهزوم وليس من يدعي الانتصار”.

ويشير الكاتب والصحفي والأستاذ المحاضر في كلية الاعلام بالجامعة اللبنانية د. خالد العزي الى فتح مكاتب للمؤسسات الاعلامية الرسمية الفلسطينية والخاصة وفتح اعتمادات للصحفيين في القدس المحتلة وأراضي 48 تسمح لهم في العمل لصالح تلفزيون فلسطين في مدينة القدس المحتلة وهم يحملون جوازات عبرية ويعيشون في هذه المناطق ويتكلم معظمهم العبرية ما يسهل لهم نقل المعلومات للمشاهد الفلسطيني ونقل الآراء المتوازية لما تقوم به الدولة العبرية وتحديدا تحركاتها ضد الشعب القلسطيني. ويؤكد ان تمديد اغلاق مكتب تلفزيون فلسطين يدخل في اطارين الأول تخلي الدولة العبرية عن تعهداتها أمام المجتمع الدولي ونقض كل الاتفاقات الدولية الموقعة مع السلطة الفلسطينية، وثانيا.. يأتي تمديد الغلاق في اطار الحرب التي تشنها اسرائيل كدولة محتلة ضد الشعب الفلسطيني وضد مؤسساته في اطار الحرب الذي يقوم بها كيان العدو وسلطته المتطرفة في ظل السكوت الدولي الذي يهدف الى الخروج من اتفاق السلام مع الشعب الفلسطيني.

ويضيف: من هنا فان عملية الاغلاق تأتي ضمن حجب المعلومات والأخبار عن الشعب الفلسطيني في اطار حرب المعلومة التي تعتمد على إبعاد الحقيقية عن المتلقي كي تبقى الرسالة ناقصة ومشككا بها من الجهات المتلقية للأحداث.

الاعلامية ديانا مقلد تضع قرار الاغلاق في اطار المزيد من التضييق والتطويق لحق الفلسطينيين بالتعبير فيما المفروض ان تكون هناك مساحات اعلامية حرة رسمية ومستقلة لتعبر عن واقع الفلسطينيين المرير، لكن لا نشهد سوى المزيد من تطويقهم .

وتنبض كلمات الاعلامية سعاد العشي حرقة على ما يجري في الاراضي الفلسطينية وتقول: نحن نمر بأتعس أيامنا حين نشاهد القدس كيف تستباح، للأسف صارت فلسطين تمر بالخبر الثاني أو الثالث.. وكأن العالم العربي اعتاد الاحتلال.. ولكننا على قناعة وايمان وثقة بان الشعب الفلسطيني لن يقبل ولن يرضخ ولن يبيع فلسطين تحت كل الضغوط التي تمارس عليه لا سيما من الضغينة ترامب الذي يدعم اسرائيل وهو في الحقيقة اثبت انه اسرائيلي اكثر من الاسرائيليين.. القدس عربية وتبقى عربية الى أبد الآبدين مهما اشتد الهجوم عليها وعلى كافة رموزها بما فيها الاعلامية.

وتختم العشي: ان موجات اليأس مهما علت لا يمكن لها ان تضعفنا، فنحن من نقوي مبادئنا ونرسخ أكثر حقيقة فلسطين التاريخية التي لا بد للنائم ان يستيقظ يوما عليها.

السابق
بعد الاقفال القسري بسبب كورونا.. وزيرة المهجرين تعلن معاودة الدفع وهذا ما طلبته من المستفيدين
التالي
علاج جديد من «هونغ كونغ» لمكافحة فيروس كورونا!