أخطر ما كشفه نصرالله

منذ بداية العام 2016 والصحافة الاسرائيلية منشغلة بامكانية فرض حرب جديدة على غزة أو لبنان، وأعاد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله الحديث عن تلك التحليلات الاسرائيلية في خطابه الأخير ليأتي بمثابة الرد على كل التهديدات، مستخدماً النبرة نفسها، لكنها المرة الأولى التي يتحدث فيها عن قدرات هجومية.

الاسرائيليون بطبيعتهم يعيشون يوميا احتمالات وقوع الحرب ولا هواجس لديهم سواها، ومنذ حرب تموز 2006 والصحافة الاسرائيلية تتناول موضوع الحرب الثالثة، إلا أنه بات أكيداً بالنسبة إلى المراقبين أن امكانية فرض معركة جديدة بين “حزب الله” واسرائيل في الوقت الحالي غير واردة، وفق قاعدة: “العرب يقاتلون بعضهم… فملماذ نتعب أنفسنا؟”.

وفي بداية السنة، أطلّ رئيس عمليات الجيش الإسرائيلي السابق الجنرال جيورا إيلاند ليؤكد أن احتمالات الحرب مع حزب الله مازالت متدنية بعض الشيء بسبب انخراط حزب الله ومقاتليه في الحرب الدائرة في #سوريا”، لكنه أكد أن “إسرائيل” لديها خطة متكاملة لمواجهة حزب الله، وأنه وضعها بنفسه خلال وجوده في هيئة العمليات، مشترطاً أن يتم تنفيذها في شكل كامل، وتقضي بتدمير لبنان تدميراً تاماً عن طريق السلاح الجوي “الإسرائيلي” حتى لا يتبقى لحزب الله أي شعبية، إلا أن هذه النظرية وفق المطلعين على حال اسرائيل ليست جديدة، فهي نظرية “شارون” الذي تحدث عن استهداف المباني الحكومية ومرافق الدولة وعدم اقتصار الضربات على أهداف لـ”حزب الله”.

اقرأ أيضًا: عن مذهبية السيد حسن .. و «سنيّتي»

استهل هذا العام في اسرائيل بمناورة عسكرية واسعة للجيش الاسرائيلي، أجريت على مدار أسبوعين، حاكت سيناريو دخول إسرائيل في حرب على الجبهتين السوريّة واللبنانيّة، وفق ما ذكرت وسائل الاعلام الاسرائيلية، كما كشف موقع “والا” الإخباريّ العبري، عن أن “اسرائيل” باتت مستعدة لمواجهة عسكرية مع “حزب الله” و”حركة حماس”. ووسط انشغال “حزب الله” بمساندة النظام السوري وغرق العالم بقضية الارهاب الذي لم يطل اسرائيل، هل تفعلها اسرائيل وتطلق حربها الثالثة؟ وهل يبحث “حزب الله” عن معركة جديدة؟ وماذا عن القدرات الهجومية التي تحدث عنها السيد نصر الله؟

بالنسبة الى العميد المتقاعد أمين حطيط فإن اسرائيل بحاجة إلى ثلاثة شروط لتقوم بأي حرب وهي: “الطمأنينة في تحقيق الانتصار، القدرة على احتواء رد فعل العدو على المجتمع الاسرائيلي، القدرة على صرف نتائج الحرب الميدانية سياسياً”، مشدداً على أن “الشروط الثلاثة غير متوافرة في الوقت الحالي”.
وبالنسبة إلى الشرط الأول وهو تأمين الانتصار يقول حطيط لـ”النهار”: “في حرب العام 2006 لم تستطع#اسرائيل أن تنتصر، وهي نفسها من اعترفت أن قدرات حزب الله باتت عشرة أضعاف عما كانت عليه في الحرب الاخيرة”. وأضاء على أخطر ما ذكره نصر الله في خطابه بالأمس من اعلان عن قدرات هجومية ومراكز استراتيجية في مرمى سلاحه.
لم يتحدث سابقاً نصر الله عن قدرة هجومية بل كانت تقتصر عن الافتخار بالقدرة الدفاعية، ويوضح حطيط أن “المكوّن العسكري الذي يملك قدرات هجومية يعني أنه لا يملك القدرات الصاروخية الدفاعية فحسب بل لديه وسائل هجومية تمكنه من القدرة على اجتياز الحدود والتأثير عليها”. أما عن المؤشر المهم في حديث نصر الله عن مراكز استراتيجية في مرمى الحزب كحاويات الأمونيوم، ويقول حطيط: “السيد نصر الله تحدث عن دقة في الاصابة لهذه الحاويات ونتيجة ذلك تشابه تأثير القنبلة النووية”.
ما كشف عنه نصر الله دفع حطيط الى القول أن “حزب الله انتقل من مستوى الردع الميداني إلى الردع الاستراتيجي. وأن تاريخ 16 شباط 2016 هو بالغ الاهمية في مسار المقاومة لانها اعلنت انها باتت تملك سلاحاً ردعياً استراتيجياً”. كما ردّ نصر الله على معادلة “الضاحية الشاملة” التي تتحدث عن تدمير لبنان وكأنه الضاحية بنظرية عكا وامكانية تفجير حاويات غاز الأمونيا”.
بالنسبة إلى العميد المتقاعد خليل الحلو، فإن خطاب نصر الله  استهدف “شد عصب الجمهور وهو ليس جديداً”، معتبراً أن “الحديث عن تدمير اسرائيل يندرج ضمن اطار المزايدات، فحرب غزة الأخيرة بين تل ابيب وحماس توضح أن مئات الصواريخ التي اطلقت من غزة لم تؤد إلى تدمير اسرائيل، خصوصا بفعل القبة الحديدة والردع الصاورخي”، وفي رأ] الحلو “يستطيع أن يصل حزب الله بصواريخه إلى اسرائيل لكنها ستؤذي ولن تدمر، وما يخيف الجيش الاسرائيلي يتمثل في صواريخ فاتح 110، وقد حاول حزب التزوّد بها لكن اسرائيل ضربت القوافل التي تنقلها وفق ما  ذكرت”.

