البرامج السياسية الصباحية: نافذة على الوهم!

تستقيظ، تفتح شاشة التلفزيون وبدل أن تتابع برنامجاً صباحياً بعيار خفيف، تختلف الأمور في على القنوات اللبنانية نحو تحليل سياسي في برامج مباشرة على الهواء.

الاستديوهات تحفل بضيوف منوعي المراكز والاتجاهات من نواب سابقين إلى محلّلين سياسيين واقتصاديين يناقشون وضعاً راهناً على الساحة المحلية أو الإقليمية. لكن ذلك وإن أحدث موجة من التفاعل عبر السوشال ميديا إثر بعض التحليلات لكنه لا يعدو في كثير من الأماكن، سوى نمطاً من الثرثرة يحاول تكريس فكرة على حساب أخرى، ما يعني في لغة الإعلام هي تحميل الضيف عبء الرأي بدل المحاور مقدم البرنامج.

ولأن المحاوِر يطرح أسئلة تحليلية، يسعى بعض هؤلاء المذيعين إلى استفزاز الضيف للحد الأقصى ما يخرج الجلسة من قالب متحدث ومستمع إلى شكل من أشكال المناظرة السياسية يتحول فيها المذيع إلى طرف سياسي يدافع مبطّناً عن فكر يحمله أو عن توجه القناة.

برز في الآونة الأخيرة تركيز قناة الجديد في برنامجها الصباحي على طرح موضوع إعادة العلاقات مع النظام السوري، تبدو فيه المذيعة سمر أبي خليل في لقاءاتها متوترة مع ضيوف يعارضون إعادة العلاقات مع سوريا، وكأنها في حرب كلامية تريدُ منها تلقين الضيف درساً في العلاقات الدولية ووجوب التعامل مع مفردة الدولة السورية وليس مفردة النظام السوري على حد تعبيرها.

اقرأ أيضاً: البرامج الفضائحيّة في لبنان الى ازدياد… و«الجديد» انموذجا؟

وبعد عاصفة من التوتر تهدأ سمر قليلاً عبر الهروب إلى فاصل إعلاني أو تغيير حدّة الحديث عبر موضوع أخف وطأة وانقساما في الشارع اللبناني.

تقابلها في قناة lbci المذيعة ديما صادق والمشهورة بتغريداتها على تويتر وتفاعلها مع الأحداث الراهنة، تنفعل ديما بأبعاد متعددة فيغادر الضيف مرةً الاستديو ويعلو الصوت مرات أخرى، لكن بالمجمل يحافظ البرنامج على حد أدنى من التوازن في إشباع الأفكار وتجنب العراك أمام أية فكرة يطرحها الضيف كما في قناة الجديد. خاصةً أن برنامج “نهاركم سعيد” عريق وقديم قدم شاشة lbci وإن تغيّر فحواه من الاجتماعي إلى السياسي لكنّه حافظ على قوة الاسم في ذاكرة المشاهدين.

من ناحيتها، تقدّم قناة المنار ومعها الميادين أسلوباً مختلفاً من النقاش السياسي في الصباح، يقوم على ترسيخ توجهات المحور الإيراني وإظهاره بصيغة المنتصر دوماً ما يحوّل هذه البرامج إلى نوافذ لأدلجة إعلامية لم تخرج بعد من إطار القوالب التقليدية والتي عززها النظام السوري في طروحاته الإعلامية منذ عقود “نحن في مؤامرة، العدو يستهدفنا، شعبنا صامد، ونحقق الانتصارات”.

اقرأ أيضاً: برامج «التوك شو» في لبنان: ماذا بعد؟!

في حين تبتعد البرامج السياسية في القنوات المتبقية إلى مواعيد أخرى في اليوم، بدءاً من “كلام بيروت” على شاشة المستقبل عند الثامنة صباحاً وليس انتهاءً في “بيروت اليوم” على شاشة MTV عند الثانية ظهراً.

بالمحصلة، هل تستطيع هذه البرامج معالجة الواقع السياسي اللبناني المعقد؟! أم تنحصر في خانة مشاركة الجمهور لأفكار الساسة لفهم الواقع أكثر وإفساح المجال لنواب وممثلي الأحزاب والتيارات السياسية لإبداء وجهات نظرهم في الحدث الإقليمي والعالمي.

الطابع الجدّي لهذه النوعية من البرامج يحافظ على وقار المادة الخبرية ولا يعرضها لساطور برامج التهكم الساخر، وإن كانت فقرات هذه البرامج في كثير من الأحيان مادة أرشيفية دسمة لبرامج النقد الإعلامي من اجل التندر والسخرية.

السابق
ريتشارد: مخاوف أميركية بشأن الدور المتنامي لميليشيا لا تخضع لسيطرة الحكومة اللبنانية
التالي
هل سيعرقل حزب الله مشاريع «سيدر»؟