بيان «المجلس الوطني للإعلام»: دفاع عن الحكومة و«العهد» بحضور الموالين فقط

المجلس الوطني للاعلام

بما يشبه الـ”تهريبة”، نظّم المجلس الوطني للإعلام في مبنى الوزارة أمس اجتماعاً جديداً بين قلّة قليلة من أصحاب مواقع إلكترونية مختارة بعناية، وبين “لجنة مؤقتة” شكّلها المجلس نفسه لمتابعة شؤون المواقع الإلكترونية.

هذا الاجتماع لم يكن الأوّل لهذه اللجنة، وإنّما عقدت في السابق اجتماعات مماثلة، يُعلن عنها بشكل خجول من خلال خبرٍ لا يتعدّى الأسطر القليلة، يُنشر على موقع “الوكالة الوطنية للإعلام” من دون توجيه دعوات رسمية لأصحاب المواقع الإلكترونية كافّة.

في اجتماع أمس، بدا واضحاً لـلحاضرين من أصحاب بعض المواقع، أنّ الهدف منه أولاً الدفاع عن حكومة حسّان دياب و”العهد”، ثم ثانياً على المدى الأطول، “تطويع” المواقع الإلكترونية وفرض رأي المجلس ورأي الجهات السياسية التي تقف خلفه عليها وعلى الصحافيين فيها، وذلك من خلال استغلال الوقت الضائع الناتج عن التلكؤ في تعديل القانون 382/94 الناظم لعمل المواقع ككلّ.

إقرأ أيضاً: اعلاميون وصحافيون يتضامنون مع «جنوبية»: المجلس الوطني أداة للسلطة ويقمع الحريات!

من حيث الشكل، فإنّ المجلس لا يملك سلطة قانونية على المواقع الإلكترونية، لكنّه يحاول الضغط عليها، من خلال القول إنّ ذلك من أجل “تنظيم عملها واعتراف الدولة بها ومنحها حقوقها”. ويقول عارفون إنّه يفعل ذلك بغطاء حزبي. إذ إنّ هناك من يهمس: “السنّة لهم نقيب الصحافة، والمسيحيون لهم نقيب المحرّرين، وللشيعة حقّ بنقابة المواقع الإلكترونية”.

عبد الهادي محفوظ الذي ترأس الاجتماع، تلا أمس بياناً حصل موقع “أساس” على نسخة منه. البيان أقلّ ما يمكن القول عنه من حيث المضمون، إنّه أشبه بالتقارير التي تحرّض على هذا فتوبّخه، وترضى عن ذلك فتمنحه صكّ الرضى والغفران. البيان (إن صحّ وصفه هكذا) وشى بكلّ صراحة، بالأهداف المبيّتة التي يضمرها المجلس لناحية تطويق المواقع في زمن “الثورة على الوصايات” والعولمة والفضاء الإعلامي المفتوح.

لم يخبرنا محفوظ كيف لاجتماع مخصّص للبحث في عمل المواقع الإلكترونية وتنظيمها إدارياً وحماية صحافييها، أن يُثني على خطة الحكومة الاقتصادية ويدعوها إلى “اتخاذ إجراءات سريعة في موضوع جنون الدولار”؟ كيف يمكنه أن يدخل في تفاصيل الأخبار المنشورة فيتّهم الزميلة “النهار” بنشر أخبار “تنبش الماضي وتحرّض طائفياً” في زاوية “أسرار الآلهة”؟ أو يتهم موقعي “جنوبية و”المدن” بالدعوة إلى “عودة الثورة للشارع من باب انتقاد ارتفاع سعر الدولار وغلاء أسعار السلع الاستهلاكية؟ أو بـ”شنّها حملات مناهضة للحكومة ولرئاسة الجمهورية”، متهماً إياها بـ”قلب التحليلات إلى حقائق واقعية”، معطياً لنفسه الحق في  الدفاع عن حكومة اليوم حصراً وتبرئتها من أيّ مسؤولية بحجّة حداثة سنّها؟

دافع محفوظ بشراسة عن حكومة حسّان دياب وترك المواقع الإلكترونية، بل هاجم المواقع واتهمها بأنّها “تقوم بحملة ممنهجة” من خلال اتهامها “حزب الله والتيار الوطني الحر بقيادة الحكومة”، خاصاً بالذكر موقعي “الجنوبية” و”المدن” مرّة ثانية في البيان نفسه، مثنياً على “حملات التوعية” من جائحة كورونا المستجدّ التي تتولاها مواقع، منها “ليبانون فايلز”، يملكه الزميل ربيع الهبر رئيس اللجنة المؤقتة وكان حاضراً الاجتماع. الزميل الهبر الذي يداوم على الحضور إلى وزارة الإعلام في اجتمعات متعدّدة للجان، والذي يبدو أنّه الأقرب إلى “المجلس” وإلى خطّه وخطّته. كما أنّ موقع “النشرة” نال نصيبه من الثناء، وليس خفياً أنّ الموقعين هما أقرب إلى “العهد” من البقية. و”النشرة” شعر بالإحراج من البيان، فبعد نشره عاد وحذفه عن الموقع، بعد أقلّ من ساعة واحدة.

في حكومة الرئيس سعد الحريري ما قبل الأخيرة، تولّى الوزير ملحم رياشي حقيبة الإعلام، وعرض على مجلس الوزراء مشروعاً واعداً يحترم حريات مهنة الصحافة ويناسب ظروف لبنان الاقتصادية (خصوصاً اليوم). المشروع أوصى بضرورة إلغاء وزارة الإعلام وإيلاء المسؤولية إلى المجلس الوطني، فإذا بالمجلس يؤكّد بأنه مُسيّس ويلتزم أجندة حزبية … فلنبقِ على الوزارة، ذلك أفضل وأسلم!

السابق
هذا ما جاء في مقدمات نشرات الاخبار المسائية لليوم05/05/2020
التالي
خطّة لإدارة الفقر والإفقار