قل كلمتك وامش.. بلدية بيروت الجديدة

كامل مروة

[…] ماذا يستطيع المجلس البلدي الجديد في بيروت أن يفعل؟
إننا نجزم مقدماً، بأنه لن يكون أكثر حظاً وإنتاجاً من سواه، ما دام نظام البلدية على حاله. فالعّلة لم تكن دوماً في الأشخاص، وإنما تكمن أيضاً في هذا النظام العجيب الغريب الذي جعل البلدية مؤلفة من شطرين، أحدهما اسمه المجلس البلدي، والآخر اسمه المحافظ. والاثنان يخضعان في النهاية لوزارة الداخلية، أي لموظفين أدنى من مقام البلدية بأشواط. وكانت نتيجة هذا التشابك تحويل المجلس البلدي والمحافظة إلى أصفار على يسار أصفار أخرى في وزارة الداخلية!

إقرأ أيضًا: كامل مروه… ضحية الحرب الباردة العربية
إن أول ما يقتضيه منطق الإنتاج، هو إلغاء أحد المنصبين: إما منصب رئيس البلدية أو منصب المحافظ، وتسليم جميع الصلاحيات إلى أحدهما. وإلى جانب ذلك ينبغي تحرير العمل البلدي من رقّ الاجراءات الطويلة في وزارة الداخلية، حتى يصبح في إمكان المجلس البلدي الانطلاق في تدارك ما فات بسرعة.

ولقد حرص نواب بيروت حرصاً متناهياً منذ القدم، على أن تكون مفاتيح البلدية والمحافظة أدوات طيّعة في أيديهم، يستخدمونها في خدمة الزلم والأعوان، على اعتبار أن استخدام النفوذ السياسي فيها من أكبر دعامات الزعامة عند الكثيرين منهم.

إقرأ أيضًا: في خمسينية الصحافي كامل مروة 1966-1915
وكلما كان جهاز البلدية والمحافظة ركيك النسيج، ازداد رزوحه تحت ضغط المتنفذين. وإذا لم تؤخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار في تشكيل المجلس البلدي الآتي، بحيث يتألف من عناصر تعرف كيف تقول كلمة “لا” حيث ينبغي، فإننا لا نرى أملاً في إصلاح شؤوننا البلدية!

(افتتاحية كامل مروة في جريدة “الحياة” – يوم السبت 24 كانون الأول 1960)

السابق
القارة الإسلامية تنفجر (5): الحضارة الاسلامية بين الحوار أو الانتحار
التالي
ممثل مصري يسخر من حلب ومن مجزرتها.. بطريقة مزرية‏