الجوع يلبس لبوس «كورونا»..«أمن ذاتي» من البقاع الى الجنوب!

الشرطة البلدية وفحوصات كورونا
الجوع يلاحق اللبنانيين جنباً الى جنب مع "كورونا"، الاشغال متوقفة والحالة الاجتماعية والمعيشية الى تراجع مخيف، في حين يطل الأمن الذاتي برأسه من البقاع الى الجنوب. (بالتعاون بين "جنوبية" و"مناشير" و"تيروس")

“التعبئة العامة” في يومها الثامن وحظر التجول شبه الكامل ليومه الثاني بدأ يأخذ ابعاداً اقتصادية واجتماعية وحياتية بقدر اهمية تفشي فيروس “كورونا” بين الناس. فمن توقف عمله اليومي لن يحصل على خبزه وكفاف يومه، ومن جلس في منزله محجوراً وله عمل خاص او “مصلحة مستقلة” او عربة خضار او “بسطة” او عامل يومي وبالساعة كلهم لن يجدوا حتى 29 آذار قوت يومهم.   

وتقول مصادر متابعة ان ما يجري اليوم على اهميته في كل لبنان لحصار ومنع تفشي الوباء، لا يعني ان تترك الدولة ناسها الى القدر. فتصبح المعادلة: من لم يقتله “كورونا”، قتله الجوع والعوز!

روائح أمن ذاتي في بعض البلدات من الشمال الى الجنوب حيث تسود حالة من الفوضى في ظل تقصير القوى الامنية والبلديات وغياب الجهات الرسمية التي يفترض ان تشرف على حركة وخروج السكان من القرى

واليوم إستمرت القوى الامنية في اغلاق المؤسسات الصغيرة والكبيرة التي لا تعنى بالغذاء والدواء وسطرت عشرات مخالفات السير للصهاريج والفانات في حين ظهر حضور القوى الامنية في الشمال ضعيفاً وتغلغل الطرابلسيون في الاسواق العتيقة  من دون ادنى معايير السلامة العامة ومنع تفشي “كورونا” في منطقة بدأت تظهر فيها الاصابات وهو امر فيه الكثير من الخطورة.

ومع ارتفاع الاصابات اليوم 8 إضافية لتصبح المثبتة مخبرياً 256 اصابة، نبهت المصادر من روائح أمن ذاتي في بعض البلدات من الشمال الى الجنوب حيث تسود حالة من الفوضى في ظل تقصير القوى الامنية والبلديات وغياب الجهات الرسمية التي يفترض ان تشرف على حركة وخروج السكان من القرى التي اغلقت مداخلها بالسواتر الترابية والحجارة والصخور فيعمد بعض الحزبيين الى الانتشار وطلب هويات الاهالي وتسجيل بياناتهم الشخصية وسؤالهم عن الوجهة وغيرها من الامور التي تسأل عنها القوى الامنية عادة وهذا ان طال يهدد الامن المجتمعي في كل قرية ويولد نفوراً بين السكان ويضرب هيبة الدولة والاجهزة.

البقاع

وفي البقاع لا تقل ضراوة حضور “كورونا” عن الجوع، الذي يطل برأسه من خلال الحجر المنزلي والتعبئة العامة وارتداداتها اجتماعياً على العائلات الأكثر فقراً، ومع غياب وزارة الشؤون الاجتماعية وجداولها، وبطاقاتها. اذ لا تجد الكثير من العائلات التي حجرت انفسها ربطة خبز وبعض من المواد الغذائية القليلة.

حملة “خليك بالبيت”، لن تستمر طويلاً في جو من الفقر، وبطالة داهمت البقاعيين منذ أكثر من اربعة اشهر، وقد لا يطول العزل ما لم تتدخل الحكومة لمساعدة اللبنانيين للاستمرار في عزلهم الاحترازي من الفيروس.

ويسود البقاعيين حالة من القلق والشعور بالعوز بدأت عند العديد من العائلات البقاعية التي لا تعتبر فقيرة، انما معروفة بدخلها المحدود. ورواتبها القليلة التي برمجت عليها حياتها، واذ بكورونا تجعلهم عاطلين عن العمل في لحظة مفاجئة.

واكثر المتضررين من الحجر المستجد هم اصحاب المهن الحرة الذين يعانون ازمة في تراجع عملهم منذ ما قبل انتشار “كورونا” في لبنان، والتي كانت سبباً لنزول المئات منهم الى التظاهرات في لبنان. هذا ما جعلهم يعبرون عن واقعهم بتخوف من أن تطول الازمة ولا يجدون ثمن ربطة خبز. أو أن يتصل بالبلدية يطلب مساعدة عينية غذائية.

“الشكوى لغير الله مذلة” قالها جمال رب اسرة وهو عامل في محل المنيوم حوّل سيارته الخاصة لنقل الركاب في طريق اشبه بالمهجورة، ويشكو من عدم امتلاكه 10 الاف ليرة في جيبه”.

