يوم أخرج نصرالله «إبليس» من «جنّة».. «حزب الله»!

السيد حسن نصرالله

عذراً يا سماحة الامين العام؛ قبل أن أبدأ كلامي الذي أردت من خلاله نقداً وليس اتهاماً.

 وإنما أقول ذلك بعد كلامك الاخير الذي حسمت فيه الامر وحكمت ووضعت فيه مربعاً: من يجرؤ على دوس اي ضلع من اضلاعه سوف تكسر اضلاعه! 

لم تقلها بصراحة، ولكن قلت لأنصارك ومحازبيك أن يخرجوه من دائرة الرحمة الالهية، كما أخرج ربك ابليس، وما مخالفة إبليس بعدم السجود لآدم بأقل جرماً وذنباً من تناول المقاومة وقائدها او مجرد التشكيك في نزاهتها..!!

إلا أن بين النقد والنقاش وبين الاتهام والتخوين خيط رفيع، هو أدق من الصراط، وحراسه أبطش من إسرافيل وميكائل والملائكة مجتمعين،

 إذ كيف يمكن أن يميّز محازبوك؛ مع ما عندهم من فائض القوة، وزهوّ النصر، وعقل البندقية والرصاص.. وما تخلفه نتائج الحروب من قسوة واعتياد على رؤية الفواجع ونزف الدماء؟!

كيف يمكن أن يميّز هؤلاء بين النقد البنّاء وغير البنّاء، وبين النقاش والاعتراض؟! وبين حرية مساءلة القائد وبين الردّ عليه، والراد عليه كالراد على الله وهو الكفر بعينه؟!

ما قبل كلامك يا سماحة السيد لم يكن مسموحاً عند محازبيك أن تناقش أو تبدى وجهة نظر معارضة لوجهة نظرك ولو على مستوى التحليل او العلية

فكيف ما بعد كلامك بالأمس والذي شئت أم لم تشأ، فقد أسّس لمنهج ستكون أقل تداعياته أحقاد وفتن وتقطيع أواصر وتفكيك صداقات ونزاعات ستؤول الى التنمر والعنف والطرد والاتهام والتخوين تحت عنوان أردته ضيقاً ولكن سوف توسعه عصبية المحازبين والمناصرين، الذين لم تتشكل شخصياتهم الثقافية والايمانية على وعيّ متوازٍ مع عضلاتهم وخبراتهم القتالية.. 

لم يعرف عن اغلبية المحازبين قبل خطابكم المرصوص اي دينامكية او مرونة في الحوار مع الآخر حتى من غير المختلف، وغالباً ما كان فائض القوة العضلي يحسم الجدل وينتصر على فائض الثقافة والوعي.

اقرأ أيضاً: قضية العميل الفاخوري تضرب عمق «أيديولوجية» حزب الله!

فما بالكم اليوم بعد ان اطلقتم العنان لتداعيات الغلوّ في ابعاد شخصيتكم، حتى بلغت الايمان بالعصمة العملية وأعطيتم المشروعية لشعور المنّة والفضل المخزون في عقلهم الباطني على كل احد، وأنّ ما من شيء تنتجه هذه الامة الا ما كان ليكون لولا تضحياتهم،والنهج والكيان الذي آمنوا به، وان هذا يعني ان كل ذلك هو قدس الاقداس واي مسّ به هو أمر مرفوض وبعد كلامكم قد شُرّع التعزير بل واقامة الحد.

 يا سيد المقاومة 

ليست كل الحياة انتصارات، فهذا لم يكن لنبي فكيف يكون لك،  وان يسجل العدو هزيمة او يسجل بعض حملة الملفات لديك اخفاقا ما، هذا امر طبيعي لدى القادة الحكماء، وتعالج بالتهيئة لنزال قادم يرد فيه الاعتبار وبين الاخفاق وعودة الاعتبار، لا بد من الحفاظ على التماسك وشد العصب وتقريب البعيد وفتح مجالات النقاش والحوار وباب النقد، لنتفادى في المستقبل أخطاء الحاضر ونرسم خارطة استقطاب، نصيغ من خلالها اشكال التواصل المجتمعي ونزيد من حجم الترابط بين مكونات المجتمع الاهلي الحاضن لمكونات المقاومة. 

وليس صحيحاً ما اقدمت عليه بالامس وانا لا اشكك ولا انتقد وانما احاور، ارجو ان تفهموني،  واخشى من اقامة حدّ الابعاد والاخراج والقطيعة والاتهام في الدين.

 إنّ ما اعلنته بالامس هو عبوات عنقودية متفجرة سوف ينتج عنها جرحى ومشوهين ومقطعي الاطراف في كل جلسة حوار او نقاش حقيقية او افتراضية على شبكات التواصل. 

ما هكذا تورد يا سيد الإبل

 ان ما حصل بالامس هو اخفاق لجهاز التنسيق مع مؤسسات الدولة، كان يجب ان تستخلص منه العبر وتعقد لاجله جلسات لمعرفة المسؤولية على عاتق من تقع؟ ونواجه الحقيقة المرة بشجاعة الشجعان.

 ان من لطم على خدّه غدراً او خطأ لا يلطم خدّه الآخر فان المحصلة تعني ضربتين..

السابق
هذا ما جاء في مقدمات النشرات اليوم في 21/3/2020
التالي
«الكورونا» تبتلع السياسة..اللبنانيون الى الحجر الكامل!