إذا صدّقنا السياسيين والابراج معا: 2018 ستمرّ من دون إنتخابات!

احمد عياش

تبادل اللبنانيون جميعا التهاني لمناسبة حلول السنة الجديدة.وفي الوقت نفسه كانوا ينظرون الى ما حولهم فلا يرون ما يسرّ على المستويات الداخلية والاقليمية .فبينما كانت صور حرائق التظاهرات في إيران كأنها في لبنان بسبب الرابط العضوي الناجم عن نفوذ “حزب الله” كانت هناك في الوقت نفسه حرائق الاشتباك بين الرئاستيّن الاولى والثانية مستمرة ما دفع عدد من الاوساط السياسية الى القول ان دخان هذه الحرائق هي لحجب الرؤية عن ما ينتظر لبنان هذه السنة والتي ستكون بحسب هذه الاوساط الاسوأ التي ستشهدها البلاد منذ أعوام عدة!وقد إنضم الى هذه الاوساط السياسية المتشائمة خبراء الابراج الذين تباروا في سهرة رأس السنة في إطلاق التوقعات المتشائمة في مجالات عدة!

اقرأ أيضاً: لبنان والبوصلة والـCorridor

في معطيات هذه الاوساط التي إطلعت عليها “النهار” ان المواجهة المستمرة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن مرسوم ترقيات الضباط أخذت أبعادا صارت معها الجهود التي إنبرت لإحتواء المشكلة متواضعة مقارنة بحجم الشرخ بين قصر بعبدا وعين التينة.وبدا أن هناك دفعا لكي تصل الامور الى دائرة الانتصار والانكسار وليس الى دائرة التسوية التي تقوم على القاعدة اللبنانية المعروفة:لا غالب ولا مغلوب.وقد إستطاع الرئيس عون إستقطاب تأييد مسيحي واسع لموقفه المتشبث بإصدار المرسوم حتى ممن هم على تباين معه في السياسة ,فيما نجح الرئيس بري في نسج تضامن بينه وبين “حزب الله” على قاعدة التمسك بالدستور الذي يعني نيل موافقة الشيعة على أي مرسوم من خلال توقيع وزير المال.
بناء على ما وصلت اليه أزمة مرسوم الترقيات,تفيد المعلومات ان أول جلسة سيعقدها مجلس الوزراء السنة الجديدة غدا الخميس ستكون تحت وطأة هذه الازمة وبالتالي لن تكون هناك قرارات تصدرها الحكومة ممهورة بتوقيع وزير المال علي حسن الخليل الذي تلقى توجيهات بالامتناع عن التوقيع على أي قرارات طالما ان أزمة مرسوم الترقيات ما زالت قائمة.وهذا الامر يعني إذا ما تحقق فعليا ان تسيير شؤون الدولة سيتعطّل وتدخل البلاد حالة شلل ستكون أدهى من تلك خبرتها في ظل الحكومة العسكرية التي كان يرأسها عون عام 1988 بعد شغور موقع رئاسة الجمهورية بإنتهاء عهد الرئيس أمين الجميل ونشوء سلطة حكومتيّن إحداها عسكرية برئاسة عون وأخرى برئاسة الرئيس سليم الحص التي كانت تمارس السلطة في آخر عهد الجميل.
وتخوّفت الاوساط نفسها من أن الشلل الحكومي سيطال قضايا ذات منفعة عامة منها مشروع له صلة بالبنى التحتية ستنفذ مهلة الاستفادة من منحة خارجية لتمويله في الايام المقبلة إذا لم يتم إقراره في مجلس الوزراء.
هل يعني أن هذه الازمة المستجدة بين عون وبري تعني ان إستحقاق الانتخابات النيابية في أيار المقبل سيكون مستهدفا بشظايا هذه الازمة؟ جوابا على هذا السؤال تقول الاوساط ذاتها ان الاجواء السلبية التي ستخيّم على سماء الحكومة في المرحلة المقبلة ستتيح تصفية الحساب مع قانون الانتخابات الحالي الذي يتضمن ولإول مرة في لبنان مبدأ النسبية مفسحا في المجال أمام إعتماد الصوت التفضيلي الذي يشتت التحالفات التقليدية التي عرفها لبنان طويلا من خلال القانون الاكثري.وإذا كان من غير الواضح حتى الان كيف سيتم تعطيل إعتماد القانون الجديد، إلا أن ما هو واضح ان شللا في تسيير شؤون البلاد وتعطيل عمل المؤسستين التنفيذية والتشريعية لفترة طويلة سيعني حكما تعذّر إجراء الانتخابات في موعدها بسبب تعطيل إتخاذ قرارات إجرائية لإتمام هذا الاستحقاق فيصل لبنان الى هذا الموعد وهو في حال من أمر واقع يستحيل معه إنجاز الانتخابات.
ربما تبدو هذه الصورة المتشائمة تنطوي على مبالغات إذا ما نظرنا اليها اليوم.كما أن هناك إغفالا للحديث عن موقع الرئاسة الثالثة.إذ أن هناك معطيات تفيد ان الرئيس سعد الحريري يحظى حاليا بدعم دولي مهم ستظهر مفاعيله تباعا في الاشهر المقبلة بعد خريطة الطريق التي رسمها الاجتماع الوزاري لمجموعة الدعم الدولية للبنان الذي إنعقد في باريس في 8 كانون الاول الماضي والذي إنتهى الى بيان أكد فيه المشاركون “التزامهم باستقرار لبنان وأمنه وسيادته، ودعمهم الجهود الحالية التي تبذلها السلطات اللبنانية من أجل استعادة الأداء الطبيعي للمؤسسات والتحضير لتنظيم الانتخابات التشريعية في أيار 2018، تماشيًا مع المعايير الدولية.”كما ان هناك معلومات ديبلوماسية تفيد ان المملكة العربية السعودية تتعاطى مع الملف اللبناني من زاوية إعطاء الفرصة للرئيس الحريري لكي يمضي قدما في دفع العمل الحكومي الى تحقيق إنجازات توفر الاستقرار وتهيء الظروف لكي يستعيد لبنان عافيته السياسية والاقتصادية والادارية، وهذا ما تجلى بإنفراج أزمة التمثيل الديبلوماسي بين البلدين. إلا هذه الصورة الايجابية التي تحيط بدور الرئاسة الثالثة تصطدم بحسب المراقبين بنتائج الاشتباك بين الرئاسيتيّن الاولى والثانية.ولا حاجة هنا الى تكرار المثل القائل”يد واحدة لا تصفّق”.
بداية السنة الجديدة مصحوبة بما خلّفه العام الراحل يعطي مشروعية للمتشائمين بإن 2018 قد تكون “الاسوأ” منذ أعواما عدة. بالتأكيد لا يريد اللبنانيون ان يكون هذا التشاؤم في محله. إلا أن العبرة ستكون في المرحلة المقبلة فلا يصدق المتشائمون ويخسر المتفائلون.أما إذا سمعنا لاحقا ان الانتخابات قد تعذر إجرائها فعندئذ سيرفع التشاؤم رايات الانتصار، وهذه ليست هي المرة الاولى التي تمضي فيه الرياح بما لا تشتهيه سفن اللبنانيين!

السابق
نجل قائد الجيش ونجل النائب حسن فضل الله يتصدران قائمة التعيينات الأمنية!
التالي
إيران.. لا نجرؤ على التفاؤل