«حزب الله» هم «المشاغبون»!

يثير الحراك المتصاعد أمس جملة من التساؤلات المشروعة، حول أصله وفصله ونسبه، خصوصا على مستوى محدوديته العددية لا “العملانية”، وعدم تبني، إلى حد التخلي، اي جهة سياسية فاعلة أو وازنة لهذا الإحتجاج وتحديدا في نسخته ” المشاغبة”، طبعا مع خلا “حزب سبعة”، وهو لعل حضوره أكثر بقليل من أسمه، وبعض الغاضبين الذين تأثروا بالجو الإقتصادي الضاغط، و قد غادروه قبل ان ينحرف الحراك عن مساره الطبيعي.
غير ان مسار الأمور الدرامتيكي، يؤدي إلى”خارطة طريق” واضحة المعالم والأهداف والجهة. اذ لم يعد غريباً ان يطبق هذا “الحراك” سياسة “الهرم المقلوب”، فهو لم يبدأ بالمطالب المعيشية والسياسية وبقي يطالب بها طوال النهار تحت أشعة الشمس الحارقة وتسبب بالإحساس بالعطش والغضب ف”هاجوا وماجوا”، إنما يدركون ما اتوا لأجله فأستهلوا اليوم الطويل بأعمال الشغب من حرق إطارات ومكبات نفايات وقطع طرق وجسور حيوية في بيروت والمناطق وأعمال تكسير، و مواجهات عنيفة مع القوى الأمنية أثناء محاولة إقتحام السرايا، لا المجلس النيابي مثلاً على ان يتخللها شعارات إسقاط النظام والطاقم السياسي ( النكتة السمجة التي فقدت حس التهكم والفكاهة).
من نافل القول ان اي تحرك مطلبي هو محق خصوصا وان الناس لم تعد تحتمل هذه الضائقة الإقتصادية والتلاعب بمصيرها، غير ان ما جرى من شر إستفادة من هذه الأجواء، يكشف عن طبعة حزبية فاقعة لهذا الحراك، وإستغلاله في الشارع ( وهو اللعبة الأخطر) لتوجيه رسائل مبطنة وصريحة، وتصفية حسابات سياسية.
ابحث عن “حزب الله”. مسار الأمور يشي بوضوح ان ما من طرف يستطيع غيره ان يقلب الأرض رأساً على عقب ويعدل قواعد الإشتباك المحلي، بالتعاون “الشخصي” مع العناصر الجاهزة دوما لهذه المهمة من جناحه الشيعي الآخر ، فهو “حزب الهي” لا يسمح لصورته الداخلية ان تهتز في موازاة ما يشبه الإنهيار الخارجي، وان يحتسب مع كل الطبقة السياسية الفاسدة، وكذلك لن يتحمل وحده التبعات الإقتصادية للعقوبات الأميركية، ولو انه مقتنع ضمناً انه هو المتسبب الأول والأخير بها.

إقرأ أيضاً: «حزب الله» يدك القصير ويدعو إلى العودة «المقهورة»

تحرك حزب الله عبر من تحرك، ليقول للجميع من الرئيس ميشال عون الذي عليه بذل المزيد من الجهود السياسية و إلى حاكم مصرف لبنان الذي عليه ان يخترع طريقة ما هو والمصارف لعدم تطبيق العقوبات: الحياد السلبي ممنوع والنأي بالنفس لن يمر، وإلا هذا هو حال البلد من الآن فصاعداً، “كر وفر” وشغب وتوتر امني يومي بغلاف إقتصادي معيشي.
هل يستطيع “حزب الله” وهو الغالب دائما بحسب شعاره، ان يستمر في لعبته المكشوفة والخطرة. “من يعش ير” !

السابق
«المستقبل» يرد على النائب أسود: تياركم من غطى الموبقات بحق لبنان
التالي
“بعبدا”: ما جرى تصفية حسابات وتذكير بشبح 1992