السيادة كأولوية انتخابية واصلاحية

علي الأمين
فقرة الصحافي علي الأمين في برنامج "على مسؤوليتي" على صوت لبنان.

ثمة تلازم بين السيادة ونهوض الدولة، ذلك أن لبنان منذ أن فقد سيادته على خياراته الكبرى، في السياسة الخارجية وفي الامن وفي السياسات الدفاعية، بات عرضة لكل أشكال الانتهاك الاقتصادي والمالي، وصار المال العام والشأن العام عموما، اسير المحاصصة في لعبة مقايضة قاتلة لا تزال تستنزف الدولة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، هذه المقايضة تقوم على قيام اطراف السلطة بالتنازل عن حقوق الدولة السيادية لسلطة من خارج الدولة، مقابل اطلاق يد هؤلاء الأطراف في تحاصص المال العام سواء تحاصص الوظائف العامة او القطاعات الاقتصادية، او تقاسم المنافع العامة لحسابات حزبية وفئوية وخارج اي مراقبة او محاسبة.

إقرأ أيضاً: علي الأمين: إلى متى سيبقى لبنان غير فاعل في لجم دور حزب الله؟

هذا ما عاناه لبنان في زمن الوصاية السورية، ويعانيه لبنان اليوم في زمن وصاية حزب الله على الدولة، وهذه وصاية لا تكتسب قوتها من عناصر داخلية يجري تسميتها اليوم بالمقاومة، بل من عوامل اقليمية ودولية، ساهمت بفرضها وحمايتها، ولكن على حساب تصدع الدولة وتقسيم المجتمع ومحاصصة الاقتصاد وصولا الى سلب الحريات.
الادارة العامة والقضاء والاقتصاد والحياة السياسية، كلها عناوين اصبحت عرضة للانهيار، بسبب ما نالها من تصدع في المرجعيات الدستورية، ومن سعي لئيم لتهشيم الدستور ، وضرب الهوية الوطنية، وذلك لغاية هزّ الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، ولحشر المواطن اللبناني في زوايا فئوية وضيقة وغريزية، فمصادرة الدولة وسيادتها تتطلب اما محاصرة اللبنانيين عموما بجدار الخوف، او بوضعهم في خنادق متقابلة، تشعر كل فئة منهم أن الطرف المقابل هو من يناصبه العداء ويتربص به.

إقرأ أيضاً: علي الأمين: قد نشهد إعادة تنظيم لعلاقة حزب الله مع التيار الوطني الحر

لا اصلاح في احوال الدولة اذا لم تكن السيادة قرارا لبنانيا ذاتيا غير منتقص او مسلوب من اي جهة كانت، وما دامت معادلة ان دخول اي طرف سياسي الى نادي السلطة مرهون باقراره او تسليمه المسبق بالتنازل عن السيادة او بالصمت على انتهاكها، فان الحيّز العام الداخلي سيبقى عرضة للمحاصصة والفساد ونهبا لمن لا يتحقق وجودهم السياسي الا بمزيد من ترسيخ المحاصصة على حساب الدولة والوطن والمواطن. ونحن على مشارف الانتخابات النيابية فان عدم جعل السيادة عنوانا محوريا لأي لائحة انتخابية معارضة، ينطوي على استسلام لمعادلة الوصاية وتشريعا سياسيا لها. ختاما لا معنى لأي اصلاح ولا لأي نهضة وطنية من دون تلازم مع معركة السيادة التي وحدها ما يجعل من لبنان دولة.

السابق
إيران دولة متوسطية!
التالي
العالم يحتاج محاكمة قتلة الحريري وشهداء سورية