«القاع» في مرمى الإرهاب ومخاوف من استهداف العمق اللبناني

تفجير القاع
بين الرابعة فجراً، والعاشرة والنصف ليلاً، أي قرابة 19 ساعة، عاشتها بلدة القاع عند الحدود الشرقية مع سوريا، وعاشها لبنان الرسمي والسياسي والشعبي، وسط أسئلة بالغة الخطورة حول ما اذا كان لبنان وضع فعلاً على الخارطة الدموية الإرهابية الجارية في جواره؟

دشّن الإرهاب بالأمس صفحة سوداء جديدة في سجله الحافل بالجرائم الدموية المتفلتة من قيم الدين والإنسانية، مطلقاً العنان لثمانية من انتحارييه “الانغماسيين” كي يفجروا أنفسهم في بلدة القاع البقاعية حيث عاش الأهالي وعموم اللبنانيين يوماً إرهابياً طويلاً امتد من ساعات الفجر الأولى ولم ينتهِ إلا بعد منتصف الليل حاصداً أرواح 5 شهداء و28 جريحاً.

اقرأ أيضاً: هل «القاع» كانت ممرا ام هدفا لتفجير الارهابيين؟

الجيش يستنفر: البلد مستهدف

أثار الهجوم الارهابي مخاوفَ من ان يكون مقدّمة لما هو اخطر، ليس على مستوى بلدة القاع فحسب، بل على مستوى كل لبنان، الذي أُدخِل اعتبارًا من ليل امس، في العناية الامنية المشدّدة، مع الاستنفار الشامل الذي بدأته القوى العسكرية والأمنية على مستوى كلّ لبنان تحسّباً لأيّ طارئ.

التحقيقات.. خيوط أولية وبحث عن الأهداف المحتملة

كانت الأدلة الجنائية باشرت مسحاً أمنياً وجنائياً ورفع البصمات عن الأرض وعن دراجات نارية كانت قريبة في المكان. كما باشرت فرق التحقيق الكشف على داتا الاتصالات في المنطقة لمعرفة خيوط مهمة في الوقت الذي عملت فيه فرق الصليب الأحمر اللبناني على تقديم الإسعافات الأولية لعدد من المصابين. وتفقد القاضي صقر وقاضي التحقيق العسكري محمد بدران مكان الانفجار وأجريا كشفاً ميدانياً على المكان.

وأكد مرجع عسكري في امتلاك المحققين “خيوطاً” متينة يجري العمل على تتبعها لكشف كامل ملابسات العمليات الانتحارية التي وقعت بالأمس صباحاً ومساءاً في منطقة القاع، لافتاً إلى أنه “تم التأكد من أنّ 3 من الانتحاريين الأربعة الذين فجروا أنفسهم فجراً هم من التابعية السورية”. أمّا الانتحاري الرابع فما زالت الاختبارات مستمرّة لمعرفة هويته.

إلى ذلك، اكّدت مصادر امنية انّ التحقيق العسكري يسير بوتيرة سريعة بهدف إماطة اللثام عن كلّ ما يعتري هذا الهجوم الارهابي وأبعاده. ويركّز التحقيق على ما يلي:

– من أين أتى الارهابيون الى القاع؟

– هل أتوا من مخيّم النازحين السوريين الذي يبعد ثلاثة كيلومترات عن البلدة؟

– هل أتوا من خارج الحدود، أي من داخل سوريا؟

– هل أتوا من مخيّم للنازحين في منطقة لبنانية اخرى، كعرسال مثلاً؟

– لماذا تمركزوا في حديقة المنزل المذكور؟

– كيف وصَلوا إليه؟

– هل كانوا ينتظرون أحداً ما ليقلّهم الى خارج القاع؟ وإنْ صحَّ ذلك، فهل هذا الـ”أحد ما” لبناني أم سوري من النازحين الموجودين في البلدة أم هو من خارجها؟

