جنيد الأسير لدى «النصرة»: خان «الطائفة» ومع «حزب الله»

يظهَر محمد مرعي جنيد في فيديو على “يوتيوب” مع ثلاثة جنود سوريين، أسرتهم “جبهة النصرة” على حاجز الصفا في القلمون الغربي، ضمن مجموعة من 14 أسيراً، تتضارب المعلومات حول مصيرهم، خصوصاً أن “النصرة” أعلنت، الخميس، عن إعدام 12 واحداً منهم. فيما تشير معلومات أخرى إلى إعدام “النصرة” الأسرى جميعهم.
في الفيديو، يناشد جنيد وزملاؤه الجيش السوري و”حزب الله” بألا يدخلا منطقتي هريرة وأفرة (في ريف حلب). “فإذا دخلاهما ستذبحنا جبهة النصرة”.
هذا التسجيل، الذي أرادت من خلاله “النصرة” الضغط على النظام، من أجل تسيير المعارك إلى مصلحتها، أحدث بلبلةً فور انتشاره، وكان وَقْعُه أكبر في ضهر المغر، ولاسيما أن رمزية المنطقة المعادية للنظام، وبعد شراسة المعارك التي شهدتها ضد جبل محسن الموالي له، في الأحداث الفائتة (جبل- تبانة)، لم يجعلها تتقبل فكرة أن أحداً من أبنائها، نظاميٌّ يُقاتل في صفوف الجيش وإلى جانب مليشياته. فمن هو محمد مرعي جنيد؟

ليس لبنانياً
أحدث الخبر بادئ الأمر إلتباساً حول جنسية جنيد وطائفته، وخصوصاً أنه عرّف بنفسه: “أنا من لبنان”. فمحمد ليس لبنانياً علوياً، بل سوري الأصل من قلعة الحصن من الطائفة السنيّة، لكنّه وُلد وعاش في لبنان، ولم يُكمل تحصيله العلمي، فعمل في محلٍ لبيع الحمص والفول في سوق الخياطين، قبل عودته إلى سوريا.

وكانت عائلته المؤلفة من أمٍّ وأبٍ متوفٍ كان يعمل في تصليح الأحذية، وعشرة أولاد هو أصغرهم، نزحت إلى لبنان وعاشت في ضهر المغر، منذ أكثر من 50 سنة، غير أنها لم تحصل على الجنسية اللبنانية على غرار باقي آل جنيد في طرابلس، وفق ما قال عمّه، في حديثٍ إلى “المدن”.

لكن، ثمّة إلتباساً آخر تمحور في نقطتين. الأولى، حول خطّ جنيد السياسي. والثانية، حول كيفية وتوقيت تجنيده في الجيش السوري.

جنيد البالغ من العمر 26 سنة، وهو غير متزوج، يتهمه أبناء المنطقة، بالانتماء إلى “حزب الله”، والعمل لمصلحة النظام السوري، حتّى قبل دخوله الجيش وخوضه معارك القتال. وفي هذا الصدد، يشير أحد أهالي ضهر المغر لـ”المدن”، إلى أن جنيد قبل رحيله إلى سوريا، كان يجاهر بانتمائه إلى “حزب الله”، على اعتبار أنه يدعم نظام الأسد في بلاده، وكان يحلم بالرجوع إلى سوريا من أجل المحاربة في صفوف الجيش.

إقرأ أيضاً: لبنان أسير الفراغ و«حزب الله» محاصر!

ويقول: “لقد خان محمد سُنيّتنا وتوجّه طائفتنا السياسي، وعند تناقل تسجيله على مجموعات الواتساب في المنطقة، شعرنا بوصمة عار لأنه لا يمثل قناعاتنا. وهو اليوم يحصد ثمن ولائه، فلتفعل به جبهة النصرة ما تشاء، لأنّه يستحق”.

كيف جُنّد؟
في مدى أبعد، تبدو رواية تجنيد جنيد هي الأكثر جدلاً وتعارضاً. ففيما يؤكد أحد سكان ضهر المغر، أنه دخل سوريا قبل 3 سنوات، أي بعد أحداث الثورة السورية التي بدأت في العام 2011، بملئ إرادته بواسطة “حزب الله”، ينفي شقيقه خالد هذه الرواية جملةً وتفصيلاً. ويشير في حوارٍ مع “المدن” إلى أن أخاه لا شأن له في السياسة، وأنه لم يكن منتمياً إلى أيّ جهةٍ حزبية كما يُشاع، وإنما عاش حياته في ضهر المغر، بعيداً من المشاكل ولكسب رزقه فقط.

“أمّا في مسألة التجنيد، فكل ما قيل يُوضع في خانة الادعاءات الكاذبة. فأخي محمد، دخل الجيش السوري قبل 8 سنوات أيّ قبل اندلاع الثورة، وكان دخوله بناءً على واجب تأدية الخدمة العسكرية. لكن، وبعد انقضاء مهلة الخدمة، لم يستطع الرجوع إلى لبنان، لاحتجازه من الجيش بسبب حاجته إلى فائضٍ من الجنود أثناء الحرب، وهذا أيضاً خارج عن إرادته”، يقول خالد.

إقرأ أيضاً: ⁠⁠⁠بالفيديو: أسير حزب الله لدى النصرة… بلكنة سورية؟!

يضيف: “لا يوجد أي طريقة تسمح لنا بالتواصل مع محمد والاطمئنان على مصيره، ونحن نخشى من محاولة الاستخبار عن وضع محمد من الجيش السوري، إلا أن المشكلة هي في أنّ السوريين أينما وجدوا بعد الأحداث، يواجهون بالاتهامات ويُعانون من عقدة الذنب”.
في المقابل، لم يجب عم محمد عند سؤاله عن توقيت إلتحاق جنيد بالجيش السوري، ولا عن توجهه السياسي.
تعيش منطقة ضهر المغر، وهي الأفقر في طرابلس، حالةً من الاحتقان والغليان، خصوصاً أنها تميل إلى “جبهة النصرة”، وتعدّ معقلاً خصباً لإفراز الخلايا المتعصبة طائفياً، والتي ترفض وجود من يؤيد “حزب الله” ويحارب إلى جانبه. ما دفع والدة محمد، نسبة للضغط الذي يحيط بها، إلى رفض استقبال أحد أو الإجابة عن أي استفسار حول حياة ابنها.

(المدن)

السابق
الكويت تصدر الحكم بإعدام المتهم في قضية التخابر مع ايران وحزب الله
التالي
قصة المذبوح في حلب لن تغفرها فبركات القاتل …و«جنوبية» توضح وتعتذر‏