بعد فشل «ثلاثية الحوار»… ماذا بعد؟

الحوار لبنان
دخل لبنان منذ الاغتيال الكبير للرئيس الشهيد رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط 2005 بأزمة انقسام حادة تمثلت بقطبي 8 و14 آذار، فاتفقا على ان يتشاركا الحكم ولكن دون أن يتفقا إلاّ على تسويات أو إملاءات خارجية، أو عبر تقاسم «الجبنة».

الخلاف الحاد بين اللبنانيين الذي بدأ عام 2005 والذي وصل أحيانًا إلى الشارع كما حصل في السابع من أيار 2008، استدعى السعي لعقد جلسات حوار بدأت منذ العام 2006 عندما أطلق رئيس مجلس النواب نبيه بري مبادرة حوارية حدّد فيها نقاط الحوار بثلاث: كشف الحقيقة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري والاغتيالات الأخرى، القرار الدولي الرقم 1559 وملحقاته أي ترسيم الحدود، والاتفاق على ماهية سلاح المقاومة والعلاقة مع سوريا.

عقد مؤتمر الحوار الوطني أولى جلساته في 20 آذار 2006 في مجلس النواب على شكل طاولة مستديرة. امتدت جلسات الحوار أربعة أشهر وتوقفت كلياً مع اندلاع حرب تموز 2006. وفي 25 تشرين الأول 2006، جدّد الرئيس بري مبادرته الحوارية بنسخة “تشاورية” تقوم على دعوة قادة مؤتمر الحوار السابق إلى حوار تشاوري لمدة أسبوعين.

أما المبادرة الحوارية الثانية فكانت في 9 أيلول 2009، أطلقها رئيس الجمهورية ميشال سليمان الدعوة على شكل طاولة حوار وطني.
في 28 أيار 2012، جدّد رئيس الجمهورية ميشال سليمان مبادرته الحوارية أيضا بدعوة رسمية لانعقاد الحوار في 11 حزيران من العام نفسه في مقر رئاسة الجمهورية في بعبدا. وصدر إعلان بعبدا كنتيجة لطاولة الحوار هذه بين هيئة الحوار الوطني اللبناني واذيع البيان واطلقت عليه تسمية «اعلان بعبدا» الذي تنصّل منه حزب الله هذا الاعلان وكانت كلمة النائب محمد رعد الشهيرة: «ان اعلان بعبدا ولد ميتاً ولم يبق منه الا الحبر على الورق».

الحوار

بعد حشد مظاهرة 29 آب المدنيّة المطلبيّة عاد رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة إلى الحوار مجددًا، الذي لم يحقق أي نتيجة في حلّ الأزمات المستفحلة في البلد حتى اليوم، وآخر دعوات بري التي حاول من خلالها إحياء المبادرات هي الدعوة «لثلاثية الحوار» التي انتهت أمس للبحث برئاسة الجمهورية والاتفاق على قانون انتخاب، ولكن ما خرجت به طاولة الحوار لم يكن مفاجئً للبنانيين.

«فحوار الطرشان» كما راق للبنانيين تسميته حال دون تحقيق أي إنجاز محلي، سوى تأكيد المتحاورين استكمال المشاورات حتى الموعد الجديد في الخامس من أيلول بغية التحضير لتأليف ورش عمل أو لجان تعمل على خط قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ وان يحال قانون اللامركزية على اللجان المشتركة!

ومع فشل الحوار يعود سؤال اللبنانيين لماذا العودة إلى حوار بات مصدر ثرثرات ومناكفات لا مصدر حلول وخروج من الأزمات كما يتوجّب؟

المحلل السياسي جوني منيّر رأى في حديث لـ«جنوبية» أنّ «الحوار وعلى الرغم من فشله في الوصول الى اتفاق حول رئاسةجوني منير الجمهورية أو قانون انتخاب جديد، ولكن لا يمكن القول أنّ الأفضل هو عدم انعقاده».

وأضاف منيّر «عندما دعا الرئيس بري الى جلسات حوار ثلاثية كان يعوّل على تطورات اقليمية كانت قد بدأت، إن في سوريا أو في اليمن، ولكن هذه التطورات ما لبثت إن فشلت وأعادت الغموض إلى الأزمات الاقليمية، ولكن على الرغم من عدم الوصول الى أي نتيجة إلاّ أنّ إيجابيات الحوار هو تخفيف الاحتقان في الشارع واستمرار الكلام في المكاتب وعدم تحول الخلافات إلى اختلافات في الشارع».

وتابع منيّر «ومن ايجابيات طاولة الحوار أيضًا اقتراح أفكار وتذليل الخلافات والتحضير للتسوية الاقليمية التي ستشمل لبنان عاجلاً أم آجلاً».

وختم منيّر «انتخاب رئيس للجمهورية كما يشاع أنّه سيكون قبل نهاية العام الحالي مستبعدا، لأنّ هذه الخطوة مبنيّة على التسوية الكبرى التي تنتظر سوريا مع تغيير الادارة الاميركية والتي ستشمل لبنان، وهذا لن يحدث قبل بداية العام الجديد، أمّا السيناريو الثاني لانتخاب رئيس وهو مستبعد حاليًا ايضا، هو حدوث حادث أمني كبير في لبنان يجبر الدول الكبرى للتدخل وحلّ أزمة الرئاسة عبر فرض تسوية لبنانية».

اقرأ أيضاً: رأي في الفكر المتطرّف وعدم قبول الرأي الأخر..

إذًا تبقى أهمية جلسات الحوار مقتصرة على تخفيف الاحتقان في الشارع، وحماية لبنان في أحداث شبيهة مثل السابع من أيار، ولكن هذه المر ستكون واقعتها كارثية ولن تنتهي بيوم أو يومية. أمّا رئاسة الجمهورية فستبقى عالقة الى حين جهوز تسوية اقليمية للمنطقة بأكملها!

السابق
دير شبيغل: مصدر هجمات ألمانيا.. في السعودية!
التالي
عصابة محترفة في سلب الاشخاص الميسورين بقوة السلاح او عبر وسائل احتيالية