بعد احجام حزب الله.. الحريري يدخل على خط أزمة «مرسوم الترقيات»

راوحَت أزمة "مرسوم الترقيات" مكانها أمس في ظلّ انسداد الأفق أمام إيجاد حلّ لها نتيجة تمسّكِ الأطراف المعنية بها بمواقفها، ما جعلَ البلاد تدخل سَنتها الجديدة مأزومةً، ولكن هذه المرّة بخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية تكاد الرئاسة الثالثة تقف إزاءَه محرَجة رغم شراكتِها في توقيع مرسوم الأقدمية لضبّاط دورة 1994.

تصاعدت مخاوف أوساط سياسية  عدّة بحسب “النهار” من ان تكون “أزمة مرسوم الاقدمية ” لضباط دورة 1994 تجاوزت بكثير البعد المباشر والاسباب المباشرة للأزمة وباتت تقترب من مناخ شبيه جداً بالتوترات الحادة التي سبقت انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل تشرين الاول 2016 اذ كان عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري أيضاً قطبي مواجهة مباشرة كبيرة. ومع ان تلك المواجهة حطت رحالها مبدئيا بانتخاب الرئيس عون، فان تجددها هذه المرة على خلفية مرسوم الاقدمية يبدو مؤشراً سيئاً للغاية لتسارع فصولها بين الرئاستين الاولى والثانية، فيما “تنأى” الرئاسة الثالثة بنفسها عن مجريات الازمة حتى الآن، وإن يكن رئيس الوزراء سعد الحريري اتخذ خطوة مفرملة لتداعيات الخلاف حين أوعز الى دوائر السرايا بالتريث في نشر المرسوم الذي حمل توقيعه الى جانب توقيعي رئيس الجمهورية ووزير الدفاع.

إقرأ ايضًا: أزمة «مرسوم الترقيات» تصطدم بجدار صمت حزب الله

اللافت بحسب ” الجمهورية”  أنّ عون رفعَ مستوى المواجهة مع بري من المرتبة القانونية والدستورية والميثاقية إلى المرتبة السياسية، إذ اعتبَر “أنّ المقصود من النقاش الحاصل اليوم ليس تحصيل الحقوق، وستُظهر الأيام المقبلة أنّه لا يتعلق بحقوق العسكريين، بل يتعلّق بنزاع سياسي على مواضيع أخرى”. فيما خرَج الرئيس سعد الحريري عن صمته، داعياً إلى “التفاهم وعدم تضخيم الأمور”.

وبعد إحجام “حزب الله” عن الدخول في وساطة بين حليفيه.  برزت أمس دعوة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى وضع موضوع الخلاف بشأن هذا المرسوم “في مكانه الصحيح”، مطمئناً إلى وجود “حلول شرط أن يتم وضع المشكلة في إطارها الصحيح وعدم تضخيمها أكثر مما هي عليه”.  وذلك خلال استقباله مساءً في بيت الوسط وفداً من جمعيات وروابط أهلية وفاعليات بعبدا والحدث والحازمية، ونقلت “المستقبل ” قول الحريري إلى أنّ هناك “وجهات نظر قانونية ودستورية بشأن هذا المرسوم ونحن لا نريد تصغير المشكلة ونعتبرها غير موجودة. فالإشكال موجود، والمسؤولية تقتضي أن نعمل جميعاً على حله بِما يتوافق مع الأصول”، منبهاً إلى أنّ “الاستقرار السياسي هو الضمانة وأي توتر سياسي ينعكس توتراً في البلد ككل ونحن بغنى عن أي توتر سياسي داخلي، خصوصاً في ظل ما يحصل حولنا في المنطقة من جنون وحروب ودماء”.

والجديد في تطوّر حيثيات الاشتباك، انتقاد عين التينة ما قاله الرئيس عون امام وفد قيادة الجيش الذي زاره مهنئاً بالعام الجديد، برئاسة قائد الجيش العماد جوزاف عون من ان النقاش الدائر حالياً، لا يتعلق بحقوق العسكريين إنما بصراع سياسي على مواضيع أخرى، واصفة هذا الكلام بأنه للتعمية على ما وصفته “بالمرسوم المسموم”.

