نيران الكهرباء تلتهم قمح شمعون.. فمن يتكفّل بالتعويض؟

حريق في الدلهمية
اهمال أو سوء طالع هو ما حدث في بلدة الدلهمية أمس، مع الحريق الهائل الذي شب نتيجة احتكاك كهربائي وأتى على حقل قمح بمساحة 120 دونم لصاحبه فؤاد شمعون.

“عوض ان تأتي الحصّادة اليوم لتحصد القمح، أقف مكتوف الأيدي عاجزا أمام هول ما حصل!” يقول فؤاد شمعون مشيرا الى السهل الأسود أمامه، فقد التهمت نيران حريق مفاجئ سنابل القمح الذهبية في سهل بلدة الدلهمية البقاعية وحولتها الى رماد.

شمعون تحدّث لـ”جنوبية” حول الكارثة التي حلّت برزقه جراء إهمال وفوضى في تمديد التوتر العالي وخطوط الكهرباء من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، ففي جولة سريعة لانتشار الأعمدة الكهربائية الممتدة على طول السهل الواقع في بلدة الدلهمية، يبدو جليا العيب في خطوط وكابلات الكهرباء حيث يلامس كابل التوتر العالي خط الكهرباء واحيانا يلتصق به!

الخسارة التي تكبّدها شمعون وحده وحريق محصوله الذي توقع ان يبلغ اكثر من عشرة أطنان من القمح، ربما شكلت إنذارا لردّ بلاء كان من الممكن ان يطال سكان وأهالي البلدة انفسهم، فالعيوب في تمديد الخطوط بمحاذاة الطريق تهدّد حياة المارة والسيارات.

اقرأ أيضاً: حريق في النبطية أتى على عائلة بكاملها

ماذا جرى تحديدا بعد ظهر يوم السبت الماضي في 9 حزيران؟

روى شمعون تفاصيل الحادثة، بلهجة بقاعية تشوبها لوعة وصبر المزارع العنيد، الذي كابد صلابة الأرض وشدّة الشمس الحارقة، وقد بدا على محياه آثار التعب والإجهاد، وقال “اتصل رامي ناطور السهل ليعلمني ان حريقا شبّ في سهل القمح، فتوجهت فورا لأجد حريقا هائلا يمتد لأكثر من نصف مساحة الزرع، فبادرت فورا بالاتصال بفريق الدفاع المدني، ولكنّي لم أوفق، واكتشفت بعدها انني اطلب الرقم بطريقة خطأ الا انهم حضروا بسرعة لأن آخرين اتصلوا بهم، ليعلمني عناصر ومسؤول الدفاع المدني بعدم قدرتهم على اطفاء النيران بسبب امتداده الواسع وسرعة الهواء، لنقف جميعا عاجزين” واضاف “في الحقيقة لم أعد اهتم للقمح الذي تلتهمه النيران بقدر خوفي على حياة الناس، وحاولت إبعاد من يقترب لئلا أتحمل مصيبة موت أحدهم”.

وأشار شمعون الى “محاولات الجميع حصر النيران منعا لامتدادها، خاصة ان العشرات من خيم اللاجئين السوريين تقع بمحاذاة سهل القمح”، وقد ذكر شهود عيان ان المئات من قاطني تلك الخيم ، ومعظمهم من الاطفال فروا باتجاه السهول المجاورة حتى حلول المساء خاصة وان انبعاثات الأدخنة كانت كثيفة وتعم ارجاء المكان.

وأضاف شمعون “توجهت الى مخفر المعلقة في مدينة زحلة، ورويت لهم ما جرى معي، فقالوا لي ” عوضك على الله”، ليأتي بعدها خبير الحرائق في الدفاع المدني ويكشف على اسباب الحريق واكد لي ان سببه حصول احتكاك في كابل التوتر العالي وخط الكهرباء على العمود الحديدي ” وتابع شمعون” هذا ما اكده لي ايضا رامي الناطور الذي أخبرني انه شاهد وميضا قويا، ليسمع على إثره صوت انفجار متقطع وشاهد كتلا من الشظايا والنيران تتطاير وتقع في سهل القمح بمحاذاة عمود الكهرباء”.

ويتوجه شمعون لرفع دعوى قضائية ضد مؤسسة كهرباء لبنان محملا إياها مسؤولية الحريق، مطالبا الجهات المعنية بتعويض خسائره والتي لا تقتصر برأيه على الماديات “ويكفي صبر وعناء وانتظار 6 اشهر من التعب” ليؤكد ان “مجموع ما خسره يصل الى 80 مليون وفق تقديره الاولي، كالتالي: ضمان ارض (مساحتها 120 دونما) استأجرها لسنة واحدة بقيمة 58 مليون ل ل، و3 ملايين ل ل ثمن بذار القمح، و3 ملايين ل ل ثمن المواد الكيماوية، و1 مليون ل ل ثمن ادوية زراعية، و6 ملايين ل ل ثمن محروقات(مازوت) لتشغيل مولدات الري، وحوالي 7 ملايين ل ل اجرة عمال وفلاحة الارض”.

مؤسسة كهرباء لبنان: عوامل الطبيعة غالبا ما تكون وراء الحرائق

مصدر مسؤول في شركة كهرباء لبنان اشار لـ”جنوبية” الى “وقوع حوادث كثيرة، تتعلق خاصة بالحرائق، ولا يمكن حصر اسبابها فقط بالكهرباء، فهناك عوامل طبيعية خارجة عن سيطرة مؤسستنا، منها الرياح القوية او عواصف رعدية او حتى ارتفاع درجة الحرارة التي تؤدي الى ذوبان الاسلاك، الى اسباب طبيعية اخرى” واضاف” استبعد ان يكون سبب الحريق تقنيا” ولدى سؤاله حول التصاق الكابل بالأسلاك الكهربائية، كرر استبعاده هذا الامر!

ولفت المصدر الى عدم تمكّنه من الحكم الا بعد معاينة ملابسات الحادثة والكشف على الاسباب “وللمؤسسة حقها بإرسال خبير خاص من قبلها قبل الادعاء والبت بأي حكم”.

اقرأ أيضاً: حريق داخل مخيم للنازحين في الوزاني

من جهة اخرى، حاولت “جنوبية” التواصل مع الهيئة العليا للإغاثة وما يمكن ان تقدّمه كتعويض على شمعون، فأشار مصدر في الهيئة رفض الكشف عن اسمه انه يتوجب على المتضرر تقديم سندات حول ملابسات الحادثة والاحتفاظ بها لتكون دليلا وذلك في مدة زمنية غير بعيدة تحاشيا لضياع او تشوّه المعطيات التي ممكن ان تتعرض للتلف.

يرزح المزارع اللبناني لوطأة مشاكل متعددة تبدأ بضعف هذا القطاع وعدم دعم الدولة وتشجيعها له، فلا قروض ميسرة ولا مكافحة للاستيراد الخارجي المضارب لمعظم المنتوجات المحلية. فهل سيتمكن شمعون من اثبات حقه والضرر الذي لحق به، سيما انه يملك اثباتات تؤكد مسؤولية مؤسسة كهرباء لبنان ووجود عيب في مد الاسلاك، رغم عدم اعتراف المؤسسة بمسؤوليتها عن حادث الحريق؟

 

السابق
معلومات جديدة حول انتحار الشاب الفرنسي في مكة المكرمة
التالي
افتتاح قلعة شعبان على مساحة 5 آلاف متر في خربة سلم