بمناسبة عيد ميلادها، قصد صفوان الترفاخي إلى بازار النفط، ليشتري برميلاً من الزيت لزوجته. وسمع إنكليزياً ينادي:
– زيت بحر الشمال، الحلو والخفيف والرخيص…
– بكم البرميل؟. سأله صفوان.
– أثنان وخمسون دولاراً أيها الشاب. وبما أنه هدية عيد ميلاد، فلك منا خصم خاص: واحد وخمسون، بما في ذلك أخذ صورة تذكاربة مع الأمير تشارلز!.
وناوله عيّنة في صحفة من تنك غمس صفوان إصبعه فيها. وفيما حاول تذوّقها، أمسك رجل بيده وقال:
– ما لك يا صاح ولزيت هؤلاء. تعال أذيقك الزيت الليبي العالي الجودة…
– بكم تبيعون البرميل؟.
– حظك اليوم من السماء: إنه ذكرى خلع العقيد القذافي من حكم الجماهيرية، ولدينا بالمناسبة سعر خاص جداً لن يتكرر: فقط خمسون دولاراً. وأحذرك أن بعض زيوت سوانا مغشوش. زيتنا طبيعي مائة بالمائة!.
– شكراً. دعني أرى…
وسمع صفوان أحدهم ينادي:
– هنا الذهب الأسود. ذهب القارة السوداء. زيت نيجيريا. أفضل أنواع الزيت بأبخس الأسعار…
– وأسعاركم؟. سأله صفوان…
– إنه سعر تصفية!. فقط تسعة وأربعون دولاراً للبرميل. يا بلاش. إغتنموا الفرصة…
– سأعود. قال صفوان…
ودلف إلى منتصف البازار، فرأى كويتياً ينادي:
– زيت الكويت… زيت الكويت… فسأل الرجل عن أسعاره:
– ربما تجدها مرتفعة، قال له بصوت منخفض. وهذا يعود أولاً إلى أن زيتنا هو العربي الخفيف الذائع الصيت. تهضمه المعدة بسرعة ولا يسبب الكوليسترول، وثانياً لأننا نبيعه مع حوافز تقديرية…
– وكيف ذلك؟. أراد صفوان أن يعرف…
– تدفع 52 دولاراً للبرميل، إلا أن صندوق التنمية الكويتي، وفي يوم وساعة لا تعرفها، سيدق بابك ويقدم لزوجتك مقلاة فاخرة من التيفال!.
– إنها والله فكرة!. دعني أرى وسأعود إليك…
ورأى صفوان رجلاً يعتمر قبعة واسعة مستديرة يهرع إليه ويمسك بيده:
– أرجوك سينيور، تعال وجرب زيت فنزويلا المعتق، المشهور بزيت شاطىء الكاريبي…
– سمعت أنه أفضل أنواع الزيوت، قال صفوان.
– صدقت سينيور، لقد استخرجناه من البحر بكل عناية. إنه كامل الدسم والأفضل على الإطلاق. يمكنك تصفيته كما تشاء…
– والثمن؟.
– فقط 48 دولاراً!.
– لكن هذا أخفض من تسعيرة أوبك؟. كيف تستطيعون…
– لتذهب أوبك إلى الجحيم، أميغو، لدينا أولاد يتضورون جوعاً في أزقة كاراكاس، وكل ما يهمنا ملء أفواههم!.
وسمع صفوان رجلاً يصيح:
– زيت العراق. ذهب العراق. العراقي الخفيف يا ناس…
– بكم تبيعني البرميل؟. آخر سعر… بادره صفوان.
فوضع الرجل يده فوق كتفه وسأله:
– هل الأخ لبناني؟.
– نعم.
– ماكو مشكلة، آغاتي حبيبي، 45 دولاراً فقط وبتسهيلات خاصة: لا تدفع شيئاً بل ارسل لنا صندوقاً من التفاح!!.