الدروز بين حزب الله واسرائيل.. بيضة القبّان

وليد جنبلاط
رغم كونهم طائفة صغيرة العدد نسبة الى الطوائف الكبرى في العالم كالمسلمين والمسيحيين، الا ان الدروز يشكلون بيضة القبان في العلاقات المستحيلة في ظل وجودهم في مثلث خطر بين لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة.

أوردت صحيفة “العرب” اللندنية ان المشاركين بالذكرى الاربعين لاغتيال كمال جنبلاط التي دعا إليها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط- حيث استغلها لتزعيم نجله تيمور – بلغ عددهم حوالي 100 ألف شخص. والمميز في هذه الذكرى مشاركة سعد الحريري رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء، اضافة الى وفود تمثّل كل الاتجاهات السياسية في لبنان رغم خلافه مع بعضها بشكل جذري كحزب الله خاصة في موضوع القانون الانتخابي المرتقب. ويُعتبر الدروز في لبنان أقلّية عددية، مقابل وجود أقليات أكبر عددا. ومن المعروف ان لبنان بلد الاقليات.

إقرأ أيضا: جنبلاط وفلسطين في الذكرى الاربعين لاغتيال كمال جنبلاط

ومع حرص الزعيم الدرزي على إلباس كوفية والده لنجله تيمور، وهي عادة يسير عليها زعماء الطائفة منذ زمن بعيد، علما انه كانت هذه العادة تقول بانتقال العباءة من الاب الى الابن، وليس كوفية الجدّ الى الحفيد. هذه العائلة التي حكمت الجبل على مدى عقود.

وقد ارتبط اسم الجد كمال جنبلاط بالوجود الفلسطيني في لبنان وبمعارضته النظام السوري لجهة دعمه القوى اليمينة في لبنان المتمثلة بحزيب الكتائب وقت ذاك، فكان نصيبه الاغتيال.

وتُعد هذه العملية الوراثية الأولى من نوعها التي تنتقل فيها زعامة آل جنبلاط من زعيم حيّ إلى حيّ، فكمال جنبلاط تقلّد الزعامة بعد اغتيال والده. ووليد ورثها عن والده بعد اغتياله في العام 1977.

ومعروف أن الوجود السياسي للدروز ليس عائدا إلى زعامة آل جنبلاط فحسب، الى الطائفة ككل التي تُعتبر طائفة مؤسسة للكيان اللبناني. فالدروز منتشرون في بلاد الشام أي سوريا ولبنان وفلسطين، مع حرص إيران أن يكون لها علاقات مع الدروز في ظل وجودهم في الجولان المحتل، من اجل ضمان دور لها في أيّة صفقة تُعقد مع إسرائيل في المستقبل، أيّ في مرحلة إعادة ترتيب الوضع السوري بكامله.

اضافة، الى أن الدروز ينتشرون في مناطق ذات حساسية أمنية في الجنوب اللبناني، كمناطق حاصبيا وراشيا، وهم أيضا على تواصل غير مباشر مع أبناء طائفتهم الدروز في الجليل، ومع دروز سوريا في سهل حوران، والسويداء والجولان السوري المحتل.

وكانت ايران قد نسجت علاقاتها مع طرف درزي ناشئ، وهو وئام وهاب ودعمته ماديا لمواجهة جنبلاط الذي يتعاطف مع الخط المناوئ لقوى الثامن من آذار. رغم ان جنبلاط لم يركن طويلا في تأييده لقوى الرابع عشر من آذار. حيث كان يقفز من جبهة الى جبهة دون أي يثبت بشكل نهائي كعادته المعروفة. وظلّ وليد جنبلاط لاعبا أساسيّا فيها نظرا لكتلته البرلمانية التي كانت ترجح أي جهة تميل إليها.

واليوم تعود العلاقات الى سيرها الطبيعي مع حزب الله رغم الخلاف حول القانون الانتخابي المرتقب. وبعد إلباس تيمور، الشاب نهار أمس، الكوفية الفلسطينية مباشرة امام الـ100 ألف شخص، فهذا يعني ان الوراثة انطلقت وستكون بدايتها مع ترشح تيمور الى النيابة عبر مقعد والده في الشوف.

وفي تقرير أوردته قناة “الجزيرة الوثائقية” عن كمال جنبلاط  قالت “كان وليد جنبلاط قد كرر مرارا نيّته ان يرشح تيمور للانتخابات البرلمانية المقبلة، بالإضافة إلى إفساح المجال له في الانتخابات المقبلة لرئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي.

وكان كمال جنبلاط زعيماً للحركة الوطنية اللبنانية في بدايات الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990، وأحد مؤسسي الحزب التقدمي الاشتراكي، ويُعد من الشخصيات اللبنانية المعروفة بدعمها للقضية الفلسطينية، وهو كذلك أحد زعامات الطائفة الدرزية في جبل لبنان، إضافة إلى كونه مفكراً وفيلسوفا.

وقد اغتيل كمال جنبلاط في السادس عشر من آذار عام 1977 على يد السوريين. علما إلى أن وليد جنبلاط ظل حليفا لسوريا طيلة سنوات الحرب الأهلية.

إقرأ أيضا: إغتيال جنبلاط حقيقة أم نظرية مؤامرة؟

في حين اعتبرت جريدة “الاخبار” أن “أزمة جنبلاط العميقة، هي خوفه من أن تمرّ المرحلة الانتقالية الحالية في النظام اللبناني وتوسّع دور المسيحيين على حسابه، وهو في عزّ حاجته لتوريث ابنه. وهذه الأزمة حقيقية، ولها جذور، وأساسها أن جنبلاط لم يعد يملك حليفاً، لا داخلياً ولا خارجياً، بعدما تقلّب وتقلّب وتقلّب. وهو، لا يزال يغلق الباب أمام تيمور جنبلاط، الذي يحتاج بشكلٍ مُلِحّ إلى أن يرفع سمّاعة هاتفه، ويطلب موعدين على عجل، واحدٌ في حارة حريك، وآخر في دمشق، علّ طمأنينة الدّروز، التي لا يزال يؤمّنها الجيش السوري وحزب الله وحدهما، تتحوّل إلى طمأنينة جنبلاطية.

السابق
الرجل الذي فتح النافذة
التالي
«خطوط حمر» لترامب من سورية إلى… اليمن؟