قراءة إسرائيلية لتأثير التوتر بين أمريكا وإيران على العراق

تناولت صحيفة إسرائيلية الثلاثاء، مدى تأثير التوتر الحاصل في منطقة الخليج بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية على العراق؛ الذي يعتمد اقتصاديا على إيران، وفي الوقت ذاته يستخدم كقاعدة أمريكية.

وأوضحت صحيفة “هآرتس” العبرية في مقال للكاتب تسفي برئيل، أن “صاروخ الكاتيوشا الذي انفجر قرب السفارة الأمريكية في بغداد، حول مرة واحدة العراق لبؤرة جديدة لمسار التصادم بين واشنطن وطهران”، معتقدة أن “الصاروخ الذي نسب لقوات أو مليشيات شيعية مؤيدة لطهران، حمل رسالة للإدارة الأمريكية وللحكومة العراقية بأنها لا تخضع لضغوط الولايات المتحدة”.

وذكرت الصحيفة أن “الضغط الأمريكي يعمل في مسارين؛ الأول يرغب في فصل اقتصاد العراق عن اقتصاد إيران، وبذلك تغلق الفجوة المتوقعة في العقوبات على إيران، وهي محاولة تمكين القوات الأمريكية من استخدام الأراضي العراقية كمنصة إطلاق للهجمات ضد طهران في حالة انتقال المواجهة لمسارات عنيفة”.

وأضافت أن “هذين الموضوعين يثيران خلافا سياسيا في العراق، ويهددان استقرار حكومة عادل عبد المهدي، الذي يعتمد على ائتلاف معقد وهش من قوى شيعية وسنية وكردية، ومعظمه يرفض الطلبين الأمريكيين، حيث تعتبر إيران هي الشريك التجاري الأهم بالنسبة للعراق، ويقدر الميزان التجاري بينهما بـ12 مليار دولار”.

وبينت أن “العراق يعتمد على التزود بالغاز والكهرباء من إيران، وتجميد تزويدهما يمكن أن يخرج الجمهور للشوارع مثلما حدث قبل بضعة أشهر في البصرة”، منوهة إلى أن “الاعتماد الاقتصادي العراقي على طهران كان بالإمكان وقفه لو أن السلطات العراقية والإدارة الأمريكية تمكنتا من السيطرة على الاستثمارات الضخمة التي ضخها البنتاغون في العراق، ولكن جزءا كبيرا من الأموال تدفق لجيوب مقاولين وزعماء سياسيين ومقربين من الأجهزة الحزبية، حتى تحول العراق الغني لدولة مفلسة”.

وأكدت “هآرتس” أن “السعودية ساهمت في ضائقة العراق؛ بسبب قرارها بالبداية عدم إقامة علاقات دبلوماسية مع العراق وإغلاق المعبر البري بينها، وهو ما عزز علاقة بغداد مع طهران، وذلك قبل أن تقرر الرياض في 2016 تغيير سياستها وفتحت سفارة في بغداد”، منوهة إلى أنه “رغم تعميق العلاقة بين البلدين بعد تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد، فإن السعودية ما زالت بعيدة عن منافسة النفوذ الإيراني”.

ولفتت إلى “الدبلوماسية الناعمة هي التي تتبعها السعودية مع العراق؛ حيث عرضت بيع الكهرباء للعراق بسعر منخفض عن السعر الذي تدفعه لطهران، وأعلنت عن نيتها ضخ مليار دولار في استثمارات تطوير، إضافة لإقامة علاقات مع زعماء شيعة”، مؤكدة أن “هذه الدبلوماسية تنضم إلى الدبلوماسية القاسية والمهددة للولايات المتحدة التي لديها قوة تبلغ 5 آلاف جندي في العراق”.

وأفادت بأن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إبقاء قواته في العراق، يعبر عن نية واشنطن تحويل العراق لقاعدة عسكرية ثابتة، واستخدامه كجسر لنشاط عسكري ضد طهران، مبينة أن “تصريحات ترامب، بأنه إذا هاجمت إيران أهدافا أمريكية فسيكون في هذا نهايتها رسميا، عزز فقط مخاوف القوى السياسية الرئيسية في العراق، ومنها حركة الزعيم الشيعي مقتضى الصدر الذي قام بزيارة للسعودية في 2017، وهو معارض شديد للوجود الأمريكي في العراق، ومؤيد لتطوير العلاقة مع السعودية”.

ورغم أن “الصدر شيعي إلا أنه غير محسوب على أتباع إيران، وفي نفس الوقت يريد أن يحافظ على حياد العراق في الصراع بين أمريكا والسعودية وبين إيران”، على حد قول الصحيفة الإسرائيلية التي لفتت إلى أن “الزعيم الشيعي الأهم بالعراق علي السيستاني يعارض تحويل العراق لخط مواجهة في الصراع ضد إيران، ويؤمن بأن العراق يمكن أن يكون وسيطا بين طهران وواشنطن وحتى بينها وبين السعودية”.

ونبهت أن “الحياد العراقي ليس غاية واشنطن التي تريد أن تفرض على العراق سياسة فعالة مناوئة لإيران، لكنها تفهم أنه من شأنها أن تفقد نفوذها في العراق، وأن تعمق الكراهية ضدها إذا أدى ضغطها لصراع قوى داخلي يضعضع التوازن السياسي الهش، بدون أن تحقق أفضلية ما في الصراع ضد طهران”.

وأشارت “هآرتس” إلى أنه “في هذه المرحلة التي فيها المواجهة العنيفة تظهر فقط عن طريق عمليات ضد السفن السعودية وغيرها التي تتحرك في الخليج، وإطلاق النار من اليمن على منشآت نفط سعودية، محاولة ضرب قاعدة أمريكية، فإن الانجازات الدبلوماسية والسياسية لها أهمية كبيرة في تحديد مكانة إيران في المنطقة”.

وقدرت أن “العلاقة العلنية مع السعودية، وبدائل اقتصادية تمكن العراق من التحرر بالتدريج من الاعتماد على إيران، وإن الاستعداد لمنح العراق دورا في جهود الوساطة يمكن أن يقلص التهديد العسكري، ولكن من أجل ذلك يجب على واشنطن والرياض الامتناع عن عرض العراق كدولة دمية ملزمة بالإذعان”.

السابق
مجلس الوزراء يفرض رسوم نوعية لحماية المنتجات الوطنية
التالي
مجزرة يرتكبها طيران النظام السوري في معرة النعمان