أبو حليم سائق فان لنقل الطلاب، من بلدة المرج في البقاع العربي،  قال “من لما وقف المدارس حقنا ما قبضناه، عايش بالدين”، ليردف معاتباً البلدية” المشكلة الأكبر ان البلديات تنتطر من الشخص لتساعده أن يتصل ويقول لهم أنا محتاج، لو بقعد من الجوع ما بعملها”.

اغلاق تام في قرى البقاع
اغلاق تام في قرى البقاع

وفي مدينة زحلة خصصت البلدية خلية ازمة وعمدت الي تأمين خمسة الاف حصة لابناء زحلة توزع عليهم في هذا الظرف الصعب.

وفي بلدة غزة أعلنت البلدية خلال  اجتماعها برئاسة محمد المجذوب بمشاركة عددا من أطباء البلدة عن التوافق على  تجهيز مستشفى ميداني وذلك خطوة استباقية لأي تفشي من فيروس کورونا، وحدد مكانه بجانب المطعم القديم الموجود في الحديقة العامة على أن يكون المطعم مكانا للعزل إذا لزم الأمر. ودعت كل من يشتكي من أي أعراض لفيروس التوجه الى المركز.

واستمرت عملية اقفال المداخل الفرعية للقرى وحصرها بمدخل واحد او اثنين يتم مراقبة الوافدين من قبل عناصر البلدية.

صور

وفي الجنوب، ترجمت حال “التعبئة العامة” على الشوارع والمحال التجارية باستثناء المأكل والمشرب والدواء، وعاش اهالي الجنوب والقرى جواً من القلق والترقب بعد الاعلان عن 3 اصابات في “كورونا” في قضاء صور وكذلك في النبطية 3 حالات وفي صيدا حالة واحدة.

إقرأ أيضاً: في الضنية.. ابن الـ22 مُصاب بالكورونا!

في حين بدأت تبرز مشاهد من النفور والتنافس بين “حزب الله” و”حركة امل” وحساسية الامن الذاتي بينهما في قرى قضاء صور، شهدت مدينة صور حادثة غريبة من نوعها في زمن “الكورونا”، وفي التفاصيل ان عناصر من شرطة بلدية صور منعوا عناصر من “الهيئة الصحية الاسلامية” التابعين لـ”حزب الله” من تعقيم الشوارع  وإيقافهم وإبعادهم من المكان.

بدأت تبرز مشاهد من النفور والتنافس بين “حزب الله” و”حركة امل” وحساسية الامن الذاتي بينهما في قرى قضاء صور

و بعد هجمة عنيفة من انصار “حزب الله” على بلدية صور خرج رئيس البلدية حسن دبوق عبر مقطع فيديو ليقول بأنَّ ما يقوم به البعض من رش و تعقيم ليس له أي أهمية و “اللي بدو يتصوَّر… يتصوَّر غير هون”.

و عن هذه الحادثة الاولى من نوعها في مدينة صور قال لموقع “تيروس”، اوضح اسعد سرور إنَّ البلدية طلبت من الجميع عدم التعقيم غير المجدي و لكن كالعادة في مدينة صور يحاول “حزب الله” ان يظهر نفسه و كأنه الحامي للمدينة واهلها ليس حباً بالمدينة بل تزريكاً لحركة امل فكانت ردة فعل البلدية طبيعية ومشكورة على ما فعلته”.

حلاق سري!

والتقى موقع “تيروس” احد “الحلاقين” في قضاء صور الذي أكد انه التزم بالتعبئة العامة واجبر على إغلاق “الصالون” تحت طائلة تسطير مخالفة وضبط. ولكنه بعد ايام عاد الى فتحه بطريقة سرية، حيث طلب من مساعده الوقوف على مدخل الطريق للمراقبة في حال جاءت القوى الامنية أو شرطة البلدية وتواصل مع زبائنه على التلفون، فكلما انتهي من زبون يتصل بالآخر. واوضح ان “غيري من الحلاّقين يذهبون إلى بيوت الزبائن”.

و في قضائي بنت جبيل ومرجعيون، تمَّ تسكير طرقات الخيام وديرميماس ومجدل سلم و كفركلا حيث عُزِلَت مناطق عن بعضها. وابقوا في كل بلدة على مدخل وحيد.

وقال لموقع “تيروس” بلال سليم: “أبقينا على مدخل واحد ونراقب الداخل والخارج ونقيس حرارة كل واحد و نطلب من الأهالي عدم الخروج من المنازل الا للضرورة”.

وقامت بلدية العباسية برش وتعقيم الشوارع والتنسيق مع اتحاد بلديات صور.

قطع مداخل القرى في البقاع والجنوب مستمر
قطع مداخل القرى في البقاع والجنوب مستمر
السابق
في الضنية.. ابن الـ22 مُصاب بالكورونا!
التالي
بالفيديو: هل مَللتُم من الحجر المنزلي؟ غزّة تعيشه يومياً منذ 14 عاماً!