– من أين أتى الانتحاريون الاربعة الذين نفّذوا العمليات الليلية، أين كانوا مختبئين ومَن كان يؤويهم، ومِن اين استقدموا الدرّاجات النارية ومن سلّمهم إياها وأين تمّ تسليمها وأيّ طريق سلكت تلك الدرّاجات الى القاع؟

القاع

وفي هذا السياق، قالت مصادر عسكرية إنّ المخابرات العسكرية كانت قد وقفَت منذ فترة على معلومات إستخبارية تفيد بتحضيرات للمجموعات الارهابية بالقيام بعمليات إرهابية في بعض المناطق اللبنانية خلال شهر رمضان، وحذّرت من انّ الايام العشرة الاخيرة من شهر الصوم قد تكون الأخطر. وعليه، رفعت الاجهزة العسكرية والامنية من مستوى جهوزيتها في العديد من المناطق اللبنانية وخصوصاً في الضاحية والبقاع، للحؤول دون تحقيق تلك المجموعات لمراميها. كما تلفت المصادر الانتباه الى انّ وجود اربعة انتحاريين دفعةً واحدة وفي مكان واحد، يعني انّهم كانوا بصَدد تنفيذ عملية ارهابية كبيرة، وأمّا المكان المستهدف فيبقى تحديده رهناً بالتحقيق الذي بدأ حولَ هذا الامر.

مع تغيّر وقائع العمليات الانتحارية التي تمّت على دفعتين، والتي شارك فيها ما لا يقل عن عشرة إنتحاريين، فجّر ثمانية منهم أنفسهم، وألقي القبض على خامس، فيما توارى واحد عن الأنظار، تبدّلت صورة الأهداف المتوقعة أو المحددة من وراء هذه الهجمات التي يُعتقد أن القسم الأكبر من الإنتحاريين هم من المسلحين السوريين، من دون أن يتبيّن بعد من أن يكونوا دخلوا من ما وراء الحدود أو أن يكونوا في عداد النازحين:

– تبيّن أن المجموعة الأولى كانت تنتظر دوريات الجيش اللبناني أو جنوده لتفجير أنفسهم بهم، وإيقاع العدد الأكبر من الخسائر، في جريمة شبيهة بما حدث على الحدود الأردنية قبل أقل من أسبوع.

– دلّت معطيات الهجمات ليلاً على أن الكنيسة هناك ربما كانت مستهدفة أيضاً. وفي مطلق الأحوال، فإن تفجير بعض الإنتحاريين أنفسهم بالمدنيين المسالمين، أو الذين تجمعوا في أماكن التفجيرات لألحاق خسائر بأكبر عدد منهم، بغية إرهابهم وترويعهم.

– حسمت تفجيرات الليل الاحتمالات التي جرى تداولها صباحاً، وأكدت أن بلدة القاع الحدودية المسيحية، كانت هي المستهدفة، لأسباب تتعلق بأحد إحتمالين: إما لترويع أهل البلدة وحملهم على النزوح عنها، أو لإلحاق خسائر في الوحدات العسكرية، تمهيداً لإحداث خرق على الأرض، وفتح جبهة حدودية مع لبنان، على خط النار المشار إليه، بأهداف تتعلق بمجريات المواجهة في حلب وأرياف دمشق والرقة ودير الزور.

اقرأ أيضاً: بعد التفجيرات المسائية…لماذا القاع؟!

– الضغط على لبنان لتخفيف الضغط عن الداخل السوري، وقطع طرق الإمداد بعد فتح جبهة من نافدة حدودية رخوة، في مربع القرى الحدودية التي تعتبر القاع باعتبارها بلدة مسيحية، «لقمة سائغة» في هذا المخطط الإرهابي المشبوه.

السابق
إجتماع أمني في اليرزة ضم المشنوق وقهوجي واللواء ابراهيم واللواء بصبوص
التالي
السفير الروسي في سوريا: لا أتوقع هجوما للجيش السوري على حلب وتحرير الرقة في المستقبل القريب