التجمع اللبناني: يدين الترهيب الإنتخابي لـ «حزب الله»

في متابعته للأحداث والتطورات لاحظ “التجمع اللبناني” ما يلي:

أولا: تبقى الحملات الانتخابية هي الحدث الأبرز الذي يشد انتباه اللبنانيين الذين يتنازعهم شعور متناقض حيالها يتأرجح بين اليأس من التغيير من جهة وبين امكانية وضرورة حدوثه من جهة أخرى. وبالرغم من سيطرة جو من الاقتناع  بأن هذه الانتخابات التي ستتم وفق قانون هجين مفصل على مقاس بعض أطراف المحاصصة من أهل الحكم، فان هناك شعوراً عارما أيضا بامكانية إحداث خروقٍ في الجدار الأصم لنظام المحاصصة الذي أظهر أنه عصي على التغيير!

ان اللبنانيين يراقبون بسخرية المعارك الانتخابية بين أطراف السلطة المتحالفة أحياناً والمتخالفة والمتناحرة أحياناً أخرى. لقد فرض قانون الانتخاب الجديد تحالفات بين أهل السلطة تقوم على المصالح الانتخابية البحتة وليس على أساس المواقف أو البرامج السياسية. فما يجمعهم هنا يفرقهم هناك، والمتحالف هنا متخاصم هنالك! فما تفرقه السياسة تجمعه المصلحة المشتركة ضد المعارضين.

في هذا الجو المشحون بالخلافات وتعارض المصالح، وفي الوقت الذي يظهر فيه للعيان أن الغالبية الساحقة من اللبنانيين قد فقدت الثقة بهم، فان قوى السلطة، مستفيدة من متسلقين ومنتفعين، أفشلت الكثير من محاولات بلورة بديل ديموقراطي يعبر عن طموحات اللبنانيين بالتغيير. وتلعب بعض القوى الحزبية، اليسارية منها خصوصاً كما الجهات التي هبطت بالباراشوت على القوى المدنية، دوراً سلبياً في منع تشكيل لوائح للمعارضة تقدم وجوهاً جديدة وبرامج سياسية جديدة.

ويأتي إعلان لائحة “كنا بيروت” ليقدم نموذجاً جديداً ينتظره اللبنانيون من أجل التغيير. لقد خصصت هذه اللائحة مساحة هامة للسياسة في وثائقها، على العكس من الآخرين في لوائح السلطة والمعارضة. فلللاسياسة هي تطنيش عن مشاكل البلد وترك الدولة في عهدة الدويلة. وما يسمونها “القضايا الشائكة” لا يمكن حلها إلاّ بالتصدي لها وليس بالدوران من حولها وترك نتائجها تستفحل، كما يفعل أهل الحكم اليوم الذين يتركون معضلة الدويلة تتفاقم بانتظار الحل الاقليمي الذي قد لا يأتي.

إن لائحة “كلنا بيروت” التي أعلنت مواقفها دون مواربة مدت اليد إلى كل الشرفاء ودعت المواطنين إلى انتخابها على أساس مواقفها. إنها لائحة تمتلك برنامجاً ورؤية وأهدافاً وتعمل من أجل لبنان جديد مختلف يقطع مع سلطة المحاصصة الفاسدة التي تسير بالبلد نحو الهاوية ويرمي إلى استعادة سيادة الدولة المعتدى عليها.

أولا: “التجمع اللبناني” يرى في لائحة “كلنا بيروت” نموذجاً من العمل المعارض الذي يستجيب لمتطلبات المرحلة الراهنة ويشكل رافعة لعمل المجتمع المدني وقيمة مضافة للعمل السياسي الديموقراطي.

ثانياً: على المقلب الثاني يسود خطاب ديماغوجي للسلطة الحاكمة، وتبرز الديماغوجية في التحالفات الانتخابية لتحالف المحاصصة والفساد كما في تسيير أمور الدولة وفي التعاطي مع المواطن ومع الخارج أيضاً.

فالتبشير باعادة إنتاج سياسة دفاعية بعد الانتخابات ومحاولة تسويق الفكرة دولياً من خلال مؤتمر روما يتناقض كلياً مع الأمر الواقع الذي تفرضه الدويلة على الأرض. فحزب الله هو “الحامي” لحقوق لبنان النفطية، وهو من يهدد بإيقاف استخراج الغاز الاسرائيلي وهو، بلسان حليفه رئيس مجلس النواب، الضمانة الوحيدة لردع اسرائيل!

وفي المقابل فان حزب الله لا يقبل أن تجري اللعبة الانتخابية في مناطق محددة مذهبياً، وهو يذهب إلى حد اتهام خصومه بالدواعش أو العمالة لسفارات أجنبية ويحرم على أبناء الطائفة الشيعية انتخابهم!

إن سياسة الترهيب التي يتبعها حزب الله في الانتخابات، أمام أعين الدولة، تجرد العملية الديموقراطية من محتواها وتعطينا مثالاً واضحاً عما ستكون عليه نتائج الحوار حول السياسة الدفاعية بعد الانتخابات.

ولعل الاستعدادات الحكومية لمؤتمر باريس ستعتمد مظاهر ديماغوجية أخرى رأينا بوادرها في أسطورة تخفيض النفقات وتخفيض العجز في ميزان المدفوعات فيما يجري تضخيم الايرادات على الورق. ويستمر الالحاح على معالجة الهدر في قطاع الكهرباء بالاصرار على متابعته رغم الفضائح وفيما يجري تجاهل أي خطوة ترمي إلى تخفيض الدين العام وخدمته الباهظة التكاليف. هذا في الوقت الذي تعلو فيه الأصوات في رأس الهرم من أجل تدفيع الدولة نفقات الزيادة في رواتب أساتذة المدارس الخاصة وتصر قطاعات معينة على الاستمرار بالتمتع في امتيازاتها المكلفة في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن الاستجابة لشروط صندوق النقد وأعضاء مؤتمر باريس بالقيام باصلاحات مالية جذرية أولها وقف الهدر وعمليات الفساد الواسعة في السطو الرسمي على المال العام..

ثالثاً: إن إيصال أصوات معارضة وشريفة إلى البرلمان هو الطريقة اللازمة والضرورية من أجل بدء تغيير المسار المنحرف الذي يمضي به المسؤولون عن مقدرات البلد، ومن هنا ندعو إلى التصويت بكثافة في الانتخابات النيابية المقبلة من أجل هذا الهدف، وإلاّ فان القادم من الأيام سيحمل للبلد الكثير من المتاعب.

لا بد من التصويت من أجل التغيير ومن أجل قطع الطريق على أطراف السلطة بالاستمرار في مقامرتهم بمستقبل لبنان.

السابق
هل إيران على أبواب انقلاب؟
التالي
تعرّف على «نصب الأمل من أجل السلام» التذكاري في لبنان