ما سر تقارب الأردن مع تركيا وقطر؟

تركيا الأردن قطر

نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، تحت عنوان “الأردن يدير ظهره لحلفاء الغرب في نزاع سببه إسرائيل”، يتساءل فيه عن سبب محاولات الأردن التقارب مع قطر وتركيا، وإرسال رسائل إلى إيران.

ويشير التقرير، إلى أن الأردن، الذي يعد عنصراً أساسياً في المعمار الأمني للشرق الأوسط، أجبر في الآونة الأخيرة على التحرك قريبا من تركيا وإيران وقطر، متخليا عن حلفائه التقليديين؛ وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي يمر بها، والسياسات العدوانية للسعودية.

ويلفت سبنسر إلى أن الملك عبدالله الثاني، الذي يواجه خطر الاحتجاجات، وقطع الدعم السعودي، الذي ساهم في استمرار الاقتصاد الأردني لعقود، بدأ في الأشهر الأخيرة محادثات مع تركيا وقطر، اللتين تعدان منافستين للسعودية، مشيرا إلى أن الأردن قام أيضا، وإن بشكل طفيف، بالتواصل مع إيران، البلد التي حذر الملك من مخاطرها حتى وقت قريب.

وتقول الصحيفة إن الملك الأردني غاضب من الرئيس دونالد ترامب، الذي دافع عن المصالح الإسرائيلية بقوة، خاصة أن أكثر من نصف سكان الأردن هم من أصول فلسطينية.

ويورد التقرير نقلا عن المسؤولين، قولهم إن الأردن كان مستقرا عندما كانت علاقاته جيدة مع جيرانه العرب، خاصة أن مصالحه تحتاج دائما لنهج متوازن، إلا أن المطلعين على الأمور يقولون إن السعودية تطلب من حلفائها دعم جانبها ضد أعدائها.

وينقل الكاتب عن مصدر، قوله: “علاقاتنا تعتمد على مصالحنا”، وأضاف: “ليس للأردن أي نزاع مع تركيا أو قطر ولا إيران، وبعدنا عن كل منها يعتمد على ما ينفعنا”.

وتنوه الصحيفة إلى أن الملك عبدالله (57 عاما) واجه ضغوطا أكثر؛ لأن إدارة ترامب تنوي الكشف عن “خطة كبرى” للسلام في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الأردن يعد من حلفاء بريطانيا والولايات المتحدة وأصدقائهما في الخليج، خاصة السعودية، إلا ان اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ودعمه لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جعل من قبوله الخطة مستحيلا من الناحية السياسية، “إن كانت التسريبات التي سربت للصحف دقيقة”.

ويفيد التقرير بأنه من المتوقع ألا تلبي الخطة، التي رسمها صهر الرئيس ترامب، جاريد كوشنر، أيا من الطموحات الفلسطينية، وألا تشتمل على حل الدولتين الذي يدعمه الأردن.

وينقل سبنسر عن المصدر الأردني، قوله: “هذه (الصفقة الكبرى) لن تحقق الاستقرار للمنطقة”، وأضاف أن “النزاع الإسرائيلي الفلسطيني هو واحد من الأسباب الرئيسية التي تدفع الشباب العربي نحو الإرهاب، ودون وجود حل عادل للنزاع فإنه لن يكون هناك تغير في ذلك المناخ”.

وتبين الصحيفة أن الأردن، على خلاف جيرانه، لا توجد فيه مصادر طبيعية، وواجه منذ الحرب الأهلية السورية عام 2011 تدفق 1.5 مليون لاجئ سوري إلى أراضيه، لافتة إلى أنه في الوقت ذاته فإن السعودية، التي تواجه خفضا في ميزانيتها، وتراجعا في سعر النفط، قطعت المساعدات التي تقدمها عادة للأردن.

وبحسب التقرير، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يريد من الأردن إظهار ولاء أكثر تجاه عدد من القضايا، مثل الحصار الذي فرضته السعودية مع الإمارات والبحرين ومصر على قطر، وكذلك مواقف متجانسة مع السعودية في الموضوع الفلسطيني.

ويقول الكاتب إن الضغوط التي فرضت على الملك عبدالله الثاني، الذي يتمتع بصلاحيات واسعة، لكنه على خلاف ولي العهد، عرضة للمساءلة من برلمان منتخب، تركت آثارها العكسية، ففي شهر شباط/ فبراير التقى الملك عبد الله الثاني مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو الرجل الذي ظل يهاجمه وإن لم يكن علنا، واتفق الزعيمان على التنسيق في الموضوع الإسرائيلي-الفلسطيني، والتقيا في أثناء الحرب الكلامية بين أردوغان والسعودية، عقب مقتل الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول، العام الماضي.

وتذكر الصحيفة أن الملك عبد الله الثاني ذهب الشهر الماضي خطوة أبعد، عندما أرسل رسالة لأمير قطر حول “العلاقات الثنائية” بين البلدين، فيما لا تزال قطر تعاني من حصار منذ عامين، ولا توجد إشارات إلى قرب فكه، وأرسل الأردن تهانيه لإيران في العيد الأربعين للثورة الإسلامية، مشيرة إلى أن دبلوماسيين قللوا من أهمية هذه الخطوات، قائلين إن الأردن لديه القليل من القوة لحرف مجاله عن المحور المؤيد للغرب ومحور السعودية.

ويورد التقرير نقلاً عن وزير الخارجية الأردني السابق والسفير السابق في إسرائيل مروان المعشر، الذي لا يزال مطلعا على تفكير الحكومة، قوله: “في الوقت الذي لا يستطيع فيه الأردن تغيير مواقفه إلا أنه يبقي على خياراته مفتوحة لحماية ظهره”.

ويجد سبنسر أن دعم الملك لحل الدولتين، ومعارضة خطة ترامب “الكبرى” مهم للحفاظ على شعبيته، التي تضررت بسبب المعاناة الاقتصادية، مشيرا إلى أن الدين العام يبلغ 31 مليار دولار، وتم قطع الدعم عن الخبز، فيما تبلغ نسبة البطالة 18%.

وتنقل الصحيفة عن التقييمات الأمنية، قولها إن الملك أظهر مرونة سياسية مكنته من تجاوز الاضطرابات التي أصابت جيرانه في أثناء الربيع العربي.

وتختم “التايمز” تقريرها بالإشارة إلى أن السفير الإسرائيلي السابق في عمان، عوديد عيران كتب هذا الشهر قائلاً إن “هناك صدوعا بدأت تظهر على صورة الاستقرار هذه، وهناك إشارات إلى أن هذه التطورات قد تؤدي إلى إضعاف النظام بشكل خطير، وله تداعيات استراتيجية، وإن كانت على المدى البعيد”.

(عربي 21)

اقرأ أيضاً: موقع ديبكا الإسرائيلي: لقاءات سرية أميركية إيرانية في قطر أو العراق

السابق
وزير إسرائيلي سابق يدعو لإلغاء مؤتمر البحرين الإقتصادي
التالي
الجيش الوطني الليبي يسلم هشام عشماوي لمصر