مجموعة أولويات فرضت نفسها على البلد، من مؤتمر روما الذي تنطلق اعماله غداً في العاصمة الايطالية، مع الآمال التي يعلّقها لبنان على الفرصة لدعم مؤسساته العسكرية والامنية. الى الموازنة العامة التي سلكت طريقها الى مجلس النواب، الى الملف الانتخابي الذي أدخل القوى السياسية في سباق مع الوقت .
إقرأ ايضًا: نجاح باريس 4… رهن الاصلاحات واقرار الموازنة
إنتهى الفصل الحكومي المرتبط بالموازنة، ليبدأ بحسب “الجمهورية” اعتباراً من اليوم الفصل النيابي بعدما سلكت طرقها اليه بمرسوم الإحالة الرقم 2508 تاريخ 12 آذار 2018. وينتظر ان تُحال الموازنة الى اللجنة النيابية للمال والموازنة، حيث يفترض الّا تمكث فيها لفترة تزيد عن آخر الشهر الجاري كما توقّع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أشار الى جلسات مكثفة نهارية ومسائية للجنة.
في خلاصة الأمر انّ الموازنة أحيلت الى المجلس في وقت مقبول زمنياً، بما يمكن من إقرارها قبل انعقاد مؤتمر ”سيدر” في 6 نيسان المقبل في باريس. والبارز فيها تخفيض العجز بحوالى المليار دولار، بما يخفّض العجز الى 5,3 مليارات دولار بزيادة حوالى 500 مليون دولار عن موازنة العام 2017.
لكن، اذا حذف عجز الكهرباء من مضمون الموازنة، فإنّ العجز ينخفض ظاهرياً الى حوالى 4,3 مليارات دولار، بما يعطي الانطباع بأنّ العجز تراجع عمّا كان عليه عام 2017 بواقع 500 مليون دولار. وفي كل الاحوال، تمّ خفض حوالى 20 في المئة من معظم موازنات الوزارات. وأضيفت ايرادات بحوالى 300 الى 400 مليون دولار تتعلّق بالتسويات الضريبية.
وجاء إقرار مشروع الموازنة في جلسة لمجلس الوزراء عقدت في سراي الحكومي امس، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري. وعلمت “الجمهورية” انّ الجلسة كادت “تفرط” بعد مناوشات وزارية حول موازنات بعض الوزارات والتوظيفات داخل المؤسسات العامة.
الأمر الذي أشعَر وزير المال علي حسن خليل بوجود محاولات لإعادة النقاش الى بداياته، فبادر الى مغادرة الجلسة بعدما خاطب الجميع بالقول: “لا تحاولوا إعادة النقاش، لقد استغرقنا ساعات وساعات لإنجاز ما هو امامنا، وعلى حدّ علمي كل القوى السياسية وافقت على الارقام والاجراءات فلماذا إعادة النقاش الى نقطة الصفر؟ ”يبدو انكم لا تريدون موازنة”. فتدخّل الحريري وبعض الوزراء لترطيب الاجواء وإعادة تصويب النقاش.
كذلك طمأن رئيس الوزراء سعد الحريري اللبنانيين عقب اقرار مشروع الموازنة مخففاً ومعدلاً أمس الى ابتعاد لبنان عن التجربة اليونانية.
وحرص الحريري على ابراز الجانب “الإصلاحي” في الموازنة، مشيراً الى انها تضمنت “حوافز لكل القطاعات وكل الوزارات التزمت التعميم الذي وزعناه قبل شهر أو شهرين بخفض موازناتها، وتمكنا من أن نوفر عما كانت بعض الوزارات قد وضعته، كما تمكنا من الوصول إلى الأرقام نفسها التي كانت في موازنة العام 2017، والعجز الموجود فيها مقبول”. وقال: “اثبتت التجربة انه كلما كنا متفقين جميعنا بعضنا مع البعض، تمكنا من تحقيق الانجازات. ومثال على ذلك هذه الموازنة، فقد استطعنا ان ننجزها لاننا اتخذنا قراراً سياسياً بالانتهاء من الموازنة، ولو كنا مختلفين في السياسة فهل كانت لتقر الموازنة ؟ هذا العمل انجز في عشرة أو خمسة عشر يوما”. وأضاف ان “ميزة ما قمنا به في موازنة هذا العام والأرقام التي وضعناها هي أرقام واقعية مئة في المئة. كل ما نصرفه وضعناه بالموازنة. حتى الـ2100 مليار الخاصة بعجز الكهرباء التي قال البعض إنها “هُرِّبت” فهي لم تُهرب بل وضعناها في الموازنة وكنا واضحين كثيراً. نحن اليوم بهذه الموازنة ابتعدنا عن أزمة اليونان وحافظنا على لبنان. ويجب ان يكون هناك المزيد من الإصلاحات، وأنا لست خائفا”.
إقرأ ايضًا: «مؤتمر باريس 4»: نجاحه مرهون بالاجماع العربي..
وأوضحت مصادر تكتل التغيير والاصلاح لـ ” اللواء ” ان عجز 2018 اقل من عجز 2017 وذلك نتيجة الإصلاحات التي اقرت في الموازنة، معتبرة ان النقاط الخمس التي كان التكتل اكد ضرورة الاتفاق عليها للسير بالموازنة قد وردت في موازنة 2018.
وشددت مصادر التكتل على انه من الطبيعي ان يراجع وزراؤنا ارقام الموازنة ويدققوا بها بهدف اقرار الإصلاحات التي طالما نادينا بها. ومن ابرز الإصلاحات تبني بند يتعلق بالكهرباء اقترحه واصرّ عليه الوزيران جبران باسيل وسيزار ابي خليل، وقد جاء في البند: “على الحكومة اتخاذ مرسوم في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الطاقة يحدد تعديلاً تدريجياً للتعرفة على استهلاك الكهرباء وفق جدول يوحّد التعرفة والتغذية بين المناطق ويؤدي الى توازن مالي تدريجي لكهرباء لبنان مع وصول التغذية الى 24 ساعة يومياً من ضمنها ساعات الأعطال وأعمال الصيانة، على ان يبدأ هذا التعديل مع وصول التغذية الى 20 ساعة يومياً. مع الإبقاء على تعرفة مخفضة لذوي الاستهلاك المنخفض ولأهداف صناعية، بما يؤدي الى خفض الكلفة الإجمالية على المواطن بعد إلغاء توليد الكهرباء الخاص وما يوصل الى خفض العجز المالي للدولة اللبنانية.
هذا ويأتي إقرار الحكومة الموازنة التي يترقبها المجتمع الدولي، قبل يومين من انعقاد مؤتمر روما لدعم القوات المسلحة اللبنانية بعد غد الخميس، والذي قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إنه “سيعزز قدرات المؤسسات الأمنية والجيش الذي يطالب لبنان بتزويده أسلحةً نوعية تمكّنه من أداء دوره في الاستراتيجيا الدفاعية الوطنية التي ستكون موضوع بحث بعد الانتخابات.