ما هي رسالة إسرائيل الى روسيا التي فرضت «تساهل» إيران في لبنان؟

احمد عياش

موقف لبنان في مجلس الامن الدولي الذي إنعقد بناء على طلب من إسرائيل على خلفية أنفاق “حزب الله” على الحدود الجنوبية ،إنطلق من سجل حافل بالانتهاكات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا.لكن هذا الموقف فشل في إستقطاب تأييد دولي وبخاصة من الاعضاء الدائمين في المجلس الذين لم يجدون في الموقف اللبناني ما يبرر لجوء الحزب الى حفر هذه الانفاق ، لإن الحزب، جهة غير شرعية لا يفوضها القرار 1701 القيام بما قامت به.فما هي إبعاد هذه “الحشرة” التي تواجهها الدولة اللبنانية بسبب ممارسات الحزب التي قادت لبنان الى حرب تموز عام 2006؟

اقرأ أيضاً: الانسحاب الأميركي من سوريا ليس انتصارا لإيران

في معلومات إستقتها “النهار” من مصادر ديبلوماسية ان الوفد العسكري الاسرائيلي الذي زار موسكو أخيرا لتسوية الخلاف بين الجانبيّن بعد حادث إسقاط الطائرة الروسية في سوريا في أيلول الماضي ،حمل معه أيضا وثائق تتعلق بالصواريخ الدقيقة التي وفرتها إيران لذراعها العسكري في لبنان إضافة الى الوثائق المتعلقة بالانفاق التي أنشاها “حزب الله” على الحدود الشمالية للدولة العبرية.وعلى رغم ندرة المعلومات المتوافرة حول المحادثات العسكرية الاسرائيلية-الروسية ، فقد أشارت المصادر الى المعطيات التي نشرتها قبل أيام صحيفة “غازيتا رو” الروسية ضمن قسم الجيش وحملت عنوان “ما الذي لم تتقاسمه إسرائيل وروسيا في سوريا؟”وافادت الصحيفة ان البحث بين الجانبيّن تناول “تجنّب وقوع حوادث بين إسرائيل وروسيا في سوريا”.وفي هذا الصدد، قال مدير البحوث في معهد أبحاث حوار الحضارات، أليكسي مالاشينكو: “هناك تفاهم متبادل بين الطرفين غير معلن. الإسرائيليون يدركون جيداً تعقيدات العلاقة بين روسيا وإيران. إنهم يخافون من إيران ولا يحبونها. لكنهم يدركون أن روسيا لن تتخلى عن التعاون مع إيران في سوريا في المرحلة الحالية”.ووفقا لمالاشينكو،سيجري الحديث عن إيصال الخطر الإيراني في سوريا على إسرائيل إلى حده الأدنى” .لكن “المشكلة الثانية”، بحسب الشخصية الروسية، هي” حزب الله” .وعلى رغم ان الحزب منظمة شيعية تحتضنها إيران، فلدى روسيا فرص للضغط. وستغمض موسكو عينيها عن الطريقة التي تتصرف بها إسرائيل مع حزب الله” ، على ما ذكره مالاشينكو. وفي تقييم المصادر الديبلوماسية لتعبير “إغماض عين موسكو ” كما ورد آنفا ، معناه ان الكرملين لن يتدخل لمصلحة إيران إذا ما اوعزت ل”حزب الله” ان يلجأ الى التصعيد الميداني ضد إسرائيل عبر جنوب لبنان.
تلك كانت رسالة إسرائيل الى روسيا ،بحسب المصادر التي لم تستبعد ان تكون موسكو قد حولّتها الى طهران كي تكون على دراية حول خطورة الموقف على الحدود بين لبنان وإسرائيل ما يهدد مستقبلا بإندلاع نزاع شامل لا يمكن التكهن بنتائجه على اطراف النزاع.ورجحت المصادر ان تكون الحكومة الروسية تولت تنبيه الجمهورية الاسلامية الى تبعات الحملة الاسرائيلية المستمرة بشأن الانفاق والصواريخ والتي ستتوج بما يقرره مجلس الامن الدولي .وقد أرفقت هذا التنبيه ب”نصيحة” تدعو الايرانيين الى تهدئة الامور في لبنان كي تنحسر الحملة الاسرائيلية المتصاعدة في المدى القريب.
