ساترفيلد في بيروت «يبشّر» بمزيد من العقوبات الأميركية

نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد في بيروت، وهو نفسه الذي كان سفيرا لبلاده في بيروت يوم اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، وهو من الذين شهدوا مرحلة انسحاب الجيش السوري من لبنان، والدبلوماسي الأميركي الذي يعرف لبنان جيداً كما وصفه أحد معارفه من السياسيين اللبنانيين، يزور بيروت في مهمة عنوانها الرئيسي التمهيد لزيارة وزير الخارجية جورج بومبيو، فما الذي حمله المسؤول الأميركي الى المسؤولين اللبنانيين خلال لقاءاته التي جمعته اليوم مع جهات رسمية وحكومية واخرى معارضة؟

في المعلومات التي تسربت من لقاءات المسؤول الأميركي، هو ما يندرج ضمن سياق التأكيد على مسار العقوبات الأميركية على حزب الله، وإعطاء إشارات للمسؤولين اللبنانيين بأن نفوذ حزب الله المتزايد في الحكومة، هو محل قلق أميركي وسيقابل باجراءات يفرضها قانون العقوبات الأميركي على حزب الله، وإجراءات الخزانة الأميركية التي ستسير ضمن وتيرة تصعيدية غايتها منع حزب الله من الإفادة من وجوده داخل الحكومة.

لا يغيب عن لسان المسؤول الأميركي التشديد على دعم لبنان ومؤسسات الدولة، ولكن يترافق ذلك مع تحذير ضمني للمسؤولين اللبنانيين من تبعات نفوذ حزب الله على الدولة ومؤسساتها، على رغم ان المسؤول الأميركي أشاد خلال لقائه وزير الخارجية جبران باسيل، بالاستقرار الذي يشهده لبنان على المستوى الأمني، لكنه اعتبر ذلك حافزاً من أجل ان تتولى القوى الشرعية زمام السلطة في لبنان، ومنع التدخلات الخارجية في شؤون سيادة الدولة.

زيارة بومبيو التي لم يجر تحديد موعدها الرسمي مع التأكيد أنها ستتم في وقت قريب، سوف تصب في مجرى تشديد العقوبات على حزب الله، بحيث أن الإدارة الأميركية تستعد لاطلاق حزمة جديدة من العقوبات التي تبدو روتينية، باعتبارها انها تتم في سياق التدرج في التصعيد الذي تعتمده واشنطن في تطبيق القانون الذي وضعته على هذا الصعيد، والذي يتناغم مع سلسلة إجراءات تتسم بالتشدد في التضييق على ايران، فهي إجراءات ستبقى ضمن سياسة العقوبات المالية والاقتصادية وتشديد الحصار، من دون المبادرة الى أي عمل عسكري، الذي يبدو أنه مستبعد ومرفوض حتى الآن، في الاستراتيجية الأميركية ضد ايران واذرعها في المنطقة.

اقرا ايضا: ساترفيلد: الاستقرار الحقيقي يتوقف على خيارات لبنان الوطنية لا على خيارات تملى عليه

ورقة العقوبات الأميركية تبدو ناجعة لجهة ضمان المصالح الأميركية في المنطقة، وهي أدت فيما أدت اليه الى نتائج مثمرة بالنسبة لواشنطن، ووفرت المزيد من المكاسب لجهة ضبط عمليات تمويل المنظمات الإرهابية، وهي بحسب مصادر متابعة لملف العقوبات المالية، “حصرت عملية تسريب الأموال بمصادر مكشوفة لديها، وهي ان كانت غير قادرة على وقفها تماما، الا انها تعرف كيف يتم نقلها وما هي مصادرها”. ولفتت المصادر الى أنه أمكن اغلاق 70 في المئة من المسارب غير الشرعية التي كانت تتدفق أموالا نقدية الى حزب الله عبر البنوك وغيرها، وهي تتابع باهتمام كيف يعوض حزب الله بعض مصادر تمويله التي افتقدها من خلال نفوذه الحكومي وسيطرته الأمنية والعسكرية على معابر حدودية عدة.

جلّ ما نتج عن زيارة ساترفيلد الى بيروت، هو إعادة التذكير بما على الدولة اللبنانية ان تقوم به لجهة الحدّ من نفوذ حزب الله، من دون أن تتوقع واشنطن استجابة لهذه الدعوة او المطالبة، وذلك لما بات يعرفه الاميركيون من أنّ القوى اللبنانية على اختلافها باتت اعجز من أن تواجه سيطرة حزب الله وتمدده في مفاصل الدولة، ولكن ذلك لا يعني ان تدير واشنطن ظهرها للبنان، بل تعمد من خلال موقعها ونفوذها على مزيد من التذكير أنها ليست في وارد القبول وتمرير ما تعتبره نفوذا إيرانيا في لبنان، لذا فان ملف سلاح حزب الله ودوره الإقليمي هو ما سيشدد عليه بومبيو في زيارته المقبلة الى بيروت. ملف تبدو واشنطن مقتنعة أن معالجته تتقدم وفق برنامج العقوبات الذي تعتقد أوساط بحثية أميركية أنه يؤتي اكله ويغني عن أي مواجهة عسكرية، وهو مسلسل حلقاته عديدة وطويلة.

السابق
ترامب مهاجما نائبة أمريكية مسلمة: يوم مظلم لإسرائيل!
التالي
السعودية تعلن وفاة الأميرة جهير