أسئلة مشروعة على هامش الحكومة «المفتوحة»!

تكسير المصارف

تشكيل الحكومة

فجأة وبدون مقدمات واضحة عادت أسهم التأليف إلى الإرتفاع بعد أن كانت كل التسريبات تنعى التكليف وسط حملة
“تبييض” للرئيس المكلف وسط بيئته لإظهاره بمظهر الشخص القوي الذي يسعى للحفاظ والتمسك بصلاحيات رئيس الحكومة السني، والطرف الذي يتعامل مع الأطراف الأخرى التي رشحته للمنصب معاملة الند للند لدرجة دفعت “وزير البلاط” سليم جريصاتي لإصدار بيان رد فيه على تصريح للرئيس المكلف بأنه المعني الأول بالتأليف بالتعاون مع رئيس الجمهورية الأمر الذي أعتبر إنتقاصا من دور رئيس الجمهورية وإعتباره ساعي بريد وهو ما أثار حفيظة دوائر القصر الجمهوري، ما دفع للرد على الرد بتسريب آخر للرئيس المكلف يتسم بالتحدي ويدعو فيه من يجد سندا دستوريا لسحب التكليف منه أن يسحبه.

اقرأ أيضاً: حكومة دياب تبصر النور قريباً… ماذا عن الإنتفاضة؟

ترافق هذا مع عودة الرئيس نبيه بري لتبني خيار حكومة تكنو سياسية معللا ذلك بالتطورات الخطيرة التي إستجدت في المنطقة بعد إغتيال قاسم سليماني، مرفقا ذلك بدعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى القيام بواجباته الدستورية كاملة الأمر الذي أوحى بأن فترة تصريف الأعمال ستطول خاصة مع تزامنها مع عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت من “إجازته” الطويلة نسبياً، ومع إعلان تكتل لبنان القوي برئاسة باسيل بأن موقفا نوعيا سيصدر عنه بعد إجتماع التكتل يوم الثلاثاء الماضي قد يكون إعلان إنسحابه من المشاورات في شأن تشكيل الحكومة وإستعداده للبقاء خارجها وهو ما يعني عمليا أن لا تأليف.

تصريحات جنبلاط

فما الذي حدث فجأة حتى ينقلب الوضع، ويحط وليد جنبلاط في عين التينة ويطلق تصريحاته المثيرة للجدل كالعادة عندما تحدث عن عدم طرح الحراك لبرنامج بديل، وعن كشفه عن مرشحه للوزارة وليد عساف وبأنه أعلم جميل السيد بالإسم بإعتباره بات “يشتغل” بالحكومات وهي “لطشة” توحي وتشير بأن هناك فيتو على إشراك جنبلاط ولو بالتسمية في الحكومة، الأمر الذي أعتبر إحراقا للإسم وسحبه من التداول الذي ما لبث صاحبه أن زار جنبلاط وإعتذر عن المنصب لأسباب عائلية في إخراج مناسب وملطف للموقف.

«الحاوي»

وفي اليوم التالي حط جبران باسيل أيضا في عين التينة قبل إجتماع التكتل حيث كان ينتظر أن يعلن الموقف النوعي الذي وعد به، فإذا به بعد إجتماعه مع “الحاوي” بري يتريث وهو المعروف عنه أنه لا يستمع لنصائح الآخرين وخاصة من سبق وأطلق عليه لقب “البلطجي”. في نفس الليلة كانت موقعة المصارف في شارع الحمرا دون سابق إنذار خاصة وأن شباب من الضاحية كانوا قد “إنضموا” قبلها بليلة للحراك  والهتاف ضد المصارف ورياض سلامة حاكم مصرف لبنان الذي يعتبر الهدف الأول لأنصار الثنائي الشيعي منذ ما قبل إنطلاق ثورة 17 تشرين مدفوعين بإرتفاع سعر صرف الدولار إلى عتبة الـ2500 ل.ل لينجلي دخان موقعة المصارف في اليوم التالي عن إنقلاب بالموقف وإرتفاع أسهم التفاؤل بالتأليف، فما عدا مما بدا كما يقال؟

عادت أسهم التأليف إلى الإرتفاع بعد أن كانت كل التسريبات تنعى التكليف

هل كانت هذه التطورات حركة ضغط أخيرة على سعد الحريري للتراجع والقبول بشروط التكليف، وهو ما دفع الحريري للتصريح بعنف ضد ما حصل في شارع الحمرا وأعتباره محاولة إستباحة لبيروت؟ أم أن هناك علاقة بين إنقلاب الوضع وتطورات المنطقة بعد أن هدأت الأمور بأقل الخسائر الممكنة بين أميركا وإيران؟ وهل هناك علاقة بين هذه التطورات وزيارة أمير قطر لطهران، وقطر كما هو معروف تمثل إذا صح التعبير “الذراع السياسية لمحور الممانعة” في علاقته مع أميركا؟ وهل سنسمع قريبا ومجددا شعار شكرا قطر بعد الحديث عن وديعة قطرية لم تتأكد بعد؟ وما سر هذا الإنسحاب أو لنقل الإنكفاء العربي سواء السعودي أو الإماراتي أو حتى المصري عن الساحة اللبنانية في غمرة هذه التطورات المهمة؟

أسئلة كثيرة تطرح لا نجد أجوبة عليها أقله في الوقت الحاضر بسبب عدم شفافية أطراف هذه السلطة السياسية، وغياب حس المسؤولية عندها وعدم إكتراثها لمعاناة الناس المتزايدة يوما بعد يوم رغم الثورة المستمرة التي تدخل شهرها الرابع اليوم، بل تعطي الأولوية لإرتباطاتها الخارجية ومصالحها الخاصة.

اقرأ أيضاً: حزب الله يخطف الثورة في لبنان ويوجّهها ضد حاكم المصرف المركزي

بالأمس وبعد إجتماع الرئيس المكلف مع الرئيس نبيه بري خرج وزير المالية علي حسن خليل ليعلن بأننا بتنا على عتبة التأليف وبأن الحكومة ستكون كما يريدها الرئيس المكلف من 18 وزيراً ومن إختصاصيين، وهنا السؤال الكبير عن سبب تراجع الرئيس بري عن حكومة التكنو سياسية ذات الـ24 وزيراً، وما هو الثمن خاصة وأن هناك من بات يطلق على الحكومة العتيدة بأنها حكومة “جميل السيد” أو أقله الحديث عن ودائع له فيها كوزارة الداخلية مثلاً، مع ما يشكله جميل السيد من “حساسية” لدى بري وحليفه جنبلاط ، فهل هناك قطبة مخفية؟ وهل سترى حكومة دياب النور فعلا أم أن أوانها لم يحن بعد وأن كل ما يجري هو ملهاة ومضيعة للوقت حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في المنطقة؟

هنا يحضرنا المثل المصري الذي يقول ونردد معه “يا ما في الجراب يا حاوي” فكيف إذا كان الحاوي ماهراً كالرئيس بري؟ لننتظر وإن غدا لناظره قريب.

السابق
عدوى«أشرف الناس» تتفشى.. جريصاتي يُصنّف الثوار: طاهرين..غير طاهرين!
التالي
بعد إغتيال سليماني: «حزب الله» أكثر قوة.. إيران تطلق «المقاومة الهجومية الهجينة»