غلطة “حكيم” أم سوء تقدير وزير؟

في قضية تطبيق قانون العمل على الفلسطينيين في لبنان، باتت على المستوى السياسي كلام حق قد يراد به باطل من بعض الأطراف.

‏لا يمكن لأيّ لبناني عاقل أن يرفض تطبيق القانون اللبناني على الجميع، ولكن تطبيق القانون في حالة كهذه الحالة وبظروف كهذه الظروف بعد ورشة البحرين والإعلان عن صفقة القرن، كان بحاجة لحنكة وروّية ومراجعة لبعض بنود هذا القانون والتي إعترف الوزير نفسه، بأنها غير منطقية كالإشتراك في صندوق الضمان الإجتماعي من دون الإستفادة من خدماته على سبيل المثال لا الحصر، وغيرها الكثير من البنود المنافية لحقوق الإنسان بشكل عام وهذا ما دفع الأمور إلى التأزم وأعطى المتطرفين من الجانبين الفرصة للإصطياد في الماء العكر، وتصوير الأمر وكأنه قرار شعبوي هدفه مجاراة القرارات الشعبوية والعنصرية في بعض جوانبها المتخذة من قبل التيار الوطني الحر ضد اللاجئين السوريين، وبالتالي وضع هذا القرار في خانة الصراع الماروني – الماروني.
‏ ذهب البعض إلى أبعد من ذلك بوضعه في خانة التمهيد لتنفيذ بنود صفقة القرن، هذا من جهة، ومن الجهة المقابلة تم تصوير القرار بأنه حق مطلق للدولة ويرمز لسيادة الدولة على أراضيها بطريقة متطرفة قاربت حدّ الشوفينية والعنصرية المقيتة.
في الوقت الذي “تترنح” فيه هذه السيادة جراء الإنتهاكات اليومية لها من أهل البيت قبل غيرها، بشكل أعاد نبش الماضي ومراراته ومآسيه مرة أخرى. وبعد الذي حدث في “قبر شمون” بات المرء يشك بوجود
‏ مايسترو واحد يحاول إعادة عقارب الساعة اللبنانية إلى توقيت الحرب الأهلية اللبنانية والعربية التي كانت سائدة قبل إتفاق الطائف. وما عزز هذه الأصوات المتطرفة والشوفينية، هو ما يقوم به المتطرفون من الجانب الفلسطيني من تظاهر بالسلاح حتى وإن كان داخل المخيمات، مع ما يحمله هذا التصرف من إساءة لكل لبناني عانى الأمرين من ثقافة السلاح والمسلحين، واللبناني الذي يرفض وجود السلاح بيد اللبناني الآخر ليس على إستعداد لقبوله مع الفلسطينيين بعد كل التجارب المريرة.
‏كل هذه التداعيات لقرار وزير العمل والإستغلال السياسي المتطرف له، لم يكن بالتأكيد ما يريده الوزير أبو سليمان ولا مرجعيته السياسية على ما أعتقد. لكن سوء التصرف والتطبيق للقانون أحيانا يكون ضرره أكبر من عدم تطبيقه. لهذا حسنا فعل الرئيس الحريري بسحب فتيل الأزمة التي قد تكون مجرد غلطة “حكيم” أو سوء تقدير للأمور من قبل وزير إجتهد ليطبق القانون بنصه، وإعادة الأمر إلى مجلس الوزراء لدراسة الموضوع الذي يجب أن يعالج بروية وهدوء، بعيدا عن الشعبوية والتحريض المتبادل، بشكل يحفظ للبنان سيادته وللعامل الفلسطيني كرامته، ولسحب الذرائع وإبعاد الموضوع عن متناول المتطرفين وأصحاب النوايا السيئة والأجندات السياسية الإقليمية المعروفة الأهداف. كان لبنان والشعب الفلسطيني في مقدمة المتضررين منهم ومن أهدافهم الخبيثة، حين إتخذوا من قضايانا ستارا لصراعاتهم الإقليمية المستمرة. فحذاري الفتنة، ونقول للإخوة الفلسطينيين أن حذاري الإنجرار مرة أخرى إلى الصدام مع لبنان، تنفيذا لمخططات الطابور الخامس وما أكبر هذا الطابور في هذه الظروف العصيبة والمصيرية.

السابق
الرصاصة وحدها لا تكفي للانتصار ماذا عن الموسيقى والفنون؟
التالي
فتوش يكشف من على otv رسالة (واتساب)من جنبلاط الى الحريري..فهل يتحرك القضاء؟