إسرائيل دولة فاشية

هل تحولت إسرائيل في السنة الـ68 لقيامها الى دولة فاشية؟ هذه التهمة ليس مصدرها اليسار الإسرائيلي، ولا الأقلية العربية التي تعاني الاقصاء في إسرائيل، ولا الفلسطينيون المحاصرون في غزة أو الذين يعيشون تحت رقابة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، بل هي صادرة عن نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يائير غولان الذي قال في خطاب له في ذكرى المحرقة النازية إن إسرائيل تشهد مظاهر مقلقة جداً تشبه تلك التي شهدتها ألمانيا النازية، الأمر الذي أثار عاصفة انتقادات من اليمين الإسرائيلي وصلت الى حد المطالبة باقالة غولان من منصبه.
إسرائيل دولة استعمارية نشأت على دمار المجتمع الفلسطيني ونهب أراضيه، وهي لم تكن يوماً بحسب مزاعم الصهيونية دولة “يهودية ديموقراطية وليبيرالية”. ولكن منذ عام 2009 تاريخ وصول بنيامين نتنياهو إلى الحكم وسيطرة اليمين القومي المتطرف باتت، الى جانب كونها الدولة ربما الاخيرة في العالم التي لا تزال تحتل شعباً آخر، دولة عنصرية متشددة. وتلاشت شيئاً فشيئاً ادعاءات الديموقراطية والليبيرالية أمام الهجمة الشرسة لأحزاب اليمين التي تسعى بشتى الوسائل القانونية وغير القانونية الى جعل إسرائيل دولة اليهود النقية من دون اختلاط وذات ايديولوجيا يمينية شوفينية.

اقرأ ايضًا: إسرائيل عن تحذيرات نصرالله: لا نتعامل معها باسترخاء
ومن أبرز الأمثلة على ذلك الحرب الشعواء التي يشنها اليمين الإسرائيلي على التمثيل العربي في الكنيست سواء من خلال رفع نسبة الحسم أي زيادة عدد الاصوات التي يجب ان تحصل عليها اللائحة للفوز في الانتخابات، أو من خلال قانون الاقصاء لأي عضو كنيست يتخذ مواقف تتعارض مع سياسة الحكومة، مما يقضي على الادعاء ان إسرائيل دولة ديموقراطية. أما الهجمة العنيفة على أحزاب اليسار الإسرائيلي واتهامها بأنها تعرض مصالح إسرائيل للخطر من خلال دعوتها الى انهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية، وعلى الجمعيات غير الحكومية والمنظمات المدافعة عن حقوق الانسان وفرض قيود على تمويلها وعلى تحركها وعلى أفرادها، فهي بمثابة توجيه ضربة قاضية الى الادعاءات أن إسرائيل دولة ليبيرالية وتعددية. وقد وصل التطرف والشوفينية الى حد تخوين كل يهودي ذي رأي آخر أومختلف.
من المفارقات التاريخية أن إسرائيل التي ولدت نتيجة المحرقة وجرائم النازية، تتحول حالياً في ظل حكم اليمين الى نظام فاشي لا يعادي الفلسطينيين والعرب فحسب، بل شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي نفسه الذي يختلف في مواقفه معه.
بعد نكبة فلسطين والحروب الإسرائيلية – العربية والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، تحولت صورة اليهودي الضحية الى صورة اليهودي الجلاد، وها هي اليوم تتحول الى صورة اليهودي الفاشي بشهادة من الإسرائيليين أنفسهم.

(النهار)

السابق
هل توقعت جنوبية الاعلان عن اغتيال مصطفى بدر الدين
التالي
المجازر السورية ورمادية واشنطن وموسكو