قدرات ونوايا

الجيش الاسرائيلي

في ظل عدم وجود نقاش جماهيري، وفي الوقت الذي ينشغل فيه الجميع كل الوقت بالثرثرة وبتحليلات استطلاعات الخلفية، نحن نبقى مع علامة استفهام كبيرة ومخيفة بشأن الرد الاسرائيلي الدفاعي على هجوم شامل من حزب الله.
على خلفية التوتر بين ايران والولايات المتحدة فان الفريضة العليا لدولة اسرائيل هي، برأيي، ألا تتدخل فيه، والا نعرض أنفسنا كمقاتلين ضد دولة ايران بل والتباهي باننا نقتل ايرانيين (انظر لتصريحات تساحي هنغبي). والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا عن حزب الله وحماس الذين هم مبعوثونَ لايران؟ أنا معني بالتركيز على حزب الله، وعلى موضوعين طرحهما نصرالله في خطابه الاخير في 13 تموز.

اقرأ أيضاً: إلى الأسد وإلى إيران

الاول هو قدرات حزب الله النارية (الصواريخ، المقذوفات الصاروخية والطائرات المسيرة “القتالية”). هذه قدرات، على حد قول نصرالله، قادرة على أن تضرب بقوة البطن الطرية لدولة اسرائيل: مطار بن غوريون، المفاعل في ديمونا، محطة توليد الطاقة في الخضيرة، مجال الكريا (وزارة الدفاع) في تل أبيب، قواعد سلاح الجو، منشآت النووي، والكثير غيرها. النقطة الهامة هي ان الحديث لا يدور عن تهديدات عابثة او مبالغة وقحة. هذه تهديدات تستند الى قدرة حقيقية لالحاق دمار شديد بالدولة. وفضلا عن ذلك، كون الحديث يدور عن مسيرة طويلة السنين من جمع القدرات، حتى قبل الخروج من لبنان.
إذ انه كلما تقدمت العملية مع الزمن، ستكون القدرة اكثر تنوعا واكثر مفاجأة.
الثاني يتعلق بالنوايا. رغم تهديداته، يمتنع نصرالله عن الزام نفسه برد عسكري ضد اسرائيل في سيناريو التدهور او الحرب بين الولايات المتحدة وايران. وهو سيكتفي باستعراض قدرات الدمار التي لديه وبالقول انه يوجد ميزان ردع متبادل بين حزب الله واسرائيل. بتعبير آخر، فانه يبقى غامضا: هل سيعمل، كيف، باي شكل – هل ستستخدم كل وسائل الدمار التي تحت تصرفه، هل ستكون لديه “مدرجات رد” من السهل الى الشديد؟
ولكن، في حقيقة الامر، ينبع غموض نصرالله من الغموض الذي يلف نوايا ايران: سواء بالنسبة لخطواتها أم بالنسبة لاجراءاتها وتعليماتها لمبعوثيها في المنطقة – حزب الله في لبنان، حماس في الجهاد في قطاع غزة والحوثيين في اليمن وفي البحر الاحمر. ايران هي التي بنت قدرة حزب الله. وهي التي تستثمر الجهود والاموال لتطوير هذه القدرة. وهي لم تفعل ذلك كي تصدأ ادوات عمل هذه القدرة. فكيف ستلعب ايران بهذه القدرات؟ هل ومتى؟
ومن هنا عودة الى اسرائيل. فرضية العمل (بخلاف التقدير الاستخباري) لقيادة الدولة والجيش الاسرائيلي يجب أن تكون انه في الحالة المتطرفة (الاخطر) للتدهور الى الحرب، ستستخدم قدرات حزب الله ضد الاهداف الاستراتيجية للدولة وضد السكان المدنيين. اذا كان كذلك، فما هي نجاعة الرد الدفاعي الاسرائيلي في وجه الكمية الهائلة للصواريخ والمقذوفات الصاروخية التي لدى حزب الله؟ الجواب الذي تعطيه القيادة للشعب هو اننا سنعيد لبنان الى العصر الحجري. هذا بالفعل جواب هجومي يخلق معادلة الردع المتبادل. ولكن هل منظومة صواريخنا يمكنها أن تحمي مواطني الدولة بنجاعة؟ هنا تأتي علامة استفهام كبيرة، ومجموعة غير صغيرة من المهنيين تدعي منذ سنين بان الجواب سلبي. من بين جملة التعليلات التي تطرحها يبرز الى العيان التعليل المالي. حجم عددي كبير بنحو 1.300 صاروخ لدينا من كل الانواع لم تطلق الا حيال نحو ثلث الاف الصواريخ التي ستمطر علينا في يوم قتالي واحد، سيكلفنا اكثر من مليار دولار في اليوم. وماذا سيحصل اذا استغرق القتال 10 – 30 يوما؟ هل هذا صحيح؟ في ظل عدم وجود نقاش جماهيري، وفي الوقت الذي ينشغل فيه الجميع كل الوقت بالثرثرة وبتحليلات استطلاعات الخلفية، نحن نبقى مع علامة استفهام كبيرة ومخيفة.

السابق
إشارة إلى الأسد وإلى إيران
التالي
أبو معروف… بمعنى ما وبقدرٍ ما!