لماذا يحذر حزب الله اليوم من حرب إسرائيلية تستهدفه؟

تروي والدة أحد الشهداء من بلدة بريتال أن زوجة أحد مسؤولي الصف الأول في "حزب السيد" زارتها بعد استشهاد ولدها عام ٢٠٠٥ "لتبارك لها بشهادته"، وتنقل اليها تبريكات زوجها القيادي، وتبلغها رسالة مفادها أن "المقاومة كانت (في تلك المرحلة) بأمس الحاجة لسقوط الشهداء، وأنّ الله اختار ابنها لهذا الشرف".

لم تفهم والدة الشهيد المقصد من تلك الرسالة، ولكنها كانت ترددها أمام الناس -على طيبتها- متفاخرة بالشرف الذي ناله ولدها في سدّ حاجة المقاومة.

في ذلك الوقت كان النقاش في البلد دائراً حول جدوى بقاء السلاح بعد تحرير العام ٢٠٠٠، وضرورة الاتفاق على استراتيجية دفاعية تضعه تحت إمرة الدولة اللبنانية، وجاء دم الشهيد ليذكّر الناس بأن المقاومة ما زالت موجودة، وأنها تعمل على تحرير الاسرى وما تبقى من أرض محتلة، خصوصا أنّ الشهيد كان سقط في محاولة فاشلة لأسر جنود صهاينة، ولكن ما لبث الحزب أن نفذ عملية الأسر الشهيرة عام ٢٠٠٦ التي كانت السبب المباشر لعدوان تموز، وبذلك دفن النقاش حول السلاح.

لسنا هنا بوارد نقاش موضوع سلاح المقاومة الذي نقدسه، طالما أنه موجه ضد العدو الصهيوني، ولكننا نؤمن أن “حزب السيد” قائم منذ تأسيسه على عقيدة الحرب والمواجهة وخلق الأعداء والتوترات، وإلاّ لن يستمر وجوده ويستقيم مشروعه، بل سيسقط في وحول السياسة اللبنانية، لدرجة أن الاستقرار يضعفه من الداخل ويكشف عوراته أمام جمهوره الذي اعتاد على استقبال قوافل الشهداء، فيصبح التنظيم في حالات الهدوء أمام استحقاقات داخلية يعجز عن مجاراتها خصوصا، انه انكفأ عن التدخل في السياسة الداخلية لمدة طويلة قبل الانسحاب السوري من لبنان.

والحزب اليوم يضع نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ.
فإمّا أن يفي بوعوده وتعهداته في الانماء والاصلاح ومحاربة الفساد ورفع الذل عن بيئة المقاومة، وإمّا أن يفتح معركة مع العدو الاسرائيلي لا ترقى الى درجة الحرب الشاملة، فيفرض بذلك على الدولة والشعب أمراً واقعاً على قاعدة أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.

وبما أن التنظيم قد فشل فشلا ذريعاً في الإيفاء بوعوده التي قطعها قبل الانتخابات النيابية الاخيرة ما أدى الى تململ كبير في بيئته، وبما أن توقيت الحرب من جهته مضبوط على الساعة الايرانية، فقد لجأ عبر تصريحات مسؤوليه للكلام عن استعداد اسرائيلي لشنّ حرب على لبنان، مع أنّ احتمال الحرب قائم في اي لحظة في منطقة تقف على فوهة بركان، ولكن الكلام اليوم عن الحرب هو رسائل للداخل والخارج ولبيئة الحزب بالدرجة الأولى.

السابق
من نظّم الكيان الثقافي لحركة أمل في العقد الأخير؟
التالي
“مجلس شورى” للبقاع باشراف صفي الدين ونصرالله قلق من تكرار ثورة الجياع