ملايين اللاجئين فكيف ينجو لبنان؟

اللاجئين السوريين

لا يبدو أن أخطار اللجوء السوري تقتصر فقط على خسائر يدفعها لبنان وتكلفة ما عاد يستطيع تحملها. بات موضوع اللاجئين خطراً على لبنان بأكمله وعلى تنوعه وتركيبته وديموغرافية سكانه. وها نحن في قلب الأزمة السورية وارتداداتها، صار عندنا ملايين اللاجئين، يتوزعون على أكثر من 1850 مخيماً عشوائياً وفق احصاءات محلية ودولية، وفي مختلف المناطق اللبنانية، من دون أن تسجل اجراءات تساهم في تنظيم لجوئهم والحد من تأثيرات اللجوء على البنية اللبنانية والبلد ومستقبله. ولعل البعض قد يعتبر أن الكلام عن ملايين اللاجئين فيه مبالغة، فيما البعض الآخر يسجل رد فعل سلبي ويطلق سهام اتهاماته العنصرية، في حين يعرف الجميع أن مشكلة اللجوء باتت تهدد لبنان واستقراره.
قد يكون من المبكر تحديد ما فعله اللجوء في المجتمع اللبناني، وسط الإنقسام الذي يعانيه البلد وشغور مؤسساته، انما يمكن الحديث عن نموذج تعليم أولاد اللاجئين، لنكتشف أن أعداد الأولاد اللاجئين في عمر المدرسة باتت تتخطى الـ 600 ألف، حيث تستوعب المدارس الرسمية وبعض المدارس الخاصة وأخرى تابعة لجمعيات نحو 300 ألف منهم. ويرتب تعليم هؤلاء الأولاد مبالغ مالية لا تزال الدولة اللبنانية تتحمل الجزء الأكبر من كلفتها بحدود 60 في المئة، ولم تقدم الجهات المانحة سوى اربعين في المئة من كلفة تعليمهم، التي تخطت الـ 600 مليون دولار خلال السنوات الخمس الماضية. وتكمن الخطورة أن الفئة العمرية تحت الخمس سنوات من اللاجئين السوريين في لبنان باتت تشكل 28 في المئة من نسبتهم الإجمالية، وهي في الأساس تشكل في سوريا نسبة 22 في المئة وفق ما ورد في كتاب “اربعة ملايين لاجىء – الانفجار السكاني- هل تبقى سورية؟ وهل ينجو لبنان؟” للدكتور علي فاعور، فيما هذه الفئة عند اللبنانيين لا تشكل أكثر من 5 في المئة، ما يعني أن هناك أخطاراً كبيرة على لبنان، خصوصاً وأن الكتاب ذاته يتحدث عن وجود أربعة ملايين لاجئ في لبنان بين سوريين وفلسطينيين وعراقيين وغيرهم، وهذا وحده يخل بالتركيبة الديموغرافية اللبنانية، فضلاً عن الأعباء التي لا يمكن للبنان الاستمرار في تحملها.

اقرأ ايضًا: خرائط توزيعات اللاجئين: لبنان مخيّم كبير

يحكى ان لبنان ترتبت عليه خسائر متراكمة خلال 5 سنوات من اللجوء، لا تقل عن 8 مليارات دولار. ليس ذلك فحسب، إذ أن اللجوء انعكس ضغطاً على الثروة المائية، وعلى البنية التحتية والكهرباء والخدمات التي هي شحيحة في الأصل، فضلاً عن فرص العمل وغيرها.
لبنان تحول بلداً للاجئين. هذا هو الواقع. فهل أصبح التوطين واقعاً. التوطين قائم، لكن لا أحد يعترف به . الجميع يرفضه من دون أن يرفع الصوت لتستعيد الدولة مؤسساتها وتعمل على انقاذ البلد من مترتبات اللجوء وأخطاره.

(النهار)

السابق
اردوغان كان يحضّر لـ«إنقلاب» قبل الإنقلاب «المسخرة»!
التالي
الانتخابات الاميركية: كلينتون متقدمة – 1