وكانت حدة “النقاش الاعلامي” بين الرئيسين عون وبري قد تراجعت بعض الشيء، أو بمعنى آخر بلغت السقف المسموح به، لمصلحة إعطاء مزيد من الوقت لإيجاد مخرج للأزمة الناتجة عن مرسوم منح اقدمية لضباط العام 1994، ووضعها الرئيس عون في خانة الصراع السياسي المعتاد على مواضيع أخرى، مثل توزيع الصلاحيات والخلل في التوازن الطائفي، وهو ما وافقه عليه الرئيس برّي، ولم يبد أي اعتراض على هذا القول، وان كان قد استدرك مؤكداً انه لا يعرف طبيعة هذا الصراع ومواضيعه، لكنه أصرّ على ان لكل مشكلة حل، والحل يكون بالعودة الى الدستور.

ولم تستبعد مصادر معنية لـ”النهار”  ان يعمد بري المتريث راهناً، الى كشف “المخفي” الذي وعد به وهو كناية عن مخالفات وسوابق سجلت في حالات مماثلة، “الا إذا تمت معالجة المشكلة وفقاً لما يقتضيه الدستور”. وفي حين فُسر كلام رئيس المجلس أمام زواره بأنه يتسم بالليونة، أكدت مصادر عين التينة ان لا تراجع عن الموقف حتى يحمل المرسوم توقيع وزير المال، مشيرة الى ان بري لا يسعى الى تكبير المشكلة، ولكنه لن يرضخ لتهميش صلاحية وزير المال.

إقرأ ايضًا: غلبة طائفية حول «الترقيات» تؤجّج الخلاف بين عون وبري

وتؤكد معلومات خاصة بـ”اللواء” ان هذا السجال سيتوقف، أو بالاحرى سيكون له منحى آخر، خصوصاً بعد دخول الرئيس الحريري على خط الأزمة، للمرة الأولى منذ التزامه الصمت حيالها”. وبحسب مصادر سياسية مطلعة في بعبدا فإن الذي دفع الرئيس عون للحديث عن “الصراع السياسي” وجود تسريبات وتلميحات تصدر في الإعلام تتجاوز الخلاف على المرسوم إلى اتهام رئيس الجمهورية بخرق الطائف، إضافة إلى كلام عن تعطيل مراسيم، مثلما هو الحال في ردّ مرسوم الترقية من رتبة عقيد إلى عميد، وكذلك ما يتردد عن نية الوزراء الشيعة في عدم حضور جلسات مجلس الوزراء.

وتذهب المصادر إلى أبعد من ذلك، لتشير إلى تخوف رئاسي من تكريس عرف قانوني جديد بأن يقترن كل مرسوم بتوقيع وزير شيعي من دون ان يكون بالضرورة وزير المال، فضلاً عن إمكان تجميد المراسيم طالما ان الدستور يجيز للوزير المعني ان يُبقي المرسوم لديه فترة طويلة غير محددة، في حين ان الدستور يفرض على رئيس الجمهورية توقيع المرسوم ضمن مهلة لا تتجاوز الـ15 يوما.

اما بالنسبة لمراسيم ترقيات ضباط الجيش التي تستحق ابتداءً من مطلع العام الجديد، فلم يطرأ عليها جديد، باستثناء تأكيد مصادر في وزارة الدفاع لـ”اللواء” بأن الوزارة لم تتبلغ حتى ما بعد ظهر أمس، عن أية مراسيم معادة من وزارة المال، كانت معلومات اشارت إلى ان وزير المال علي حسن خليل ردّ هذه المراسيم لتضمنها أسماء ضباط وردت اسماؤهم في مرسوم الاقدمية، وعددهم تسعة من رتبة عقيد إلى عميد، وستة من رتبة مقدم إلى عقيد.

وأوضحت المصادر نفسها ان كل رتبة من رتب ضباط الجيش تحتاج إلى مرسوم خاص، بمعنى مرسوم خاص بالملازمين الأوّل، والنقباء والرواد والمقدمين والعقداء والعمداء، ما يفترض (والكلام للمصادر) بأن يكون الوزير خليل وقع مراسيم الترقيات من رتبة ملازم أوّل حتى رتبة مقدم وربما عقيد.

السابق
قوى الأمن الداخلي تلقي القبض على سارقي شركة شحن في محلة البسطا التحتا
التالي
بعد تصريح باسيل حول حق إسرائيل… من يحاسب الوزراء؟