عيب أن يموت الأب وأطفاله صغار…

منذ بضع سنوات أدركت أنّ هناك عيداً للأباء، لا أدري إن كان العيد قديماً أو Trend مستحدث من قبل رواد التواصل الاجتماعي، أو ربما عرفت به بعد أن رُزق أخي بالجميلة ميا فلم أعتد على كلمة “بابا”، ربما لم ألفظها بحياتي كلّها، إنّها ثقيلة، ثقيلة جداً تذكّرني بتوزيع الشهادة أو دفتر العلامات الذي كان من الواجب أن أعيده في اليوم التالي ممهوراً بتوقيع الوالدين…

يا “وقعتي السخنة”: كيف علي أن أطلب من أمي أن توقّع على دفتر العلامات، وبأن تجعل أبي، المتوفي، يوقّع أيضاً؟ كيف عليّ أن أضع أمي في ذلك الموقف الحرج، كلانا لم يعترف للثاني بأن أبي قد رحل، فعدم وجوده في البيت هو يقين لنا بأنه غائب، عظيم لأكذب اذاً: انه غائب، لم يمت، سافر: “سافر يشتغل برّا، تيجبلنا مصاري”، هذه الكذبة التي كنت أرددها على مسامع أصدقاء المدرسة، لأنه، بالنسبة لي، لم أتصالح مع هذه الفكرة، “عيب” أن يموت الأب واطفاله صغار، الأب والأم لا يموتان الا عندما يصبح الأولاد كباراً: أليست هذه سيرورة الحياة؟
كبرت ولا زلت أشعر بهذه الفوبيا، الكلمة ما زالت ثقيلة جداً على لساني.

السابق
هل تتبنى جولة الحوار الوطني مبادرة برّي؟
التالي
إسرائيل وروسيا… أكثر من تفاهم… أقل من تحالف