ويوضح أن “صواريخ فاتح 110 تتميّز بسرعة كبيرة ووقود صلب أي جاهزة للاطلاق، ويكون تجهيزها سريعاً وسرعة الصاروخ تفوق سرعة الصوت بـ 4 او 5 مرات، وإذا اطلق الصاروخ من لبنان باتجاه اسرائيل فسيصل إلى هدفه خلال 3 أو 4 دقائق”، ويضيف: “في حال امتلك الحزب هذه الصاروخ فمن الممكن القول إنه يستطيع احداث الضرر باسرائيل، أما صواريخ الحزب القديمة فوقودها سائل يعني انها تحتاج إلى الوقت لاطلاقها كتعبئة وقودها السائل ويمكن في هذا الوقت أن تكشفها اسرئيل وتدمرها كما حصل في تموز 2006”. ويؤكد أنه لا يمكن الحديث عن تدمير اسرائيل ويقول: “الروس يطلقون يوميا اطنان القنابل على الثوار السوريين في الشمال وبعد 4 اشهر استطاعوا أن يحققوا تقدماً مع قوة برية”.

اقرأ أيضًا: القنبلة النووية في خطاب السيّد… سكر فيها الجمهور المقاوم! حسن حمود 17 فبراير، 2016

حرب جديدة

وفي شأن امكانية اندلاع حرب جديدة بين اسرائيل و”حزب الله”، يقول الحلو: “حزب الله لديه معركة طويلة في سوريا بالكاد يغطيها ولا اعتقد أن لديه الحماسة ليفتح جبهة ثانية مع اسرائيل، أما الاخيرة فانا مقتنع أنها لن تقوم حالياً بحرب على لبنان، فالسؤال ما الهدف من حرب على لبنان؟ خصوصاً أن القدرات الموجودة لدى حزب الله اليوم موجهة باكملها الى الداخل السوري ما يعني انها بعيدة عن اسرائيل”.
وبالنسبة إلى اسرائيل “المطلوب من حزب الله أن يلتزم القرار 1701 وهذا ما يفعله وعندما يرد على اسرائيل يستخدم مزارع شبعا، والمطلب الثاني ألا يفتح جبهة جديدة في الجولان، وثالثاً ألا يصل السلاح إلى حزب الله من سوريا وممنوع الاستفادة باسلحة تؤذي اسرائيل “.
ما يمكن أن يؤدي إلى اجتياح او حرب، في رأي الحلو، “يكمن في حال قام الحزب بمخالفة 1701 وشنّ عمليات نوعية من داخل الاراضي اللبنانية وحينها يمكن أن نخاف… لكن السيد نصر الله يدرك تماما أن لا حرب في الوقت الحالي وهو محنك سياسيا ويدرك ان خطابه لن يصعد بينه وبين الدولة العبرية”.
ولا يستبعد الحلو أن يكون قد وصل إلى حزب الله عبر سوريا “صواريخ فاتح 110، او بحرية كالتي استهدفوا فيها البارجة الاسرائيلية او صواريخ سام – 22 المضادة للطائرات المتطورة، لكن لا يمكننا معرفة ذلك، فنقلها من سوريا إلى هنا ليس سهلاً وقد يستطيع تهريب جزءاً إلى لبنان”.
خلاصة القول بالنسبة إلى العميد حطيط أن “حزب الله لا يسعى إلى حرب مع اسرائيل وهمه امتلاك القدرة الردعية التي تمنع الحرب على لبنان، وهو معني بأن يبقى لبنان مستقراً وآمناً، لكن إذا فرضت الحرب على حزب الله فإن الأخير جاهز للمواجهة ولمنع اسرائيل من تحقيق أهدافها وجاهز للهجوم ولأن تدفع اسرائيل ثمناً باهظاً وكلفة عالية مقابل عدوانها، وإذا فرضت الحرب ستكون اسرائيل المبادرة لأن حزب الله لن يبادر في الهجوم على فلسطين المحتلة”.

(النهار)

السابق
اسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الخميس في 18 شباط 2016
التالي
السعودية وتركيا معركة وجودية!