الرِهان على روحاني في إيران خاسِر؟

سركيس نعوم

قبل الجواب عن سؤال: ماذا يقول الصديق الأميركي نفسه المُتابع علاقات بلاده وإيران وروسيا عن العلاقة الروسيّة – الأميركيّة بعد تعثُّر أو ربّما إخفاق الاتفاق الأخير على وقف النار في سوريا؟ لا بدّ من الإشارة إلى أنّني تلقّيت من هذا الصديق في السادس من أيلول الجاري مُعطيات وتحليلات ومعلومات عن العلاقة المذكورة. لكنّني امتنعت عن نشرها لأنّ كل التصريحات والأخبار كانت تتوقّع توصّل وزيري خارجيّة أميركا وروسيا جون كيري وسيرغي لافروف إلى اتفاق يُوقف النار والعمليّات العسكريّة العدائيّة، والتوقّع تحقّق. لكن قبل انقضاء مدّة “الهدنة” المُحدّدة بسبعة أيّام دبّ الخلاف بين الجهتين الدوليّتين وتمّ خرق وقف النار ثم استُؤنفت العمليّات العدائيّة العسكريّة. وبدا لي بعد مُراجعة أوراقي أن الصديق المٌشار إليه أعلاه كان مُصيباً في تشاؤمه. لذلك أرى ضرورة نشر ما أرسله لي قبل أكثر من أسبوعين ثم ما تلقّيته منه قبل أيّام قليلة وبهدف واحد هو دفع الناس المعنيّين التوّاقين إلى السلام رغم تناقض مواقفهم ومواقعهم إلى التروّي في الحكم على “المبادرات” حرصاً على أعصابهم من “طلعاتها ونزلاتها”.

ماذا قال الصديق في 6 أيلول الماضي؟
قال أولاً أنّه لا يعتقد أن أميركا ستتوصّل إلى تفاهم يتعلّق بسوريا مع رئيس روسيا بوتين، ذلك أن إصرار الأولى على ضرورة رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة فيها وتمسّك الثاني ببقائه فيها سيُعطِّل أي فرصة لتفاهم أو لاتّفاق بينهما. فالحلفاء السُنّة لأميركا في سوريا والعراق والخليج سيفقدون أي ثقة بها إذا وافقت على بقاء الأسد على “عرشه”. وقال ثانياً ليست هناك وسيلة ناجعة يمكن استعمالها لإقناع سُنّة سوريا وعلويّيها بالاتفاق بعد كل المجازر التي حصلت في حروبهم المستمرّة منذ سنوات. وقال ثالثاً أن الروس يعرفون أن أميركا تريد تسوية سياسيّة للأزمة – الحرب في سوريا وليس تسوية تكون نتيجة تدخّل عسكري، ولذلك فإنّهم يُمارسون ألعاباً أو “ألاعيب” إحداها التمسُّك ببقاء الأسد في السلطة. وقال رابعاً أن الروس يدّعون عدم إمتلاكهم نفوذاً كبيراً على الأخير. لكن ذلك غير صحيح. فهم يستطيعون التخلّي عنه في أي وقت إذا كان ذلك يتوافق مع مصالحهم. وقال خامساً أنّه يجب عدم نسيان إيران أو تجاهلها. وطالما بقي “حرسها الثوري” مسؤولاً عن المنطقة بتكليف رسمي من الوليّ الفقيه فيها السيد علي خامنئي، فإنّ نتيجة جيّدة وطيّبة للمفاوضات يجب عدم توقّعها. ونحن نعرف كلّنا أن الرئيس أوباما سيُتابع تنفيذ الإستراتيجيا التي وضَعَ للشرق الأوسط. وهي تقضي بضرب المتطرّفين الإسلاميّين البالغي التشدُّد وبناء قوّة عسكريّة من أكراد وسُنّة عرب مهمّتها السيطرة على المناطق التي يحتلها هؤلاء وفي مقدّمهم “داعش” بعد هزيمتهم. وقال سادساً أن “الذبابة الوحيدة في المرهم” (العرب يقولون “الذبابة في اللبن”) هي تركيا: فقوّاتها داخل سوريا وهي أمّنت حدودها معها وأوقفت مؤقّتاً التقدّم الكردي غرباً.

اقرأ ايضًا: لنتفاهم على تسليم لبنان لإيران

لكن السؤال الذي يُطرح اليوم في واشنطن وخارجها هو: ماذا سيفعل الأتراك بعد ذلك؟ وعاد سابعاً إلى إيران فقال أن الاتصال الأميركي مع رئيس جمهوريّتها روحاني مستمرّ. لكن الواضح لمُتابعي أوضاعها أن للوليّ الفقيه و”الحرس الثوري” السيطرة التامّة على سياساتها العامّة واستراتيجيّتها. وقال أيضاً أن الحوادث في الخليج مع البحريّة الحربيّة الأميركيّة التي افتعلتها قوّات “الحرس” تُظهر غياب نيّة أو إرادة طيّبتيْن عند إيران. والقصدُ منها هو إضعاف روحاني وتقويض سُلطته وتوجيه رسالة إلى مؤيّديه داخل بلاده وخارجها. ومن شأن ذلك منع أي تقدّم في علاقات واشنطن – طهران ودفع القوّات الأميركيّة إلى الردّ على “الحرس الثوري” في الخليج والعراق. وقال أخيراً عن العراق أنّ أميركا ستستمر في تدريب جيشه النظامي وأنّها منشرحة لما حقّقه في عمليّاته ضدّ “داعش”. لكنّها ترى أن على الحكومة العراقيّة أن تُظهر عمليّاً أنّها شاملة في تمثيلها الفعلي كل مكوّنات العراق. وهي تلوم رئيسها حيدر العبادي على ذلك، لكنّها تحمّل “الحرس الثوري” مسؤوليّته. أمّا تحرير الموصل فإن الصديق الأميركي المُتابع نفسه لا يزال على اعتقاده أن حلفاء أميركا من الأكراد والعرب سيقومون به. وفي هذه الحال، فإنّ القبائل السُنّية العراقيّة ستُسارع إلى الإنضمام إليهم.
ماذا عن السؤال الذي ورد في نهاية “الموقف هذا النهار” يوم أمس وصباح اليوم؟
الجواب عنه سيكون يوم الإثنين المقبل.

السابق
صدمة في صيدا.. هل الاهمال الطبي وراء وفاة تيا ابنة الـ8 سنوات؟
التالي
اندلاع حريق في شقة في محلة مستيتا جبيل