بين الولادة المتعسرة واتهام المستشفى.. يموت الطفل النازح قبل ان يولد

ليس غريباً الموت على أبواب المستشفيات اللبنانية...

لم تكتمل فرحة “بري محمد علي” بولادة طفله الذي استبق موعده بشهرين، في بلد تحوّلت الطبابة فيه إلى تجارة، والأخلاق لم تعد تجد لها مكاناً في مستشفيات باتت أشبه بالدكاكين همها “القبض بالدولار” لا العلاج ولا إنقاذ الأرواح!
ولأنّ الضحية “ضحية”، فها هم الهاربون من براثن الحرب السورية، يعانون الأمرين، في بلد لا يضمن أبناءه صحياً كما يجب، فكيف بالوافدين على دولة فقدت كلّ مقومات الدولة!

بري النازح السوري الذي وجد مأوى في بلدة خربة داوود العكارية، غاب عنه العيد، وفيما كانت المساجد تصدح ب”لبيك اللهم لبيك”، كان هو يودع رضيعه مسلماً جسده للتراب!

هذه الحادثة التي دارت فصولها بين جدران مستشفى سيدة السلام – القبيات، يوم الإثنين الواقع فيه 20 آب، بدأت عندما فاجأ المخاض زوجة “بري” قبل موعده فتمّ نقلها في الصباح الباكر إلى المستشفى ليتم على الفور إدخالها إلى غرفة العمليات حيث وضعت جنينها قبل موعده أي في الشهر السابع!

طفل “السابع”، كان بحاجة إلى “الحاضنة” – الكوفاز، إلا أنّ المستشفى أبت ذلك قبل أن يتم وضع مبلغ مالي وقدره 500$ في الصندوق!

الوالد الذي غادر المستشفى سريعاً، بحثاً عن المال لإنقاذ طفله، عاد في الـ12 ظهراً، غير انّ الرضيع لم يقوَ على انتظار “ثمن حياته” فاستسلم  لقدره جثة هامدة.

المستشفى من جهتها نفت هذه الرواية، مؤكدة أنّ لا علاقة للمال بما حدث وأنّ الطفل كان في حالة صحية صعباة، وأنّهم قد وضعوه في العناية المركزة لمتابعة وضعه وأبلغوا  العائلة أنّ إمكانية بقائه على قيد الحياة ضئيلة جداً.

موقع “جنوبية” وفي متابعة لهذه القضية، تواصل مع الوالد، الذي أكّد لنا أنّ الطفل لم يتم وضعه في الحاضنة ولا حتى لدقيقة واحدة.

وتوقف الوالد كذلك عند الإهمال الذي تعرض له رضيعه إذ ترك في الغرفة بالدماء التي كانت بقاياها على جسده نتيجة الولادة ما يقارب الساعة!
ولفت الوالد إلى أنّه بعدما استطاع تأمين المبلغ المالي عاد إلى المستشفى لتقول له الموظفة أنّ لا داعي لأن يدفع فالطفل قد فارق الحياة، فيما الممرضة التي كانت تحمل جثة الطفل بادرته بالصراخ مسائله إياه إن كان قد وضع (63 ألف) من الصندوق وهو المبلغ الذي تبقى من تكلفة عملية الولادة والتي تبلغ 263 ألف.

وفيما يوضح الوالد برّي محمد علي أنّ المستشفى ابلغت زوجته بوفاة الجنين بأسلوب “بارد”، يختم كلامه بالشكوى”لله”  متمنياً أن يأخذ هو حقه منهم.

حادثة الطفل الرضيع التي هزت عكار ليست الوحيدة، إذ تمّ تداول أيضاً خبراً عن طفل في بعلبك رفضت إدارة مستشفى “المرتضى” وضعه في الحاضنة بسبب عدم توفر الأمول مما أدّى لوفاته، وزارة الصحة من جهتها أصدرت بياناً علقت فيه على الحادثتين وجاء فيه:

“في ما يتعلق بطفل سوري حديث الولادة توفي في مستشفى “السلام” في القبيات، فقد ادخلت الوالدة المستشفى وكانت حامل في الشهر السادس ولَم يكن الحمل سليما وعند الولادة وضع الطفل في الحاضنة حيث توفي. وأعطيت الأوراق للاهل لأخذها الى هيئة الامم لتسديد الفاتورة لأنهم من النازحين السوريين وقد استلموا الجثة”.

واضاف البيان “وقد طلبت الوزارة التقارير اللازمة للاطلاع على الملف وفتحت تحقيقا في الامر واستدعت ادارة المستشفى”.

هذا ولفت بيان الوزارة إلى أنّه “جرى التداول بوفاة طفل حديث الولادة في مستشفى “المرتضى” في بعلبك والحديث انه لم يوضع في الحاضنة بسبب عدم توفر الاموال، وهذا الامر غير صحيح اذ ان الطفل وضع في الحاضنة ولم يوضع خارجها بسبب عدم دفع الاموال وبعد أخرجه من الحاضنة بعد تحسن وضعه تعرض لعارض أدى لوفاته.  وفي جميع الأحوال فقد باشرت الوزارة التحقيق في الامر واستدعت ادارة المستشفى”.

إقرأ أيضاً: رضيع يفارق الحياة في عكار: المستشفى رفضت إدخاله الحاضنة قبل أن يدفع الوالد 500$!

في الختام، ما بين ما تقوله المستشفيات، وما يقوله أهالي الأطفال، يبقى التحقيق الذي تجريه وزارة الصحة هو الضوء، علّ المحاسبة تعرف طريقها لكل من اتخذ من مهنة الطبيب سبيلاً للتجارة!

السابق
العثور على جثة طفل عند مصب نهر الأولي
التالي
الكونغرس «ينقلب» على ترامب في ملف موسكو