مكيافلية أم براغماتيّة : قبول الحريري بعرض حزب الله؟

هل سيوافق الرئيس سعد الحريري على، ما أشيع من عرض مُقدم له، من قبل حزب الله بخصوص موافقته على قانون النسبية الذي يسعى إليه حزب الله، مقابل عودته على رأس الحكومة الثانية للعهد، بعد اجراء الانتخابات النبيابية المقبلة؟

بحسب “العرب” اللندنيّة ان لحزب الله مشروعا يسمى “المقايضة الكبرى”، ويقوم هذا المشروع على قبول سعد الحريري بالقانون الذي يطالب به حزب الله، وهو قانون النسبية التامة، مقابل تقديم ضمانات له بعودته إلى سدة رئاسة الحكومة بُعيد الإنتخابات النيابية.

إقرأ أيضا: الوزير فنيش لـ«جنوبية»: حزب الله مع النسبية لأنه الأكثر تمثيلا

ويؤكد محللون مستقلون أن نيّة الحريري بالقبول بالمقايضة واردة لأسباب عديدة منها أبرزها توّفرمعلومات عن تراجع ملموس في شعبية الحريري في الوسط السنيّ، وعدم قدرة التيار الازرق على ضمان عودة الكتلة بحجمها الموجود حاليّا في الانتخابات النيابية القادمة.

اضافة الى ان عملية طرد الموظفين الجماعية من مؤسسات الحريري، والتي تحصل كل فترة بسبب الشح المالي منذ فترة طويلة، خلقت نقمة عارمة في الأوساط السنيّة التي كانت تدين للتيارالأزرق بالولاء والتبعية.

من جهة ثانية، ترى مصادر”تيارالمستقبل” ان هذا الموضوع غير صحيح جملة وتفصيلا، اذ اعتبر نهاد المشنوق، وزير الداخلية،  في مؤتمر صحفي، ان “الكلام عن مقايضة هو كلام غير دقيق وغير جديّ، وفهو كمن يقايض الحديد بـ”قضامة” على حد قول المشنوق”.

كما اعتبر النائب محمد الحجار عضو كتلة المستقبل النيابية أن “الكلام عن هذه المقايضة يفتقد للصدقيّة بشكل تام، وهو لا يعدو كونه محاولة لتصوير سعد الحريري على شكل اللاهث وراء رئاسة الحكومة”.

علما ان اعتماد النسبيّة كقانون انتخابي لدورة2017 سيوصل اصواتا سنيّة مؤيدة لحزب الله في الشمال والبقاع الأوسط معارضة للحريري، اضافة الى نفاذ أشرف ريفي في طرابلس بعد اكتساحه انتخابات بلدية طرابلس. والتي كانت صورة مصغرة للانتخابات النيابية المقبلة.

ومن المعروف ان كل هدف حزب الله من التمسك بقانون النسبية يعود الى توسيع هامش الكتلة السنيّة المعارضة لسعد الحريري في مجلس النواب. في المناطق والتي كانت قبيل اغتيال رفيق الحرري عام 2005 تدين للنظام السوري بالولاء شبه التام.

وتشير التقديرات إلى أن اعتماد النسبية سيؤدي إلى نشوء كتلة سنيّة حليفة لحزب الله تتألف من ثمانية نواب، مع احتمال كبير بظهور كتلة نيابية وازنة للوزير أشرف ريفي مما سيعني تشتت القرار السنيّ، واضاعف سعد الحريري لايصال رسالة الى الدور السعودي في لبنان ووضع حزب الله اليد على الكتل السنية ايضا وليس الشيعة فقط.

ويعتقد بعض المراقبين أن الحريري على علم بهذا الأمر، وأن قبوله بمبدأ المقايضة يعود الى  من حرصه على حجز موقع لنفسه داخل الطائفة الاكبر إسلاميا وهي السنّة، عبر موقع رئاسة الحكومة.  في ظل تنافس حاد بين  كل من الرئيس ميقاتي ومحمد الصفدي وأشرف ريفي وتمام سلام وعبدالرحيم مراد على هذا المنصب، وهذا هو السبب الأساس وراء طرح مشروع النسبيّة الذي يتمسك به حزب الله.

وبحسب مطلعين، فان مشروع المقايضة المطروح هذا، ينسف كل الادعاءات التي تنادي برفض النسبيّة بسبب السلاح.

وهذه المقايضة تضمن حصول حزب الله على أكثرية نيابية. ويؤكد النائب خالد زهرمان  المستقبلي أن “سعد الحريري ليس بوارد القبول بهذا النوع من المقايضات، هو زعيم وطني عموما والقامة الأبرز في الوسط السنيّ”. ويضيف “ما زلنا على مواقفنا لناحية رفض النسبية والإصرارعلى صيغة المختلط”.

وحول الأثر السيئ لطرد الموظفين، وهم بالعشرات، من مؤسسات “المستقبل” على جماهيرية سعد الحريري، يشرح النائب الازرق خالد زهرمان لموقع العرب الالكتروني انه “لا شك هناك تراجعا ماليّا، لكن التيار قادرعلى التكيّف معها لأن القسم الأكبر من جمهورنا لا يرتبط بنا لأسباب ماليّة”.

وفي معلومات لـ”جنوبية” اعتبر احد المراقبين انه “لا بد من التذكير ان القانون الانتخابي المعتمد منذ العام 2009 هو المعروف بقانون 1960 الذي رُسم على قياس الزعماء حينها. خرج من السباق الانتخابي بعد اصرار أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله على اعتماد النسبيّة الكاملة في القانون الانتخابي القادم”.

إقرأ ايضا: حكومة «ما بعد حلب» تفرض شروطا جديدة من حزب الله على الحريري

وفي هذا الاطار، لازال حزب الله، الحزب الأبرز نيابيا الذي يُطالب بقانون النسبيّة الكاملة رغم احتمال خسارته، جراء اقرار هذا القانون، لعدد من المقاعد في بعض المناطق التي له فيها مناصرين. ومن الملفت انه رغم مرور الوقت لا زال النواب يتباطأون في اقرار القانون الانتخابي الجديد.

علما ان النائب محمد فنيش، عن كتلة الوفاء للمقاومة التابعة لحزب الله، قد أكد لـ”جنوبية” في وقت سابق انه “رغم ان الاستحقاق يقترب، وقانون الستين انتهى أمره، فاننا نأمل ان يحظى اللبنانيون بانتخابات في الوقت المناسب”.

يشار الى انه وبعد غيابه عن لبنان لخمس سنوات وبحسب موقع (نبض)، مكث خلالها بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، عاد رئيس الحكومة الحالي ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري الى لبنان في شباط 2016 للمشاركة في احياء الذكرى الحادية عشرة لاغتيال والده في 14 شباط، معلناً انه هذه المرة “عاد ليبقى”. فهل سيُشكل كتلة نيابية وازنة تبقيه في لبنان ولا تأخذه مرة جديدة الى السعودية التي اضحت علاقته بها غير جيدة؟

السابق
لهذه الاسباب لا انتخابات في المناطق الشيعية
التالي
التفاهم بين أمل والتيار الحرّ… حاجة وطنية أم مصلحية؟