هل من صلة بهذه التطورات بما تذهب اليه الامور المتعلقة بتشكيل الحكومة؟ لا يستبعد المراقبون وجود مثل هذه الصلة بإعتبار ان كل الاخراج الجاري حاليا لكي تولد الحكومة لا يمكن ان يتم من دون قرار من “حزب الله” الذي هو من خلق مشكلة توزير احد النواب السنّة المحسوبين عليه ،وهو من قرر إيجاد حل لها على ما نشهد حاليا.
ربما من باب تبسيط الامور القول ان ما يدور في مجلس الامن سينقضي وكأن شيئا لم يكن.وقد إسترعى الانتباه الموقف الذي نقلته بالامس سفيرة الاتحاد الأوروبي كريستينا لاسن الى الرئيس سعد الحريري والذي أبرز “الحاجة الى أن يعترف لبنان بانتهاكات القرار 1701 من الجانب اللبناني، ويحقق ‏في المسألة، ويدين جميع انتهاكات هذا القرار الأممي”. وأعربت عن أملها في ظل “الوضع ‏الإقليمي المتوتر ” ان تتوافر ” إمكانية إطلاق حوار بقيادة لبنانية حول استراتيجية دفاعية جديدة بعد تشكيل الحكومة.”وفي قراءة اولية لهذا الموقف الاووربي ، قالت مصادر وزارية في حكومة تصريف الاعمال ل”النهار” ان الحكم بات مطالبا ب”الفصل ما بين مشاركة “حزب الله” في الحكومة الجديدة كطرف سياسي وبين الحزب كطرف عسكري ينفذ تعليمات من خارج الحدود”.
هل سيسهل “حزب الله” ومن ورائه إيران مهمة الحكم في الذهاب قولا وفعلا الى تنفيذ القرار 1701 الذي يعني إنهاء دور الحزب في منطقة عمليات القرار ،أي الجنوب؟ من يقرأ احد التحليلات على موقع “العهد” الالكتروني التابع للحزب يتبيّن له ان هناك علامات إستفهام حول سلوك الحزب على هذا الصعيد.إذ يفسر هذا التحليل الحملة الاسرائيلية الجارية بإنها “محاولة إدخال تعديل اساسي في بنود القرار 1701 لناحية معالجة الانفاق في الجانب اللبناني، من خلال اعطاء اليونيفيل صلاحيات ميدانية على الحدود، اوسع من صلاحياتها الحالية، وهذا الموضوع دائما كان العدو ومن ورائه الولايات المتحدة الاميركية، يحاولان طرحه عند كل تصويت لتجديد مهمة اليونيفل في مجلس الامن.”كذلك قال تحليل الموقع الالكتروني للحزب بأن هناك ” مناورة اميركية تخلق الفرصة لضباط اميركيين بالتواجد عند تلك الحدود مباشرة، ما يعطيهم مجالا اوسع للحصول على معلومات حساسة، تتعلق بالمقاومة وبطريقة عملها.”
انها مرحلة جديدة بكل ما في العبارة من معنى.وإذا ما سلّم المراقبون بإن هناك “تساهلا” إيرانيا يسمح بولادة الحكومة ،فهم واثقون بإن هناك “تشدد” إيراني بإبقاء ورقة الحرب والسلم في لبنان بيد المرشد الايراني؟

السابق
الأسباب الفعلية للولادة الحكومية: داخلية أم خارجية؟
التالي
رئيس بلدية الميناء بطرابلس : فلنكن على مستوى الميلاد في المحبة وكل الشكر لأنطون صحناوي