نحو ديمقراطية الحزب الواحد

الانتخابات الاسرائيلية
الانتخابات الحالية كانت انتخابات شخصية بمعنى أنها تركزت حول شخص واحد، معه أو ضده. وحددت مسبقا أن الفوز أو الخسارة ستعتبر حسب مكانة نتنياهو فيها.

النتائج النهائية للانتخابات ما زالت غير معروفة عند كتابة هذه السطور. ايضا نتائج العينات لا يمكنها أن تجلب الفرح الكبير لأي طرف من الطرفين. الصراع الحقيقي بدأ فقط الآن عندما سيتضح من من الاحزاب الصغيرة اجتاز نسبة الحسم وماذا ستكون تركيبة القوائم. ولكن ايضا بدون ذلك يمكننا ملاحظة الحراك البنيوي الذي أحدثته هذه الانتخابات في اوساط المجتمع الاسرائيلي.
البداية كانت في فقدان الاختيار القيمي والايديولوجي التي كان يمكن أن تملي العمل الديمقراطي المتمثل في وضع ورقة في صندوق الاقتراع. معضلة اغلبية الناخبية لم تكن هل نصوت لليسار أم لليمين، مع الانسحاب أو ضده، مع الحفاظ على حقوق الاقليات أو استمرار تحطيمها، وايضا ليس على نظرية الاقتصاد التي يجب أن توجه الحكومة. ذلك كان اختيار بين استمرار ولاية شخص مخالف للقانون تنتظره لائحة اتهام (خاضعة للاستماع)، شخص يحب الملذات، بخيل ومريض بالكذب، جعل ابناء عائلته ملوكا على الدولة، أو السماح لعدد من رؤساء الاركان عديمي التجربة السياسية بدون نظرية قيمية منظمة، نوع من جمع قطع غيار تم جمعها من هنا وهناك من اجل اسقاط حكم الشخص الوحيد، نتنياهو.

اقرأ أيضاً: بشارتي

يمكننا أن نتخيل حركة اغلاق انوف من انتخب ازرق ابيض، واشمئزاز كثير من اعضاء الليكود الذين لم يطاوعهم قلبهم في ترك بيتهم الايديولوجي رغم أنه تبخر وكأنه لم يكن.
هذه كانت الانتخابات غير العقلانية تماما بالنسبة للجمهور لأنها لم تسمح لاغلبية الناخبين بالخروج مطمئنين بعد تصويتهم. الانتخاب الايديولوجي كان ترف، وفقط مؤيدي الاحزاب الهامشية، من اليسار واليمين، كان يمكنهم السماح به لانفسهم. نوع من جائزة الترضية على الضعف السياسي.
هذه كانت انتخابات شخصية. بمعنى أنها تركزت حول شخص واحد، ضده أو معه. هذه الانتخابات حددت مسبقا أن الهزيمة أو الانتصار، ستعتبر حسب مكانة نتنياهو فيها. الضجة الاخرى كانت في صهر الافكار السياسية الى شيء متوسط غامض لا يشير الى طريق أو أفق. صحيح أن نتنياهو وعد بضم اجزاء من المناطق، بما في ذلك مستوطنات معزولة، لكن حتى من يشجعونه يعرفون أن الاقوال قبل الانتخابات ليست مثل السياسة التي تأتي بعدها. لو أن نتنياهو كان يرغب في ضم المستوطنات لكان يمكنه تحقيق حلم اليمين هذا في ولاياته السابقة.
في المقابل، لا احد يعرف ماذا قصد غانتس عندما تحدث عن “عمل أحادي الجانب”. ما هي المفاوضات التي ينوي اجراءها مع الفلسطينيين والى أين سيصل تعديل قانون القومية الذي وعد به الدروز. اصطدام المجرة الثالثة حدث أمام الاقلية العربية. هذه المرة حتى التظاهر الشكلي كان غير موجود. الحزبان الكبيران منحا بفخر الخاتم الرسمي للاجماع العنصري الذي يعتبر العرب أعداء. اذا كانت في السابق اكتفت احزاب الوسط اليهودية بتحليل يقول إن العرب هم فقط مجذومين، هذه المرة تم رفعهم الى مستوى الوباء الاسود الذي سيتسبب بتعفنها، وبعد ذلك الى موت دولة القومية للشعب اليهودي. حقوق الفرد للعرب، نفس العباءة المثقبة التي تغطي عورة الدولة والمجتمع اليهودي، تم استبدالها بدرع لا يمكن اختراقه. مفهوم المواطنة اصبح فارغا من المضمون، وبدلا منه حصلنا على نظام النبلاء اليهود. له، فقط له، يتم اعطاء المملكة. غانتس أو بيبي، لبيد أو غباي، هذا لم يعد يهم. طالما أن الامر يتعلق بتشخيص العدو فانه يوجد بينهم اتفاق كامل.
الحملة الانتخابية الحالية التي أحدثت تصادم الحضارات الاسرائيلية بين اليهود والعرب، أوجدت في نفس الوقت الافضلية للحضارة اليهودية. في هذه الاثناء، هذه خمسين نوع من اليمين وبقعة صغيرة لليسار، هم الذين يمنحون الشعور بأن اسرائيل هي الديمقراطية متعددة الاحزاب. ولكن من هنا المسافة الى دولة الحزب الواحد والعرق الواحد والايديولوجيا الواحدة غير طويلة.

السابق
قتيل و3 جرحى في تحطم مروحية تابعة لقوى الأمن الداخلي الإيراني
التالي
فقدان آثار 30 فلسطينياً من غزة على شواطئ اليونان