من الهدنة إلى تغيير نظام الأسد

“نجاح الاتفاق الأميركي – الروسي في تحقيق اختراق في مسار الصراع السوري ليس مرتبطاً فقط بوقف الأعمال العدائية بين نظام الرئيس بشار الأسد وقوى المعارضة المعتدلة، بل انه مرتبط أيضاً وخصوصاً بانطلاق المفاوضات السياسية مجدداً في جنيف من أجل تشكيل هيئة حكم انتقالي تضم ممثلين للنظام والمعارضة وتمارس السلطات التنفيذية الكاملة وتتخذ خطوات وإجراءات محدّدة تؤدّي الى قيام نظام جديد تعددي في سوريا. وهذه أهميته. والاتفاق الأميركي – الروسي سينهار وتتواصل الحرب اذا امتنع النظام عن تطبيق شروط الهدنة وعارض تشكيل هيئة الحكم الانتقالي وتمسّك بموقفه الرافض لانتقال السلطة الى نظام جديد”. هذا ما حذّر منه مسؤول أوروبي بارز في باريس وثيق الصلة بهذه القضية، وقال: “إن القيادة الروسية تدرك هذا الواقع وإن أميركا والدول الحليفة لها متفقة على ضرورة رفض الاكتفاء بوقف الأعمال العدائية بل أنها تتمسك بموقفها القائل إن إنهاء الحرب وإحلال السلام يتطلبان رحيل الأسد وتريد اغتنام الهدنة من أجل الاسراع في تنفيذ الحل السياسي للأزمة الأمر الذي يتطلب إنجاز الخطوة الأساسية الأولى المتفق عليها دولياً وإقليمياً على أوسع نطاق، وهي تشكيل هيئة الحكم الانتقالي تمهيداً للانتقال تدريجاً الى مرحلة السلام والاستقرار والبناء. وترى أميركا والدول الحليفة لها أن المطلوب من القيادة الروسية الضغط على نظام الأسد من أجل احترام الهدنة ودفعه الى التفاوض جدياً مع المعارضة من أجل تشكيل هيئة الحكم الانتقالي. وقد نصّ هذا الاتفاق بوضوح على أن أميركا وروسيا “عازمتان على تقديم أقوى دعم لإنهاء النزاع السوري وتهيئة الظروف لعملية انتقال سياسي ناجحة يقودها السوريون بتيسير من الأمم المتحدة، من أجل التنفيذ الكامل لبيان ميونيخ وقرار مجلس الأمن الرقم 2254 وتفاهمات فيينا وبيان جنيف للعام 2012 “وهي نصوص تشدّد كلها على أن الحل السياسي يتطلب الانتقال الى نظام جديد تعددي وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي ذات السلطات التنفيذية الكاملة”.

اقرأ ايضًا: هل يكون مصير سورية كمصير المانيا؟

ولاحظ المسؤول الأوروبي أن الاتفاق الأميركي – الروسي يتضمن مطالب ومسائل تتناقض وتتعارض مع مطالب الأسد ومواقفه، أبرزها الآتية:
أولاً، يكرّس الاتفاق المعارضة المعتدلة طرفاً أساسياً وشريكاً ضرورياً في عملية انهاء النزاع ويرفض موقف الأسد المطالب بالتعامل معها على أساس أنها قوى إرهابية، ويميّز بينها وبين “داعش” و”النصرة” غير المشمولين بالهدنة، ويسمح لأميركا والدول الحليفة لها من جهة ولروسيا والنظام من جهة أخرى بمواصلة الحرب ضد هذين التنظيمين الإرهابيين.
ثانياً، يلزم الاتفاق بوضوح نظام الأسد التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الرقم 2254 الذي يطلب نقل السلطة الى نظام جديد وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي.
ثالثاً، يسحب هذا الاتفاق من الأسد صلاحية مواصلة القتال فترة طويلة أخرى ضد المعارضين وصلاحية انهاء الحرب استناداً الى مطالبه وشروطه، اذ انه يفرض وقف الأعمال العدائية على النظام والمعارضة على أساس أن يتحقق ذلك ليس في إشراف روسيا وحدها بل تحت سلطة مجموعة عمل دولية ترئسها أميركا وروسيا، من أجل ضمان عدم استهداف المعارضة المعتدلة بعد بدء الهدنة. وينص الاتفاق على إمكان استخدام القوة ضد أي طرف ينتهك بنوده.
رابعاً، يسحب الاتفاق من الأسد ورقة استخدام سياسة التجويع والحصار ضد المعارضين المدنيين وورقة شنّ الغارات الجوية عليهم، إذ أنه ينص على أن الهدنة تشمل وقف الغارات الجوية على قوى المعارضة.
خامساً، يرفض الاتفاق مطلب الأسد وقف دعم المعارضة ضمن نطاق الهدنة اذ انه لم يتضمن اي نص يطلب وقف تسليح المعارضة ودعمها، بل انه منح المعارضة حق الدفاع عن النفس واستخدام القوة اذا تعرّضت لتهديد مباشر من قوات النظام أو أي جهة أخرى.
وقد تبنّى مجلس الأمن بالإجماع في القرار 2268 الاتفاق الأميركي – الروسي ومنحه شرعية دولية وطالب خصوصاً “بالتنفيذ الكامل والفوري للقرار 2254” الذي يطلب انتقال السلطة الى نظام جديد من أجل انهاء النزاع السوري.
وخلص المسؤول الأوروبي الى القول “إن الإدارة الأميركية حذّرت القيادة الروسية رسمياً من أن انهيار الاتفاق سيفجّر القتال على نطاق أوسع ويهدد بتقسيم سوريا وتفكيكها ولن يسمح للروس بتحقيق أي مكاسب أو بضمان مصالحهم وسيدفع أميركا وحلفاءها الى تعزيز الدعم للمعارضة بهدف تصعيد القتال ضد النظام”.

(النهار)

السابق
الثورة السورية لم تتحول إلى حرب
التالي
بسبب تصنيف «حزب الله» منظمة ارهابية: إيران تهدد