«خطبة السيستاني» تحمي المتظاهرين وتربك الصّدر وتُضعف علّاوي!

السيستاني
لم يتفاجأ العراقيون بخطبة المرجعية الأخيرة قبل أيام، التي مدّت حبل الخلاص للمناضلين المحتجين، فهم يمثلون الأغلبية الساحقة من الشعب المضطهد من قبل زعماء الاحزاب المسلّحة الحاكمة، وحسبه انه يطالب بتأمين لقمة العيش والماء والكهرباء والدواء فقط لا غير.

ما ان انهى وكيل المرجع الأعلى السيد علي السيستاني خطبة الجمعة الأخيرة في النجف، حتى بدأ الانقلاب الأبيض يعم مختلف الساحات والشوارع والاندية في العراق.

فقد أوحى انقلاب مقتدى الصدر على حركة الاحتجاج العراقية بتفاهمه مع الجارة إيران، وإمكان أن يتولى تمثيلها في العراق بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وذلك  بدلاً من مجموعة الميليشيات المسلحة التي فشلت في هذه المهمة سابقاً، وتسبب في صناعة تيار شعبي مناهض لطهران.

أولى بوادر الهيمنة الصدرية على المشهد العراقي، كان تبني تكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة الجديدة، من جانب مقتدى الصدر نفسه، باعتباره “خيار الشعب”. وهو أمر يتقاطع بشكل علني مع موقف ساحات الاحتجاج، التي سارعت إلى رفض هذا التكليف فوراً.

عندما وجد الصدر أن المتظاهرين لن يسمحوا بتمرير علاوي، أمر أنصاره الذين اعتمروا “القبعات الزرق” بالنزول إلى الساحات في بغداد وأربع مدن أخرى لقمع المحتجين وهو ما قاد إلى مجزرة في مدينة النجف.

خطبة السيستاني الحاسمة

ولما باتت عيون العراقيين، الجمعة،  شاخصة تنتظر من المرجع الأعلى الردّ على ما اقترفته جماعات الصدر بحق المحتجين السلميين، فان المرجعية كعادتها لم تخيّب الرجاء، وكان ردّها حاسما بالوقوف الى جانب الشعب ومظلوميته، فقد ندّد خطيب الجمعة بالعنف الذي أودى بحياة محتجين في مدينة النجف.

وفي اشارة واضحة لمحاولات التيار الصدري السيطرة على الاحتجاجات، بوسائل عدة منها فرض ذلك بالقوة من خلال استخدام “القبعات الزرق”، ندد المرجع الشيعي في خطبته بالعنف الذي أودى بحياة محتجين في مدينة النجف، و “رفض قيام أي جهة غير رسمية بالتكفل بحماية المحتجين”،و شدد على ضرورة أن “تحظى أي حكومة عراقية جديدة بثقة الشعب ومساندته”.

إقرأ أيضاً: الإنتفاضة العراقية تأمل رفض السيستاني لترشيح علاوي.. وإصابات جديدة في بغداد!

ودعت المرجعية قوات الأمن العراقية إلى حماية المحتجين السلميين من المزيد من الهجمات، مشيرة إلى أن “عليها تحمل مسؤوليتها تجاه كشف المعتدين والمندسين، والمحافظة على مصالح المواطنين من اعتداءات المخربين”، واستهجنت “قيام جهات غير حكومية بالتدخل في الملف الأمني وفرض رؤيتها على المواطنين”، في ما يراه مراقبون أنه موجه لـ “القبعات الزرق”.

الصدر يخضع ويسحب القبعات الزرق

في أول رد فعل على خطاب السيستاني، وجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بعد ساعات من الخطبة، بانسحاب “القبعات الزرق” من ساحات التظاهر وتسليم ملف حماية المتظاهرين إلى القوات الأمنية، وكتب الصدر بياناً من 18 نقطة أطلق عليه اسم “ميثاق ثورة الإصلاح” قال فيه إن “الاستمرار على سلمية التظاهرات، يعني عدم إجبار أي شخص على التظاهر والاحتجاج مطلقاً وعدم قطع الطرقات والإضرار بالحياة العامة وعدم منع الدوام في المدارس كافة، وأما الجامعات وما يعادلها، فالأمر اختياري، ومن دون إجبار على الدوام وعدمه”.

علّاوي وخطر سحب الثقة

بنظر مراقبين فان ترشيح الصدر لعلاوي وتكليفه بشكل منفرد بتأليف الحكومة دون مشورة أحد من الفاعلين السياسيين أو الروحيين، لم يكن وقعه جيدا لدى المرجعية التي تحبذ مراعاة التوازنات السياسية في البلاد من اجل تجنيبها الاضطرابات، فقد أفاد تحالف “سائرون” النيابي الذي يقوده زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، اليوم الأثنين، بأنه لن يصوت على منح الثقة لرئيس الحكومة المكلف محمد توفيق علاوي، إلا بموافقة الشارع.

فقد قال النائب عن التحالف، سلام الشمري، في بيان صحفي إن “أغلب الكتل السياسية مصممة على موقفها المعلن، المؤكد بقرار برلماني، بضرورة خروج القوات الأجنبية، وخاصة الأمريكية من البلاد”.

وأضاف أن “قرار البرلمان ملزم لرئيس الحكومة المكلف، وعليه أن يقدم على الخطوات المقبلة في هذا الأمر”.

وأشار الشمري إلى أن “تحالف سائرون لن يصوت على منح الثقة (للمكلف بتشكيل الحكومة محمد توفيق علاوي) إلا بموافقة الشارع الذي يرفع شعارات تدعو لأن يكون العراق حرا مستقلا بسيادة كاملة ودون تدخلات خارجية”.

وبرأي هؤلاء المراقبون، فان هذا الانقلاب الصدري على  علاوي بذريعة طلب خروج القوات الأجنبية (الاميركيون)، هو في الواقع انسحاب تكتيكي للصدر ومحاولة منه لالقاء كرة النار في ملعب المرجعية، لتحميلها ضمنا المسؤولية عن الوضع القائم في العراق، والتخلص من الضغوطات الايرانية التي طوقته منذ اغتيال سليماني.

السابق
بالصورة.. هكذا أرعب بيان لـ «ثوار الجنوب» حركة أمل في طورا والعباسية!
التالي
المشنوق لن يشارك في الجلسة: أحجب الثقة عن حكومة «انتحال الصفة»!