المفتي أحمد طالب: من يعيب على المرأة الاختلاط فليعيبه في مراسم الحج

التشدد الفكري الذي ارتدى عمامة العلم تعدّياً، حوّل المرأة إلى ضحية الآراء التي لا تستند إلى اساس شرعي او فقهي يعتّد به، والعديد منها تتسم بالتعصب ناهيك عن العسر والتشدد، فيما أهم ركائز الإسلام والدعوة إليه كانت اليسر والكلمة الحسنة.

وبالعودة إلى المرأة فإنّ أكثر القضايا التي أحدثت جدلاً مؤخراً كانت قضية فاطمة حمزة وحق الحضانة، ليفتح هذا الموضوع ملفات أخرى منها عمل المرأة وتحريمه، ومحاولة ادراخ غير المتحجبات وغير الملتزمات باللباس الديني بأنّهن “بلاشرف”.

موقع “جنوبية” وفي سياق التوضيح تواصل مع المفتي الشيخ أحمد طالب، للاضاءة على وجهة نظره الفقهية في هذه المسائل، وللاضاءة على نظرة الإسلام والفقه الى المرأة.

المفتي الشيخ أحمد طالب وفي حديث لـ”جنوبية”، أكّد أنّه “لا يوجد في ثقافة الإسلام هذا النوع من الإقفال الفكري بمعنى التعميم الذي يقول أنّه يمنع على المرأة أن تخرج إلى ساحة العمل لأنّ هذا قد يعرضها للفتنة”.

مضيفاً “قد رأينا الكثير من الأمور التشريعية في الدين وحتى العبادية والتي تستدعي أن تخرج المرأة إلى الخارج وتختلط بالرجال مثل الحج على سبيل المثال ففي داخل الكعبة المشرفة هناك اختلاط وما من قسم خاص بالرجال وقسم خاص بالنساء وهذا أمر عبادي وأمر ديني، لذلك لا يمكن الحديث في سياق يُفهم منه أنّ الدين لديه شيء من النظرة المتعلقة بالجسد للمرأة، فالمرأة كائن منتج وفاعل ويملك طاقات فكرية وثقافية يمكن أن تخدم المجتمع، لذلك ليس من المقبول أن نطلب من المرأة أن تتعلم وأن تملك اختصاصات وثقافة وإمكانيات ومن ثم نطلب منها أن تجلس في البيت ونحجّر عليها”.

ولفت المفتي طالب إلى أنّ “أي شيء يثير الفتنة هو خطأ سواء كان من المرأة أو من الرجل، كذلك في بعض الحالات قد نعتبر أنّ بعض الرجال في طريقة خروجهم وفي طريقة لباسهم وتصرفاتهم قد يكونون هم مثار للفتنة أيضاً”.

متسائلاً “هل نعمم ونقول يمنع على الرجال الخروج إلى ساحة العمل لأنّهم يمارسون نوعاً من إثارة الفتنة أو ما شابه ذلك”.

أحمد طالب

واعتبر الشيخ طالب أنّ “هذا الأمر لا يقارب بهذه الطريقة بتاتاً، المقاربة تقول أنّ كل إنسان لديه إمكانيات عليه أن يقدمها في المجتمع وأن يحافظ على الأداب العامة والأخلاقيات وهذا من جهة البعد الإنساني والديني، ونحن لا ننظر بخصوصية إلى المرأة إلا من موقع شدة الحرص عليها لنقول لها انتبهي ولكن لا نمنعها ولا نعتبرها أنّها هي سبب للفتنة أو للفساد في شكل دائم”.

إقرأ أيضاً: لن نبرّئ الاسلام من «الارهاب» مجدّدا!

وفيما يتعلق بالمساس بالشرف والذي تتعرض له بعض النساء غير المتحجبات وغير الملتزمات باللباس الشرعي، أوضح طالب أنّ “هذا التعبير ينم عن عقدة نفسية وتربوية لدى الشخص الواصف لأنّ هذه الكلمة تحكي عن سلوك وخلق ومسلك  لا يجوز أن نصف فيه أي انسان سواء كان امرأة أو رجل بطريقة عشوائية وبطريقة يُفهم منها أننا نريد الانتقاص من موقعيته”.

واضاف “نجد الكثير من غير المحجبات لديهن من الالتزام من الضوابط الأخلاقية والدينية ما قد لا نجده حتى عند بعض المحجبات، فالعفة والشرف والخلق لا رابط لهم في بعض المظاهر إلا من باب إكمال الصورة لا أكثر وليس من باب أنّه هو شرط أساسي”.

وبيّن الشيخ طالب فيما يتعلق بظهور هذه النماذج المتشددة في هذه المرحلة المتقدمة من العصر أنّ “الذهنية المتشددة المنغلقة كما الذهنية المنفتحة، كلاهما كان موجوداً منذ وجود الإنسان، ولكن اليوم مواقع التواصل الاجتماعي و وسائل الإعلام أصبحت تُبرز إلى العالم ما كان يقال في بعض المجالس الضيقة”.

إقرأ أيضاً: أين الاسلام السياسي من الإرهاب الذي يجتاح العالم

لافتاً إلى أنّ “التشدد ليس مرتبطاً بالدين ولا مرتبطاً بالإسلام وإنّما بالشخص كطريقة حياة وبيئة اجتماعية ونمط تفكير، وهذا الشخص حينما تعطيه فكر ديني يظهر لك ديني متشدد، وحينما تعطيه فكر مدني، يظهر لك مدني متشدد… وما إلى ذلك، الفكر هو الأساس والقالب (أي الشخص )الذي يظهره هو الأساس”.

وختم الشيخ حديثه بأنّه “يفترض على المرجعيات الدينية أن توضح الصورة الصحيحة والسليمة وأن تحاول على الأقل أن تقول أن القرآن قد قال (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)، وأن النبي قد قال (لا تفرقوا ولا تنفروا)، لأنّه على لإنسان أن يحاول إطلاق الكلمات التي تقرب وتحبب وتجعل الآخرين اكثر قرباً من الدين، لا أن يعتمد الأسلوب المنفر من الدين”.

السابق
باسيل: لبنان وإيران يواجهان الخطر الإسرائيلي العنصري والخطر الداعشي
التالي
الخارجية للقوات وعون يستعين بنصرالله وهؤلاء وزراء السنّة