إيران تعيد رسم الحدود بالدماء بفضل حزب الله..القاع مثالاً

كتبت منذ عام مقال بعنوان ” نحن أمام سياسة تغيير ديموغرافي وتقسيم لأجزاء من لبنان وسوريا ”  عن خطة حزب الله للتغيير الديموغرافي في المنطقة، وعن الإمارات الطائفية التي ستتشكل على طول الحدود. المسلسل بدأه الحزب مع تهجير أهالي الطفيل ومن ثم حاول فتح المعركة باتجاه عرسال، لكن وعي أهالي عرسال والتفافهم حول مؤسسة بلادهم العسكرية، وتعاون اللاجئين السوريين مع أهالي عرسال أفشل المخطط يومها.

إقرأ أيضاً: العمليات الإرهابية في القاع: هل هي داعشية أم مخابراتية؟

اليوم، نعود للسياسة ذاتها التي تعمل على تشكيل حدود الدويلة المطلوبة إيرانياً في المنطقة، مع التنبه الى وجود ركائز كثيرة تقف عائقاً في طريق هذه الخطط منها بلدة القاع المنكوبة اليوم. فبلدة القاع اللبنانية اقرب ما تكون إلى مدينة القصير، والتي يجب ان تكون محمية منذ تدخل حزب الله في سوريا كما صرح نصر الله سابقاً، حين قال أنّ تهجير اهالي القصير جرى للحفاظ على امن الحدود اللبنانية السورية وما ادعاه من حماية للبنان بحسب زعمه. الوقائع تشير أنّ الهدف لم يكن ابداً حماية لبنان وفق ما أكدته سلسة التفجيرات التي استهدفت القاع، وتحمل هذه التفجيرات عدة أوجه: منها أن حزب الله على خلاف مع الجيش والمخابرات السورية، بحيث يمكن أن تكون الأيدي المخابراتية على علاقة بالموضوع، بالإضافة إلى أن حزب الله الآن بأمسّ الحاجة لان يعيد خلق التفاف مسيحي من حوله في تلك المنطقة بفعل خسارته لبعض من حاضنته الشعبية نتيجة ما تكبده في حلب وفي اغلب مناطق سورية.

من وراء التفجيرات !!؟سؤال يجب الاجابة عنه..

من المؤكد أنّها ليست داعش! نعم ليست داعش ولاغيرها من الفصائل. لو أنّ هذه الفصائل كانت تود اشعال هذه المنطقة المسالمة في لبنان، لفعلوا منذ زمن. الدليل نجده في خطاب نصرالله بالامس حين اعترف بالهزيمة بحلب ونصر الله هذا يطمح الى أمرين: إما ان يعلن انسحابه من المعارك في سوريا وبنفس الوقت يهجَر اللاجئين السوريين، او أن يشعل لبنان ويورط الجيش في عمق المعركة السورية. لذلك وبعد فشل مشروع حزب الله الارهابي في اسقاط عرسال السنية، حول بوصلته بإتجاه بلدة القاع المسيحية.

على خط موازٍ، يحاول حزب الله نفي تهمة الإرهاب عن نفسه بعد الإتفاق النووي الإيراني-الأميركي، وهو ما كشف حقيقة السياسة الامريكية وغيرها من سياسات دولية و عربية، فاصطنع الحزب ما حصل في القاع تبريراً للتدخل في سوريا ولنفي صفة الارهاب العالقة فيه. أما مخطط ترسيم حدود الدويلة التي يريدها فهي لا تزال قائمةً ويتوقع منها تأمين منفذ إلى البحر المتوسط. فالجغرافيا تشير إلى استحالة حصول هذه الدويلة على مطل بحري بسبب اصطدامه بطرابلس و عكار ذات الغالبية السنية، والتي على أثرها سيضع نفسه في مواجهة مفضوحة مع الطائفة السنية. ولذا لم يبق أمامه سوى الحدود السورية اللبنانية حيث يقوم بتهجير بعض القرى، التي تشكل عقبات في طريق المشروع الإيراني.

إقرأ أيضاً: كيف قدم ارهابيو القاع من الرقة؟ وما كان هدفهم؟

اجتهد الحزب في تهجير أهالي الطفيل، ومن ثم القصير، ومن ثم الزبداني ويبرود وغيرها من القرى الحدودية، والتي يفضل عليها عبارة “عمليات تنظيف” تتيح له صفاء مذهبياً. لم يبق أمامه الآن سوى بلدات لبنانية لا تتفق مع أهوائه الطائفية وبالتحديد عرسال والقاع، إلا أن عرسال إلى الآن أتقنت أصول اللعبة مع حزب الله، بعد محاولات متكررة وفاشلة لجر البلدة وأهلها لمواجهات مع مؤسستهم العسكرية. أما اليوم، وفي القاع اللبناني، فباعتقادي أن الحزب استطاع ان يضرب عبر بعض اذرعه بطريقة دموية بغية دفع أهالي القاع للتهجير، أو القبول بسيطرته على المنطقة والتي قد تفضي لاحقاً الى التهجير أيضاً. بهذه الخطوة يريد الحزب وضع أهل القاع كما قبلهم العراسلة في مواجهة مع جيش بلادهم الذي يحاول قدر الإمكان السيطرة على الوضع. حتى اللحظة، فشل حزب الله في تنفيذ مآربه من تكتيكاته الأمنية المدروسة اذ كان يراد من التفجير الثاني الليلي تبيان أن الجيش غير قادر على حماية أهالي المنطقة، في وقت أن حزب الله هو على أتمّ الاستعداد لحمايتهم من خلال “حشد شعبي” بنسخة لبنانية يندرجون فيه تحت مسميات حماية الأمن الذاتي والذي يرفع من شأن مفهوم الميليشيا ويدفع بالدولة ومؤسساتها نحو المجهول.

الآن إفشال المشروع مرة أخرى يقع على عاتق أهالي القاع الجريحة، بالتفافهم حول مؤسساتهم العسكرية والأمنية، وعدم الانجرار إلى ما أطلق من مسميات، وألا يضعوا أنفسهم في مواجهة مع لاجئين لا حول ولا قوة، هربوا من الموت ولجأوا الى ارضهم الطيبة حيث رُحب بهم باخلاق السيد المسيح عليه السلام.

باعتقادي، القيادات المسيحة في لبنان تتمتع بقدر عالي من الوعي، وستتجنب هذه التجاذبات، والا فان العاقبة ستكون وخيمة على الجميع، بحيث سيتحملون ما جرى لاهل القاع و ما سيجري ان تم تهجيرهم لا سمح الله، أو أرسل شبابهم إلى مواجهات في سوريا ليسوا معنيين فيها. وكلنا ثقة أن الأيام القريبة ستظهر وعي اهل هذه المنطقة، ووقوفها في وجه التغير الديموغرافي الذي تسعى ايران لافتعاله.

(lebanon360)

السابق
ما هو العمل الذي يؤمن لك 250 ألف دولار؟!
التالي
تساؤلات عن تفجيرات القاع: ما علاقة المخابرات؟ وما قصة انسحاب حزب الله قبل الحادثة!