لبنان أمام منزلقات قمة عمّان

علي حمادة

منتصف الاسبوع الجاري تنعقد القمة العربية في العاصمة الاردنية عمان على مستوى قادة ورؤساء الدول العربية. وللمرة الاولى منذ ثلاث سنوات يعود لبنان ليحتل مكانه في التمثيل على مستوى الرؤساء. كان المنتظَر ان يمثّل لبنان في القمة الرئيس ميشال عون ويرافقه وزير الخارجية جبران باسيل، فيما لم يكن منتظرا ان يحضر رئيس الحكومة سعد الحريري القمة، كون رئيس الجمهورية هو من يمثّل لبنان، ووجوده يختصر التمثيل في المحافل الدولية، ولا سيما في ظل التوافق السائد بين الرئاستين الاولى والثالثة. وكثيرا ما يسمع زوار الرئيسين كلمات اطراء يوجهها كلاهما الى الآخر، فضلا عن ابدائهما، كل على حدة، ارتياحهما الى العمل معا، إما مباشرة وإما بالواسطة عبر الوزير باسيل، ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري، او حتى من خلال التعاون بين وزراء الفريقين!
بناء على تقدم، لم يكن غريبا الحاح عون على الحريري لكي يرافقه الى القمة العربية، اولاً لانه يرتاح اليه كثيرا، وثانيا لانه يريد، كما قيل، ان يظهر وفد لبنان الرسمي بمظهر الوفد الواحد الذي يعكس تجانساً في الحكم، لتأكيد وحدة الموقف اللبناني من خلال نص الكلمة التي قيل إنها ستتجنب الانزلاق نحو المسائل الخلافية العربية الكبرى، وذلك باستعادة تقليد لبناني قديم قِدَم الجمهورية اللبنانية نفسها، يقوم على الانحياز الى الاجماع العربي، والابتعاد عن الخلافات وعدم الانحياز لأي محور عربي في مواجهة المحور الآخر!

 

إقرا ايضًا: أين حزب الله وحلفاؤه من اعتقال قاسم تاج الدين؟
ما تقدم، في حال حصوله، أمر يدعو الى الارتياح عموماً. ولكن على رغم حسن نيات كل من الرئيسين عون والحريري، فإن بعض القضايا الحساسة يصعب تصنيفها بوضوح في منزلة الاجماع، او بحال العكس في منزلة الخلافات. ولنفسّر: ثمة قضايا تحوز اجماعاً عربياً لا لبس فيه، شأن القضية الفلسطينية، والصراع العربي – الاسرائيلي، فضلاً عن مبدأ السلام في مقابل الارض، وحق العودة، يتحقق حولها الاجماع بسهولة. في المقابل، ثمة مستويات عدة للقضايا الخلافية بين العرب، فهي قد تشبه التوتر الجزائري – المغربي او غيره من التوترات بين الدول العربية التي يسهل تجنب التورط فيها. وقد تشبه الصراع حول سوريا او الصدام العربي – الايراني، او إشكالية “حزب الله” المتورط بأعمال امنية ضد دول عربية، وهذه الاخيرة خلافات صعبة، حساسة ومعقدة. وهنا تكمن صعوبة الموقف اللبناني، ولا سيما عندما يحضر رئيس الجمهورية، ومعه رئيس الحكومة، وكلاهما يميل في الاصطفاف الاقليمي الى طرف في مواجهة طرف آخر. من هنا السؤال البديهي: اذا كان الرئيس عون سيحاذر الالغام الاقليمية في كلمته، فكيف سيفلت من الغام المقررات، مثل قرار ادانة سياسة ايران في التدخل في الدول العربية، او قرار ادانة اعمال “حزب الله” الامنية ضد دول عربية؟ وماذا سيكون عليه موقف لبنان في حال عمد اللوبي العربي الداعم لبشار الاسد الى طرح موضوع استعادة النظام لمقعد سوريا في الجامعة العربية، وخصوصا انه قيل إن عون، وخلال زيارته الرسمية أخيراً الى مصر، وافق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سعي الاخير لاستعادة النظام السوري لمقعد سوريا في الجامعة العربية؟

السابق
اقتلوهم… اقتلوا أنفسكم
التالي
بالفيديو: معمم «شيعي» يبرر لـ«نصرالله» كلامه عن زواج القاصرات!