ماذا في «الصندوق الأسود» لانتحاريي لبنان الـ 8؟

تستمرّ في بيروت التحرّيات لفك أسرار «الصندوق الأسود» لواحدة من أكثر العمليات الارهابية هوْلاً ودراماتيكية التي ضربت لبنان أخيراً من بوابة «القاع»، البلدة المسيحية في البقاع الشمالي، الواقعة على تخوم الحدود مع حلبة الصراع الاقليمي الدولي في سورية المشتعلة.

وما زالت الألغاز المرتبطة بالموجتيْن الانتحاريتيْن اللتين هبّتا على القاع يوم الاثنين الماضي، حين باغت 4 انتحاريين فجر البلدة ودهم 4 آخرون ليلها، مدار أخذ وردّ وسط عصف من الاسئلة عن خط سير الانتحاريين وبنك أهدافهم والجهة التي ينتمون اليها.

ورشَح عن التحقيقات الأمنية اللبنانية حتى الآن أن هوية 7 انتحاريين من اصل الثمانية باتت معروفة وهم جاؤوا من الداخل السوري وبينهم امرأة وينتمون الى «داعش» الذي لفت انه، وعلى غير عادة، لم يصدر اي بيان يعلن فيه تبنيه لهذا العمل الارهابي، اضافة الى عدم حسْم اذا كانت بلدة القاع هي المستهدَفة ام انها مجرد ممرّ الى أمكنة اخرى.

وقالت مصادر خبيرة في الشؤون الارهابية لـ «الراي» ان «الوقائع تؤشر الى ان الانتحاريين الثمانية ينتمون الى داعش، وان الهدف كان فعلاً بلدة القاع بغية اصطياد «ثلاثة عصافير بحجر واحد»، اي تهجير أهلها وغالبيتهم من المسيحيين، أخذ تماس مع القرى ذات الغالبية الشيعية وضرب الجيش اللبناني».

إقرأ أيضاً: السلاح الحلال.. والسلاح الحرام: بين القاع وطرابلس!

وفي اعتقاد هذه المصادر ان «داعش أراد ضرْب الوجود المسيحي في القاع للتمدّد في اتجاه هذه المنطقة، مستفيداً من وجود آلاف النازحين السوريين في المخيمات على تخوم البلدة والمعروفة بمشاريع القاع»، مشيرة الى «ان اخذ التماس مع القرى الشيعية يفتح جبهة مثالية يتوق اليها داعش، خصوصاً بعد سلسلة الهزائم التي مني بها في العراق وتحديداً في الأنبار وجنوب الموصل في الشرقاط».

ورأت المصادر الخبيرة في الشؤون الارهابية «ان لبنان يُعتبر واحداً من الأهداف الاستراتيجية لداعش، الذي سيمضي في استهدافه بسبب التنوّع الطائفي في لبنان ولانه من ضمن بلاد الشام التي تضمّه الى سورية والعراق والاردن وفلسطين».

وفي تقدير هذه المصادر ان «العملية الارهابية التي ضربت القاع صباح ومساءً لم تكن محض صدفة، وان أسلوب حمل الأحزمة الناسفة بحقائب على الظهر لم يكن جديداً وسبق ان استُخدم في نحو 20 عملية انتحارية في بغداد، كواحد من الأساليب الأخرى التي يعتمدها داعش، ومن بينها الدراجة المفخخة والستر والأحزمة الناسفة».

إقرأ أيضاً: عكاظ: نواب لبنانيون يحملون «حزب الله» مسؤولية تفجيرات القاع

هذا التقويم للمصادر الخبيرة في شؤون الجماعات الارهابية يتفق في جوانب ويتعارض في جوانب اخرى مع تقديرات متباينة لجهات لبنانية تقارب ما جرى عبر مزيجٍ من المعلوماتيّ والسياسي.

الباحث في شؤون الارهاب العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر فقال لـ «الراي» انه «يخالف كل الكلام الرسمي اللبناني لجهة اعتبار ان الانتحاريين جاؤوا ليفجروا انفسهم في القاع»، موضحاً ان «ما جرى في الصباح يختلف عما حصل في الليل، ففي الليل الانتحاريون الأربعة فجّروا أنفسهم في القاع هذا صحيح، أما صباحاً فبين الأربعة انتحاريّ ربما كان ينتظر تجمّع الناس عندما تشرق الشمس ليفجر نفسه، فيما الثلاثة الاخرون انا مقتنع انهم كانوا ينوون التوجه لأماكن أخرى قد تكون مؤسسة عسكرية او سياحية او منطقة مختلطة او شيعية لم يتمكن الانتحاريون من اختراقها».

ورداً على سؤال من اين اتى الانتحاريون؟ قال: «من الممكن ان يكونوا أتوا من جرود عرسال، فطبيعة الارض تسمح بحيث ان هناك واديا ربما تسللوا منه الى مشاريع القاع فالقاع. واحتمال كبير ان يكونوا من ضمن اللاجئين السوريين الموجودين في مشاريع القاع».

ورأى ان «هناك هدفاً استراتيجياً لما حصل وهو ضرب الامن والاستقرار في لبنان، فيما الهدف التكتيكي لم نعرفه وقد يكون إما استهداف تجمع كبير من الناس او مؤسسة عسكرية او سياحية او وطنية وغيره».

واذ اشار الى ان «أهل القاع وبوسائل بدائية تمكّنوا من كشف الانتحاريين ما دفعهم الى تفجير أنفسهم»، لفت الى ان «التنظيمات الارهابية تفجر انتحارياً مقابل عشرات الضحايا لتوقع أكبر ضرر ممكن»، مشدداً على ان «المؤشرات تبين ان هؤلاء الانتحاريين مبتدئين وليسوا محترفين»، ومعتبراً ان «ما حصل لا يؤشر الى اننا دخلنا مرحلة جديدة، فلبنان كله لا يزال مستهدَفاً وأرضاً للجهاد».

(الراي)

السابق
«كازينو لبنان» والضاحية نجوا من عمليات إرهابية
التالي
العقوبات الأمريكية على حسابات حزب الله.. كيف أوجعته ولماذا؟