متى تتعلم بريطانيا الدرس؟

ناقلة نفط بريطانية

أعلن حرس الثورة الاسلامية، يوم الجمعة (19 تموز/يوليو 2019) احتجازه ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز لمخالفتها القوانين الدولية البحرية بطلب من منظمة الموانئ والملاحة البحرية في محافظة هرمزكان، فيما تتحدث الانباء غير المؤكدة عن احتجاز ناقلة نفط بريطانية ثانية وثالثة، وهو امر لم تؤيده الجهات المعنية في ايران حتى لحظة كتابة التقرير.

وكانت القوة البحرية البريطانية الملكية احتجزت ناقلة النفط الايرانية (غريس1)، من قبل حكومة جبل طارق المحلية (التابعة للتاج البريطاني) يوم الخميس 4 تموز/يوليو 2019، بذريعة انها كانت تنقل النفط الخام الى سوريا الخاضعة لحظر اوروبي. وقد اعتبرت الجمهورية الاسلامية الايرانية هذا الاجراء قرصنة بحرية، وطالبت بريطانيا الافراج عن ناقلة النفط فورا. لكن حكومة جبل طارق مددت احتجاز ناقلة النفط الايرانية 30 يوما.

اقرأ أيضاً: سردية الدفاع عن المقدسات في سياسة الأمن القومي الإيراني

وترى طهران وكذلك العديد من الجهات الدولية والخبراء والمراقبين، ان الخطوة التي أقدمت عليها لندن، جاءت بتنسيق وطلب من واشنطن في إطار حرمان ايران من تصدير نفطها الخام. إذن انها حلقة ضمن سلسلة الضغوط الاستكبارية على الجمهورية الاسلامية الايرانية، ولكن هل سترضخ ايران؟
لقد كان بإمكان الجمهورية الاسلامية الايرانية ان تحجز ناقلة نفط بريطانية، قبل ايام لكنها يبدو منحت فرصة للندن لكي تفرج عن ناقلة النفط الايرانية بالتي هي أحسن. وقد رافق هذا الامر تهويل اعلامي من قبل الاعلام الغربي وبعض وسائل الاعلام العربية السائرة في الفلك الغربي. ولعل بريطانيا تصورت انها بذلك خوفت ايران من مغبة احتجاز السفن البريطانية، واتخذت خطوة استباقية حسب ظنها، لمنع اي تعرض ايراني للسفن البريطانية.

ولكن يبدو ان بريطانيا ومن ورائها اميركا، لم يتعلما الدرس من الجمهورية الاسلامية الايرانية، التي ازدادت قوة خلال الـ40 عاما الماضية رغم كل المؤامرات ومحاولات الوأد والتضييقات والضغوط السياسية والاقتصادية. ومن المؤكد ان مجرد نظرة بسيطة الى الاحداث سواء احداث العقود الاربعة الاخيرة، او احداث الاشهر الاخيرة، تكفينا لتقييم موازين القوى والردع بين الجانبين. وكمثال على ذلك، إسقاط القوات الايرانية طائرة التجسس الاميركية المسيرة الاكثر تطورا والاغلى سعرا، والتي كانت تعد فخر الصناعة والتكنولوجيا الاميركية. وهي طائرة من نوع الشبح، ولم تكن اميركا تتصور ان ايران لديها رادرات قادرة على اكتشافها ورصدها ولا صواريخ قادرة على استهدافها. ولكن ايران فعلت، وأثبتت انها تمكنت من ذلك بمنظومة طورتها بخبراتها المحلية، وما اخفت ايران من أسرار عسكرية وقدرات دفاعية اضعاف ذلك.

أضف الى ذلك، ان ايران تشرف على مضيق هرمز، وان ناقلات النفط العملاقة مضطرة للمرور من المياه الاقليمية الايرانية في المضيق، كونه اعمق من المياه الدولية. لذلك ألم تتحسب بريطانيا لهذا الاحتمال ان تقوم ايران باحتجاز ناقلات النفط البريطانية القادمة من العراق والكويت.

ونعتقد ان ايران لن تكتفي باحتجاز ناقلة نفط بريطانية واحدة، ولعل الامر سيصل الى احتجاز العديد منها لكي تثبت الجمهورية الاسلامية الايرانية ان لها اليد العليا في المنطقة، وانه لا يمكن التحرش بها، وقد حذرت ايران مرارا، سواء على لسان قائد الثورة الاسلامية والرئيس روحاني ووزير الخارجية ظريف وقادة الحرس الثوري وقادة الجيش، ان ايران ليست لديها نية لإغلاق مضيق هرمز، ولكن اذا كان مقررا حرمان ايران من تصدير نفطها، فإن الحرمان سيطال الجميع. فهل ستتعلم بريطانيا الدرس؟ حسب ما يبدو لنا انها لا تفهم سوى لغة القوة وهذا ما تفعله ايران مع الغرب المتغطرس. والقادم أعظم.

السابق
ماذا حصد سياسيو لبنان بعد أكثر من سنة على الانتخابات النيابية؟
التالي
روسيا ساعدت حزب الله في سوريا بتكنولوجيا إسرائيلية