من أين جاء سلاح حزب الله في القصير؟

إحدى أهم نقاط القوة لدى حزب الله كانت أنه يرتكز على مبدأ حرب العصابات، وأنه لم يكن جيشاً منظماً له قواعد ثابتة. هذه الميزة التي لطالما تغنّى بها الحزب في حربه ضد العدو الإسرائيلي، هي التي أكسبته ميزة وتفوقاً على جحافل الجيش الإسرائيلي. لكن فجأة أمراً ما تغيّر لدى الحزب، وبدأت معالمه تظهر منذ دخوله في الحرب السورية. وآخرها، كان العرض العسكري في مدينة القصير في ريف حمص، الذي شارك فيه مئات المقاتلين وظهرت فيه للمرة الأولى مدرعات ودبابات يمتلكها، لم تكن معروفة من قبل.

حدث مفاجئ أن يكون العرض العسكري بهذه الضخامة، وفي هذا التوقيت. لكنه يبدو رسالة في اتجاهات عدة. في الاتجاه اللبناني، أولاً، تأكيد أن الحزب باق في سوريا، حتى وإن انتخب ميشال عون رئيساً للجمهورية. وثانياً، رسالة إلى جمهوره بعد ما جرى في حلب والخسائر التي تكبدها فيها. ما من شأنه رفع المعنويات، خصوصاً أنها جاءت في يوم الشهيد. والاتجاه الثالث، هو للقوى السياسية العاملة على خطّ الأزمة السورية، لتأكيد أن الحزب موجود الآن وفي مستقبل سوريا السياسي أو العسكري.

إقرأ أيضاً: «يوم الشهيد» غاب عن لبنان وحضر استعراض قوّة في القصير

درج حزب الله، سنوياً، على تقديم عروض عسكرية في يوم القدس. والعرض الأكثر ضخامة كان احتفال يوم القدس في العام 2000. لكن الحزب انتقل هذه المرة إلى ساحة أخرى، هي سوريا، وتحديداً القصير لما تشكّله من رمزية، جراء الأثمان الغالية التي دفعها للدخول إليها، وهي معركته الأولى المعلنة في سوريا. كما تشكّل رمزية بالنسبة إلى أهالي المنطقة والمعارضة السورية، التي تعتبرها أيقونة الثورة، وبدء مرحلة من الاحتلال اللبناني للقرى السورية.

لكن من أين جاءت هذه الدبابات؟

باتت كل مستودعات الجيش السوري تحت تصرّف حزب الله. كما أن مخازن الأسلحة الأساسية للحزب هي في الأصل في سوريا، ولم تنقل هذه الأنواع من الأسلحة إلى لبنان. ورغم أهمية التساؤل عن وجود هذه الأسلحة في هذه المرحلة، فإن السؤال الأساسي الذي يطرح هو ماذا بعد انتهاء الحرب السورية؟

ثمة من يقول إن السؤال سابق لأوانه. فهذا السلاح لم يكن موجوداً قبل الحرب السورية، أو على الأقل لم يكن ظاهراً. أما أهدافه الأساسية فستكون سورية، ولن يكون موجهاً إلى لبنان، وإن بقي في المناطق القريبة من الحدود، لأن لا حاجة للحزب له في لبنان.

إقرأ أيضاً: ولمعارك حزب الله في سوريا أساطيرها أيضاً!
لا شك أن هذا العرض العسكري استفز كثيرين، خصوصاً أن الحزب ظهر للمرة الأولى كما لو أنه جيش كلاسيكي. فيما يذهب آخرون إلى اعتبار أن الحزب يكرّس حدود دولته ويستعرض قوته العسكرية عليها. بمعنى أنه حتى بعد انتهاء الحرب السورية، ولو عاد هذا السلاح إلى المستودعات، سيبقى الحزب مسيطراً على تلك المنطقة أو مقرراً فيها.

السابق
هل ينتحر الحوثيون في مكة، أم يعقلون؟
التالي
اسرار الصحف المحلية الصادرة ليوم الثلثاء الواقع في 15 تشرين الثاني 2016