رسالة إلى قيادة «حزب الله»

أنا مواطن لبناني مدني علماني، مؤمن بدولة لبنان، وبالعروبة الحضارية، ومعادٍ لدولة إسرائيل. تجمعني بـ”حزب الله”، أفراداً وقيادات، مسألتان مطلقتان: المواطنة اللبنانية، والعداء لإسرائيل. لكن يفرّقني عنه، الشعور بالاستعلاء لديه، الذي لطالما عانى جمهوره منه، واتهام الآخرين بالعمالة إذا كانوا لا يوافقونه الرأي.

يهمّني أن أعلن ذلك، لا لأقدّم شهادة حسن سلوك إلى أحد – إذ ليس لأحد أن يمتحنني في مثل هذه الأمور – بل لأجادله عندما تسيء تصرّفات قادته إلى القضيتَين المذكورتَين أعلاه.

ففي اعتقادي الوطني أن كلّ عملٍ ينطوي على الإساءة المضمرة والعلنية إلى “المواطنة”، من طريق تأجيج النعرات والخلافات بين “المواطنين” حول حدود “المواطنة”، وشروطها، ومعاييرها، إنما يفضي إلى تفكيك الدولة وإلى خدمة إسرائيل.

إقرأ أيضاً: نحن العملاء الخونة

هل المواقف التي يُطلقها “حزب الله”، ويتباهى بها قادتُهُ، أكان ذلك يتصل بقوته العسكرية مطلقاً، أم باستعراض “فضله” على لبنان واللبنانيين، أم بشأن ما يجري في الجرود تحديداً، تنطوي على “إساءة” إلى المواطنة وإلى فكرة الدولة، وتثير “استعداء” المواطنين بسبب فائض الاستعلاء والاستكبار والتخوين؟

رأيي المتواضع: إنها تفضي حتماً إلى ذلك.

أتفّهم أن الجمهور، جمهور “حزب الله” خصوصاً، يجد في ذلك ما يعزّز خصوصيته وكينونته، ويعزّيه، لكني لا أرى أن “الحزب” يتفهّم “مواطنتي” ومفهومي للدولة، عندما يذهب بعيداً في الحلول محلّهما، منتقصاً كينونة الدولة، ومعنى المواطنة، ومنتقصاً وجودي كمواطن لبناني، مدني، علماني، مؤمن بدولة لبنان وبالعداء لإسرائيل.

شخصياً، يشرّفني أن أقول إني مقتنع بما يريد “حزب الله”، الآن وأمس وغداً، أن يقنعني به، قبل وجود “الحزب” في الزمان والمكان. إذا لم يكن ثمّة حاجة إلى ذلك، فلماذا “يتعمّد” دائماً وأبداً تخوين الآخرين، والتعبير أمامي – كمواطن – عن قوته الفائضة (غير الشرعية) التي “تؤذي” شعوري بالمواطنة و”تؤذي” مفهوم الدولة، وتنتقصها؟

جلّ ما أريده، أن أقول لـ”حزب الله” إن تصريحاته ومواقفه تنطوي على عنجهية وصلافة لا تصبّان في مصلحة المواطنة والدولة، ولا أيضاً وخصوصاً في مصلحة العداء لإسرائيل.

إقرأ أيضاً: هل يتكرّس «حزب الله» بوصفه… الأصل؟

لماذا؟ لأنه يمنّن “الدولة” و”الجيش” و”المواطنين”، ويُشعِرهم بأنهم أقلّ “مواطنية” منه، ومن جمهوره، الأمر الذي يزعزع مفهوم المواطنة برمّتها، ومفهوم الانتماء المتساوي إلى الوطن – الدولة، فيُحبط، جوهرياً، وعلى المستويين الاستراتيجيين، المحلي والعربي، هدف العداء لإسرائيل، الأمر الذي يستفيد منه أعداء دولة لبنان والعروبة الحضارية، وفي مقدّمهم إسرائيل.

إنّي، إذ أغبط نفسي و”حزب الله” لما يجمعنا، وهذا لَيشرّف الجميع، أصارحه بأن ما آخذه عليه، يمثّل في رأيي، خطيئة ما بعدها خطيئة.

مع الاحترام والتقدير.

السابق
هل يتكرّس «حزب الله» بوصفه … الأصل؟
التالي
نصرالله والنصرة: انتصارٌ ملتبس!